• ×

قائمة

Rss قاريء

"جبل رضوى" يرسم العلاقات السعودية المصرية وخريطة الجامعة العربية

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
متابعات - نبراس 

شهد جبل رضوى في شمال غرب المملكة، أول لقاءً تاريخيًا جمع الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - تغمده الله بواسع رحمته - بالملك فاروق ملك مصر، عام 1364هـ الموافق 1954م ، تم خلاله وضع السياسة الثابتة لمستقبل العلاقات الثنائية بين المملكة ومصر.

ويأتي ذلك اللقاء ضمن إطار الإستراتيجية السياسية للملك عبدالعزيز - رحمه الله - الرامية إلى وضع أسس قوية وواضحة لتقوية علاقات المملكة بالدول العربية بوصف الاتحاد بين تلك الدول هو الأساس القوي الذي سيقف بوجه المطامع الاستعمارية في ذلك الوقت، وأصدرت المملكة أربعة طوابع بريدية عن هذا اللقاء التاريخي.
وانطلقت فكرة لقاء رضوى من اهتمام الملك عبدالعزيز والملك فاروق بوحدة الصف العربي، ودعم محاولات تأسيس الجامعة العربية التي كانت تراوح مكانها رغم توقيع بروتوكول الإسكندرية الذي لم يجد ترحيبا حينها من الملك عبدالعزيز - رحمه الله - فرأى الملك فاروق أن الحل في ذلك يكمن في لقاء يعقده مع الملك عبدالعزيز الذي كان محط إعجابه وثنائه، حسبما ذكر أستاذ التاريخ السياسي في جامعة القصيم عضو الجمعية السعودية للعلوم السياسية الدكتور خليفة بن عبدالرحمن المسعود.
وقال الدكتور خليقة المسعود : إنه تم اختيار سفح جبل رضوى لعقد لقاء الملك عبد العزيز والملك فاروق، بسبب ما يتميز به الموقع من طبيعة خلابة كالرياض، والخضرة، ووفرة الماء، وجمال الشاطئ القريب من خليج رضوى على البحر الأحمر.
وأوضح في حديثه لوكالة الأنباء السعودية أن موقع ينبع كميناء تاريخي شهير يربط مصر بالجزيرة العربية، ساهم في اختيار ذلك الموقع للقاء الملوك، إذ كانت ينبع أقرب ميناء فعلي ترسو فيه السفينة القادمة من مصر والمقلة للملك فاروق، مقارنة بميناء جدة التي قد لا تكون المكان المناسب للقاء في ظل ما تشهده من زخم إعلامي ووجود دبلوماسي مكثف من شأنه الكشف عن تفاصيل اللقاء وإثارة اهتمام قناصل الدول وممثليها, وهو ما يتحاشاه كل من الملك عبد العزيز والملك فاروق اللذين حرصا على إحاطة تفاصيل اللقاء بالسرية.
وأشار أن سفح رضوى تحول إلى مدينة متكاملة من الخيام بسرادقات الجلوس والنوم ،والمقاعد الفخمة, وشبكة من المياه والإضاءة تحت إشراف عدد من المهندسين المختصين, وتم إنجاز ذلك في فترة قياسية لم تتجاوز ثلاثة أيام، حيث عهد الملك عبد العزيز إلى وزير ماليته عبد الله السليمان الحمدان، الإشراف المباشر على إنشاء المخيم وتوفير كل احتياجاته.
وقال الدكتور خليفة المسعود إن الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - كلّف الإذاعة السعودية بالتغطية الإعلامية لفعاليات اللقاء بمختلف اللغات طوال أيام زيارة الملك فاروق, وأقيم في المخيم مركز إعلامي أشرف عليه : عبد الله بالخير، وأحمد عبد الجبار، ومحمد النفيسي.
وأكد أن الملك عبد العزيز حرص على متابعة تجهيز موقع رضوى بنفسه حيث غادر مكة المكرمة متجهاً إلى هناك يوم السبت السادس من صفر 1364هـ / 20 يناير 1945م مروراً بجدة, يرافقه إخوته الأمراء عبد الله، ومساعد، وسعد، وأبنائه الأمراء : فيصل، ومحمد، وسعد، ومنصور، وفهد، وبندر، ومشعل، ومساعد، وعبد المحسن، وسلطان، ومتعب، وطلال، ومشاري، وبدر، ونواف، وتركي، وسلمان، وماجد، وحفيده عبدالله بن فيصل بن عبدالعزيز.
