اليوم اخترنا لكم قصيدة جميلة من روائع الشاعر السوري الراحل الذي عُرِف بشاعر الإنسانية المؤمنة عمر بهاء الدين الأميري من ديوانه "أب". في هذه القصيدة حاول الشاعر أن يرسم طفولة أولاده في صور طبيعية غير مصطنعة، وقد نالت من الذيوع والانتشار ما جعل الشاعر نفسه يعجب من ذلك حتى سماها قصيدة محظوظة !
هي قصيدة في الحنين إلى أولاده في طفولتهم، حينما خرجوا من داره في مصيف (قرنايل) بلبنان عام 1377 هـ عائدين إلى دارهم في (حلب) وتركوه وحيداً في صمت ثقيل ، بعد الصخب الذي كانوا يشعلونه في كل زاوية من البيت، فما كان منه إلا أن أطلق هذا الاستفهام الظامئ اللاهث خلف كل أثر تركوه من حوله ، بحثاً عن اللذة التي لا تعرف إلا حين تفتقد.نترككم مع القصيدة، فقراءة ممتعة مع هذه القصيدة الفريدة لما احتوته من قوة التصوير وروعة التعبير، والتي قال فيها الشاعر والأديب الأستاذ عباس محمود العقاد في إحدى المناسبات بإحدى ندواته بمنزله: "لو كان للأدب العالمي ديوان من جزء واحد، لكانت هذه القصيدة في طليعته!"
القصيدة بعنوان ( أب ):
أين الضجيج العذب والشغب أين التدارس شابه اللعب
أين الطفولة في توقدها أين الدمي في الأرض والكتب
أين التشاكس دونما غرضٍ أين التشاكي ما له سببُ
أين التباكي والتضاحك في وقتٍ معاً ، والحزن والطرب
أين التسابق في مجاورتي شغفاً إذا أكلوا وإن شربوا
يتزاحمون على مجالستي والقرب مني حيثما انقلبوا
يتوجهون بسوق فطرتهم نحوي إذا رهبوا وإن رغبوا
فنشيدهم (بابا) إذا فرحوا ووعيدهم (بابا) إذا غضبوا
وهتافهم ( بابا ) إذا ابتعدوا ونجيهم (بابا) إذا اقتربوا
بالأمس كانوا ملء منزلنا واليوم ويح اليوم قد ذهبوا
وكأنما الصمت الذي هبطت أثقاله في الدار إذا غربوا
إغفاءة المحموم هدأتها فيها يشيع الهم والتعب
ذهبوا،أجل ذهبوا، ومسكنهم في القلب، ما شطوا وما قربوا
إني أراهم أينما التفت نفسي ، وقد سكنوا وقد وثبوا
وأحس في خلدي تلاعبهم في الدار ، ليس ينالهم نصب
وبريق أعينهم إذا ظفروا ودموع حرقتهم إذا غلبوا
في كل ركن منهم أثر وبكل زاوية لهم صخب
في النافذات زجاجها حطموا في الحائط المدهون قد ثقبوا
في الباب قد كسروا من الجد وعليه قد رسموا وقد كتبوا
في الصحن فيه بعض ما أكلوا في علبة الحلوى التي نهبوا
في الشطر من تفاحة قضموا في فضلة الماء التي سكبوا
إني أراهم حيثما اتجهت عيني كأسراب القطا سربوا
بالأمس في (قرنايل ) نزلوا واليوم قد ضمتهم ( حلب)
دمعي الذي كتمته جلداً لما تباكوا عندما ركبوا
حتى إذا ساروا وقد نزعوا من أضعلي قلباً بهم يحب
ألفتني كالطفل عاطفة فإذا به كالغيث ينسكب
قد يعجب العذال من رجل يبكي ، ولو لم أبك فالعجب
هيهات ، ما كل البكا خور إني وبي عزم الرجال ، أب
هي قصيدة في الحنين إلى أولاده في طفولتهم، حينما خرجوا من داره في مصيف (قرنايل) بلبنان عام 1377 هـ عائدين إلى دارهم في (حلب) وتركوه وحيداً في صمت ثقيل ، بعد الصخب الذي كانوا يشعلونه في كل زاوية من البيت، فما كان منه إلا أن أطلق هذا الاستفهام الظامئ اللاهث خلف كل أثر تركوه من حوله ، بحثاً عن اللذة التي لا تعرف إلا حين تفتقد.نترككم مع القصيدة، فقراءة ممتعة مع هذه القصيدة الفريدة لما احتوته من قوة التصوير وروعة التعبير، والتي قال فيها الشاعر والأديب الأستاذ عباس محمود العقاد في إحدى المناسبات بإحدى ندواته بمنزله: "لو كان للأدب العالمي ديوان من جزء واحد، لكانت هذه القصيدة في طليعته!"
القصيدة بعنوان ( أب ):
أين الضجيج العذب والشغب أين التدارس شابه اللعب
أين الطفولة في توقدها أين الدمي في الأرض والكتب
أين التشاكس دونما غرضٍ أين التشاكي ما له سببُ
أين التباكي والتضاحك في وقتٍ معاً ، والحزن والطرب
أين التسابق في مجاورتي شغفاً إذا أكلوا وإن شربوا
يتزاحمون على مجالستي والقرب مني حيثما انقلبوا
يتوجهون بسوق فطرتهم نحوي إذا رهبوا وإن رغبوا
فنشيدهم (بابا) إذا فرحوا ووعيدهم (بابا) إذا غضبوا
وهتافهم ( بابا ) إذا ابتعدوا ونجيهم (بابا) إذا اقتربوا
بالأمس كانوا ملء منزلنا واليوم ويح اليوم قد ذهبوا
وكأنما الصمت الذي هبطت أثقاله في الدار إذا غربوا
إغفاءة المحموم هدأتها فيها يشيع الهم والتعب
ذهبوا،أجل ذهبوا، ومسكنهم في القلب، ما شطوا وما قربوا
إني أراهم أينما التفت نفسي ، وقد سكنوا وقد وثبوا
وأحس في خلدي تلاعبهم في الدار ، ليس ينالهم نصب
وبريق أعينهم إذا ظفروا ودموع حرقتهم إذا غلبوا
في كل ركن منهم أثر وبكل زاوية لهم صخب
في النافذات زجاجها حطموا في الحائط المدهون قد ثقبوا
في الباب قد كسروا من الجد وعليه قد رسموا وقد كتبوا
في الصحن فيه بعض ما أكلوا في علبة الحلوى التي نهبوا
في الشطر من تفاحة قضموا في فضلة الماء التي سكبوا
إني أراهم حيثما اتجهت عيني كأسراب القطا سربوا
بالأمس في (قرنايل ) نزلوا واليوم قد ضمتهم ( حلب)
دمعي الذي كتمته جلداً لما تباكوا عندما ركبوا
حتى إذا ساروا وقد نزعوا من أضعلي قلباً بهم يحب
ألفتني كالطفل عاطفة فإذا به كالغيث ينسكب
قد يعجب العذال من رجل يبكي ، ولو لم أبك فالعجب
هيهات ، ما كل البكا خور إني وبي عزم الرجال ، أب