• ×

قائمة

Rss قاريء

قلبٌ بين دفتّي الذكريات

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
مليكة عثمان الشيخ . نبراس منذ سنوات .. رحَلَ مني الرجلُ الذي كان يعزفُ سمفونية عشقٍ على أوتار قلبي الصغير ؛ كان يعزفُ على كل وترٍ لحناً مختلفاً .. وعندما تكتملُ الأطروحة ..أشعرُ وكأنها ألحانٌ جاءت من زمنِ الخلود.

كم كانت تدغدغني تلك الألحان ؛ كانت تأخذني بعيداً حتى ترقصُ أطرافي دونَ علمٍ أو إرادةٍ مني وكانّ اللحنَ عصاً سحرية .. يبعثرني في لحظة ويجمعني في لحظة ..

وبين كل لحظةٍ ولحظة موتٌ وحياة.

أصبحتْ أحلامي لا تخلو من تلكَ الألحان ؛ تلك السمفونية كانت القوقعة التي عشتُ فيها طفولتي وصبايا.

كنتُ أعشقُ أن أنامَ لأحلّم .. فأستيقظ لأجدَ أحلامي قد تحققت

كنتُ أعشقُ الحديث لأنّ هناكَ من ينصتُ لي بكل جوارحهِ ؛ كنتُ أسمعُ عن الشتاء الذي يتغلل داخل الخلايا حتى يصل للأطراف ؛ ولكنّي لم أعشهُ.

ولكنّ القَدَر حدّد لي موعداً مع الرحيل دون أن يبعث لي برسائلٍ صغيرة ؛ بل حتى لم يدلّني على عازفٍ جديد !.. أم تراه قد فَعل ولم أُدرك ؛!

حتى خارطةَ الطريق التي ترشدني الى برّ الأمان لم يخبرني عنها.

عندمَا فقدتُكَ اكتشفتُ هذا وأكثر ..عندمَا سكَن البردُ تحت جلدي ..

عندمَا أصبحتُ أتحدثُ ولا أجدُ من يُنصتُ لي ولَو لِبعضِ الوقت..

عندمَا رَحَل الأمان الذي يحيط حياتي دونَ أن يتركَ عنوانه!

عندمَا رحل النومُ وبقيّ السهر..!

لم يخبرني أحدهُم بأن من يرحل جسده ُ وتغادر روحه عن هذا العالم ؛ قد تضلّ ذكراه صورة حية بالأذهان والأفئدة ..

تتحرك مع كل إشارة واتجاه كل صوت.

لم يُعلمني أحداً أنه حين يرحل سأمتهن مهنة التسوّل!!

أسأل المارة أن يعيروني ولو مقطوعة صغيرة من ألحانهم .. لعلها تشعرني بلحظة آمن.

كنت أعتقد أن الذين يقفون في الطرقات يسألون الناس ما يسد جوعهم أو يروي ضمائهم أو يسد دينهم ..

ولكن !

بعد رحيلك وجدتُ أنّ هناك من يتسول الحبُ.

لذلك ما زلتُ قابعةً في الطرقات ! أسأل المارة أن يعيروني القليلَ منه..

عينايَ تسألهم قبل كفايّ التي أضمها وبداخلها ذرات من الفراغ!!

لا أعلم أيّ منهما أصعب؟

رحيلُه أم رحيل الفرح؟

مازلتُ أجهل كيف على المرء أن يبقى وحيداً .. يتحمل برد الشتاء دون معطف؟

أو حرارة صيفٍ دون مظلة؟

أبي : ها قد مضت سنواتٌ وسنوات على رحيلك ؛ لا أعلم ما الذي دُفِنَ انداك .. جسدك .. أم مشاعر جميلة زرعتها أنتَ ولم تحصدها ..

ربما لأنها لم تسقى ..أو ربما أني جهلتُ موسم الحصاد؟!

لا أعلم إن كانت روحك هي التي غادرت جسدك أم أن الأمان الذي بداخلي هو من غادر؟!

أبي :

لا أعلم إلى متى سأظل أكتب عنك !

لا أعلم متى سيبرأ جرح فراقك!

ولكن علمي كله مقتصر في أمر واحد ... أنت " حي في داخلي "

غفر الله لك

ابنتك / مليكة عثمان الشيخ
للتقييم، فضلا تسجيل   دخول
بواسطة : Publisher
 2  0  995

التعليقات ( 2 )

الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم
  • #1
    16 أبريل 2015 02:10 مساءً بسام الصهيبي :
    مقال رائع جدا ما شاء الله*
    يجذبني شوقاء الى القراءه*

    يذكرني بحنين وشوق الي الماضي
    حنان الوالدين الذي لم نلقى مثله*
    يقلب صفحات الماضي *بحرقة والم*
    صح لسانك *أ/ مليكة الشيخ *
  • #2
    16 أبريل 2015 03:45 مساءً زيزي :
    والدي كان وجودكم سر سعادتي*
    والان طيفكم يؤنس وحدتي*
    املي بلقياكم في جنة الخلد يسكن وجعي*
    فاللهم اغفرلهنا وارحمهما*