وفور وصول الملك فاروق إلى ميناء ينبع صباح الأربعاء العاشر من صفر 1364هـ / 24 يناير 1945م، استقبله الملك عبد العزيز، لتبدأ بعدها فعاليات الحفل الرسمي للاستقبال التي استمرت أربعة أيام متتالية، وغادر الملك فاروق المملكة يوم الأحد 14صفر/ 29 يناير, فيما غادر الملك عبدالعزيز صباح اليوم التالي جبل رضوى متوجها إلى مكة المكرمة مروراً بجدة.
وعن أهمية اللقاء، قال الدكتور خليفة المسعود : إنه أحدث نقلة تاريخية في مستوى العلاقات السعودية المصرية حيث تم تذليل الصعاب التي اعترضت تطورها وتحسنها، وطوى الطرفان صفحة من توتر شاب علاقاتهما فترة من الزمن, وتبعاً للتطور في علاقات البلدين حيث كانت المملكة من أكبر الدول تأييداً ودعما لمسيرة نماء مصر مادياً وسياسياً.
وأفاد أن الملك عبد العزيز بدأ في تقديم دعمه المادي لمصر بعد زيارته الرسمي لها سنة 1365هـ / 1946م، حيث أمر بتقديم معونة سنوية قدرها مليون جنيه إسترليني لمصر، واستقطبت المملكة الكثير من الفنيين والمعلمين والمستشارين المصريين لتدريب البعثات العسكرية السعودية.
وأشار الدكتور خليفة المسعود إلى أن الزيارات المتبادلة بين قيادتي البلدين استمرت بعد لقاء رضوى، حيث قام الملك فاروق بزيارة شخصية ودية للمملكة في 14 شوال 1364هـ سبتمبر 1945م استمرت يومين، تلا ذلك قيام الملك عبد العزيز بزيارة خاصة إلى مصر تلبية لدعوة تلقاها من الملك فاروق، وكانت تلك الزيارة من أولويات الملك عبد العزيز بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية رغبة منه في أن يخص الملك فاروق بزيارة لم يرغب أن تتم على عجل إبان رحلته السابقة إلى مصر للقاء روزفلت وتشرشل، فجاءت هذه الزيارة بعد عام واحد من تلقيه الدعوة في رضوى إذ غادر جدة في طريقه إلى مصر يوم الاثنين 4 صفر 1365هـ / 6 يناير 1946م في زيارة استغرقت 12يوماً شهدت أنشطة عديدة.
وأفاد أنه جمع معلومات هذا اللقاء في دراسة بحثية أجراها بعنوان ( لقاء رضوى.. وأثره على الأوضاع السياسية في العالم العربي) ورصدتها دارة الملك عبدالعزيز في كتاب ضم لإصدارتها التوثيقية عن حياة الملك عبدالعزيز - رحمه الله - .
ولفت الدكتور خليفة المسعود النظر إلى أنه بعد لقاء رضوى اتضحت الرؤى بين الملك عبد العزيز والملك فاروق تجاه الجامعة العربية، وبدأت الخطوات الجدية نحو انضمام المملكة إليها ودعمها حيث وضع النقاش فيها ضمن برنامج مباحثات اللقاء، بعد أن وافق الملك عبد العزيز على بروتوكول الإسكندرية ، وتطابقت وجهات النظر بينه وبين والملك فاروق تجاه مشروع الجامعة العربية فتمخض اللقاء عن موافقته بشكل نهائي على الانضمام للجامعة العربية .
وذكر أن الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه - حرص من خلال مقترحاته تجاه الجامعة العربية بأن يكون ضمن ما يتفق عليه بين الدول المؤسسة الالتزام بالدفاع المشترك عن فلسطين، وتطابقت الرؤى تماماً بينه وبين الملك فاروق بهذا الخصوص.
وتقديرا لمكانة هذا اللقاء التاريخي، فقد أصدرت المملكة أربعة طوابع بريدية عن هذا اللقاء من فئة ( 10 ، و 5، و 3 قروش، وفئة نصف قرش) بأربعة ألوان مختلفة هي : الأزرق، والبنفسجي، والأحمر، والبني.

للتقييم، فضلا تسجيل   دخول
بواسطة : DimAdmin
 0  0  455

التعليقات ( 0 )