أوصى سماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ المسلمين بتقوى الله وقال إن طلب الرزق غريزة عند كل الأحياء فما أن تأتي بواكير الصباح حتى يخرج الفلاحون والتجار وأرباب الإدارات والموظفون في كدح طويل من أجل لقمة عيشهم.
وقال سماحته في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بجامع الإمام تركي بن عبدالله بالرياض إن الكدح الطويل محك قاس للقيم والأخلاق والثبات واليقين وإن اللهف وراء لقمة العيش قد يذهب ببعض الناس إلى التلون والتزييف والكذب والغش مبيناً أن الشريعة الإسلامية تأبى أن يكون طلب الرزق مزلقة لهذه الآثام كلها مستشهداً بقول الرسول صلى الله عليه وسلم (لا يحملنكم استبطاء الرزق أن تطلبوه بمعاصي الله فإن الله لا يدرك ما عنده إلا بطاعته) موضحاً أن الحل لذلك يكمن في قوله صلى الله عليه وسلم (لَوْ أَنَّكُمْ تَوَكَّلْتُمْ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ ، لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ ، تَغْدُو خِمَاصًا ، وَتَرُوحُ بِطَانًا) ، ويقول ابن مسعود - رضي الله عنه ـ : (إن من ضعف اليقين أن ترضي الناس بسخط الله وأن تحمدهم على رزق الله وإن رزق الله لا يجلبه حرص حريص ولا يرده كراهية كاره وإن الله بفضله وإحسانه جعل الفرح في اليقين والرضى وجعل الحزن في الشك والسخط).
وأوضح أن التوكل على الله هو إحساس بعظمته وألوهيته وهو عدم التعلق بالخلائق وإعلان الافتقار الى مقدر الأقدار مبيناً أن أول بواعث التوكل هو توحيد الله سبحانه وتعالى : ((وتوكل على العزيز الرحيم ، الذي يراك حين تقوم ، وتقلبك في الساجدين)) ، وقال سبحانه: ((إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين)) ويقول سبحانه وتعالى عن أنبيائه عليهم السلام ((وما لنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا)) ، ويقول عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم (وتوكل على الله إنك على الحق المبين).
وبين سماحته أن الأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل لأنه طاعة والتوكل عبادة والمتوكلون هم العاملون.
واستطرد سماحة مفتي عام المملكة يقول إن نبينا عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم هو إمام المتوكلين وسيرته عطرة مليئة بالتوكل فقد اختفى في الهجرة بغار حراء وأغلق الباب وقال لصاحب الناقة اعقلها وتوكل ، وقال سبحانه عن لوط عليه السلام ((فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك إنا مصيبها ما أصابهم)) ، ونادى أهل الإيمان بقوله ((يا أيها الذين أمنوا خذوا حذركم فانفروا ثبات أو انفروا جميعاً))، ولم يذكر التوكل إلا بعد استفراغ الجهد وقال: ((وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله)) فذكر التوكل بعد المشاورة وبذل الأسباب.
وقال سماحة مفتي عام المملكة إن المسلم إذا خرج من بيته فإنه يقول (بسم الله توكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله) وثمة منزلة عظيمة لا يصل إليها إلا الأنبياء والصالحين، يقول الله سبحانه وتعالى حين أمر موسى عليه السلام بأن يذهب إلى فرعون وملئه ((إذهبا إلى فرعون إنه طغى ، فقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى)) فلما خافا قال الله لم تخافا إنني معكما أسمع وأرى، ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم في هجرته من مكة إلى المدينة قال له أبوبكر لو أن أحدهم نظر إلى قدميه لأبصرنا قال الرسول ما ظنك باثنين الله ثالثهما.
وبين سماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء أن من كان بصفات الله وأسمائه أعلم كان توكله أصح وأقوى ومن لم يكن كذلك فكأنما يظن أن هناك حظوظاً تؤثر في الحياة وفي الأحياء داعياً المسلمين إلى التوكل على الله حق التوكل.