أكد وزير الصحة المهندس خالد الفالح أهمية أن يكون توجه وزارات الصحة بدول مجلس التعاون الخليجي توجهاً وقائياً مع دعم الرعاية الصحية الأولية لتخفيف العبء الاقتصادي على دول الخليج بشكل ملموس، وتحفيز تشكيل السلوكيات الإيجابية وأسلوب الحياة الصحي الأمثل لدى مواطني الخليج.
وقال: "لا بد من تطبيق أفكار جديدة مثل تمكين المواطن الخليجي بحيث يكون شريكا إيجابيا في تطوير عملية الرعاية الصحية، ولا يكتفي بدور المتلقي لهذه الرعاية بل يتحمل جزءاً من مسؤولية رعاية صحته ، وكذلك يجب علينا العمل سويا لاستحداث برامج الجودة الصحية الشاملة في منشئاتنا الصحية وأنظمتها بما في ذلك سلامة الخدمات الصحية".
جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها في الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة الأربعين لمجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون التي عقدت يوم أمس على هامش اجتماعات الجمعية العامة لمنظمة الصحة العالمية في دورتها الثامنة والستين في جنيف.
ولخص الفالح التحديات والفرص التي يواجهها قطاع الصحة الخليجي بأربعة محاور مهمة للعمل الخليجي المشترك، حيث اشتملت على مكافحة الأمراض غير السارية، ومكافحة الأمراض السارية، وتعزيز التكامل الصحي الخليجي بما في ذلك المبادرات لسلامة وجودة الخدمات الصحية، والاستثمار في تطوير رأس المال البشري، مؤكداً أن مكافحة الأمراض غير السارية التي تسببت في وفاة (68%) على مستوى العالم وفقاً لتقرير منظمة الصحة العالمية لعام 2014م، حيث يعد داء السكري من أهم أولوياتنا في ضل ارتفاع نسبته الكبيرة في منطقتنا الخليجية.
وأبان أن المحور الثاني هو تفعيل الخطط الإستراتيجية للوقاية من الأمراض السارية ومكافحتها، الذي يعتمد على تطوير منظومة الترصد الوبائي، التي تنعكس على تعزيز الجاهزية للتعامل مع المواقف الطارئة وسرعة الاستجابة، كما حدث في المملكة العربية السعودية أثناء مكافحة فيروس كورونا، حيث استثمرت وزارة الصحة السعودية مع إحدى شركات التقنية العالمية في تطوير نظام "حصن" كأداة حولت إجراءات الترصد الوبائي من الوسائل الورقية إلى الرقمية، وكانت آثاره الإيجابية واضحة، إذ أحدث قفزة في سرعة نقل معلومات الكشف عن الفيروس ودقتها، مما أتاح التصدي الفوري لها، مشيراً إلى أن العالم اليوم يواجه تحديات كثيرة من الأمراض السارية والمعدية مثل إيبولا، والتهاب الكبد البائي، منوهاً إلى خطر تفشي مثل هذه الأمراض السارية في المستقبل ، مشدداً على ضرورة إيجاد وتأهيل مختبرات وطنية في دول المجلس ذات معايير متقدمة من الدرجة الثالثة والرابعة لتشخيص الفيروسات ذات التوجه الوبائي، وتأمين السلامة البيولوجية، حيث يجري حاليا الكثير من أعمال الفحص والتشخيص خارج دول الخليج.
وأوضح وزير الصحة المحور الثالث الذي ينطلق من الثوابت التي ترتكز عليها العلاقة بين دول مجلس التعاون، وما يربط بينها من مصير مشترك، وهدف استراتيجي واحد يتمثل في مواجهة التحديات في إعداد المواطن الخليجي إعداداً جيداً، وتقديم خدمات صحية تلبي تطلعات القيادة والمواطنين، وأن هذا المحور يدعو إلى صياغة رؤية جديدة للانتقال إلى مرحلة أعلى من التكامل الاستراتيجي في القطاعات الصحية بدول مجلس التعاون.
وأضاف بقوله: إنه في ظل هذا النمو والتوسع الكبير لدينا فرصة هائلة في تعميق العمل المشترك وخاصة في مجال الأبحاث حول النماذج التشغيلية والاقتصادية المثلى في بيئتنا الخليجية لإتاحة الرعاية الصحية بالجودة والكفاءة المأمولتين، وصولاً بإذن الله إلى التغطية الصحية الشاملة، منوهاً إلى أنه هناك حاجة ملحة لزيادة الاستثمار في تقنية المعلومات كي نحقق قفزات في الإنتاجية والتكامل والجودة بين نظم ومرافق وإجراءات الرعاية الصحية على المستويين الوطني والخليجي بحيث يستفيد المواطن والمقيم في الخليج بيسر وسهولة وموثوقية من الخدمات الصحية خلال تنقلهم السلس بين دول المجلس، والإسراع في تطبيق البطاقة الذكية الصحية وكذلك في التواصل مع المراكز الصحية حول العالم في السجلات والوثائق الطبية وذلك على غرار استخدام بطاقة الصراف الآلي أو شريحة الاتصال الهاتفي.
أما المحور الرابع والأخير فقد أوضح أنه يتمثل في تحدي تنمية رأس المال البشري الخليجي وتوطين الكوادر الطبية وتمكينها ، مبيناً أن الكوادر الخليجية تميزت في العديد من التخصصات الطبية وذلك بشهادة أقرانهم حول العالم وشاركوا بفاعلية في مجال البحوث والتطوير الذي بدون شك سيسهم في بناء القاعدة الصلبة للخدمات الصحية في المنطقة ، لافتاً إلى أنه لا تزال نسبة المواطنين الخليجيين في فئة الأطباء تقف في معدلها عند 20 % من إجمالي الأطباء العاملين في القطاع الصحي بفرعيه الحكومي والأهلي، وهي متدنية في بعض التخصصات الصحية الأخرى كالتمريض، مشيراً إلى أن تحدي التوطين والتمكين لا يقتصر على الجوانب الفنية والعددية و تعزيز المهارات و القدرات لديهم، بل لا بد أن يشمل القيم والسلوك التي تمثل روح العمل الصحي.
وأكد أن التعاون الخليجي المشترك في القطاع الصحي أثمر في تحقيق إنجازات عديدة منها معاملة مواطني دول المجلس في توفير الخدمات الصحية في المستشفيات العامة والمراكز الصحية، وبرنامج الشراء الموحد وما حققه من انجازات معتبرة، بالإضافة إلى توحيد السعر للأدوية المستوردة، بما في ذلك إنشاء لجنة رقابة خليجية لضمان الجودة والصلاحية للأدوية في دول المجلس، وكذلك توحيد معايير اعتماد المنشآت الصحية، وتطبيق نظام موحد لإدارة النفايات الطبية، وتبني خطط مشتركة لمكافحة الأمراض وتسهيل تنقل الفرق الطبية لزراعة الأعضاء بين دول المجلس، بالإضافة إلى البرنامج الخليجي المشترك لفحص الوافدين للعمل في دول المجلس، وتكوين جمعيات مهنية للأطباء في العديد من التخصصات، وتفعيل التدريب وتطوير الكوادر الصحية بين دول المجلس وتبادل الخبرات وتطوير البحوث المشتركة.