أجمع اقتصاديون ورجال أعمال على أهمية قرار مجلس الوزراء بالموافقة على إعداد الآليات والتنظيمات لفرض الرسوم على الأراضي البيضاء في القضاء على الاحتكار في سوق العقار، وخفض أسعار المساكن والمخططات العمرانية بما يساهم في حصول كل مواطن على السكن بشكل أكثر يسرا، مشيرين إلى أن الظروف باتت مهيأة لامتلاك مسكن بسعر ميسر، مشددين على أن الفترة المقبلة ستشهد الكثير من المتغيرات التي ستؤثر على توجهات السوق. وأكد المختصون وجود ما يقارب 20 مليار متر مربع من الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني للمناطق والمدن السعودية، ويمتلك رجال الأعمال نحو 20 بالمئة من تلك الأراضي، 40% منها غير مستغلة، متوقعين أن تتجاوز نسبة ما سيتم إعماره من الأراضي البيضاء على المدى المتوسط الـ 50 % مع فرض الرسوم.
فك احتكار العقارات
وأشاد عضو مجلس إدارة غرفة جدة فهد السلمي بالقرار وقال إن هذه الخطوة تهدف إلى فك احتكار العقارات، والوقوف بوجه من يقسم السوق ويحتل الأراضي من أجل رفع سعرها، لافتاً إلى أن الإجراءات الجديدة ستؤدي حتما إلى انخفاض سعر العقارات غير المطورة، وبالتالي تدني قيمة إيجارات الوحدات السكنية التي ستشيد على هذه الأراضي، وشدد على أن القرار سينشط الدورة الاقتصادية، لأنه يطال أحد أبرز القطاعات التي تساهم في تحريك عجلة الاقتصاد، ألا وهو سوق العقار والبناء.
وقال لاشك أن فرض رسوم على الأراضي البيضاء سيدفع الكثيرين إلى استثمارها أو بيعها، وهو الأمر الذي سيفرض واقعاً جديداً، وسيتجاوب السوق مع المنطق العلمي البحت والقاعدة الاقتصادية المعروفة وهي العرض والطلب، لذلك فإنه في حال شح ونقص العرض مقارنة بالطلب فإن أسعار العقار ستكون متماسكة. في حال زيادة المعروض عن الطلب والحاجة سواء في الأراضي أو الوحدات السكنية أو التجارية فإننا عندها سنرى هبوطا للأسعار.
نقطة تحول
من جهته قال رجل الأعمال محمد عبدالله العنقري إن قرار الموافقة على فرض رسوم على الأراضي البيضاء هو قرار انتظره الشارع السعودي كثيرا، وسيكون نقطة تحول بارزة في مسيرة العمل الإقتصادي، وتأثيره سيكون آنيا ومتوسط المدى وبعيد المدى، وكذلك تأثيره معنوي أيضا على السوق العقاري، فالقرار يحمل سمات القرار التنفيذي والقرار الإستراتيجي في آنٍ واحد، حيث سيكون تأثيره مباشرا على أراضي المضاربة والتي تأثرت جزئياً من قبل بسبب إنخفاض أسعار البترول، وكذلك على الأراضي الإستثمارية المجمدة في المواقع الإستراتيجية داخل المدن بتسريع إتخاذ قرارات إستثمارها. أما على المدى البعيد فإن ملاك عقارات المساحات الكبيرة سوف يرسمون إستراتيجياتهم بناءً على المعطيات الجديدة للسوق بحيث إن إستراتيجية التجميد وتجفيف السوق من المعروض حتى ترتفع أسعار الأراضي أضحت غير نافعة وغير مجدية، وبالتالي سيتبعون بإرادتهم أو مرغمين على رسم سياسات إستثمارية إستراتيجية بعيدة المدى ذات جدوى أفضل لهم وبنفس الوقت أنفع لإقتصاد الوطن.
وقال: إن هذا القرار عند وضع وإقرار آلياته وتنفيذه سيكون علامة بارزة في التنمية العمرانية, حيث ستعمّر بنسبة متوقعة تتجاوز الـ 50% من الأراضي البيضاء التي مر عليها عشرات السنوات دون أن يستفاد منها عمرانيا.
ارتفاع غير مبرر
من جهته قال المهندس خالد باشويعر رئيس لجنة الاسكان بالغرفة التجارية بجدة إن القرار إيجابي وسيكون أداة قوية تسهم بشكل كبير جدا في إنخفاض الأسعار بشكل لم تشهده المنطقة من قبل وبالذات على القطاع السكني وذلك لتوقع زيادة المعروض من الأراضي من قبل العقاريين وملاك المخططات والذين سيجبرون لتطويرها وبيعها تفاديا لدفع الرسوم.
وبيّن باشويعر أن هنالك مليارات الامتار المربعة الخالية في كافة المناطق ففي جدة وحدها 50% من الأراضي غير مطورة، مبينا أن القرار يصب في مصلحة الجميع المواطن والمطور العقاري أيضا وأبدى المهندس خالد تفاؤله بأن إنخفاض الأسعار سيزيد من حركة البيع والشراء في السوق وستكون سوق عقارية تطويرية نشطة بدلا من الركود الحاصل حاليا, حيث سيتمكن المواطن فيها من شراء عقار بسعر مناسب وميسر ويتوافق مع دخله وسيتمكن المطور من بيع منتجاته بشكل أسرع ولن تتضرر نسب أرباح المطورين بل بالعكس سيكون هنالك حركة بيع سريعة ونشطة وإنتعاش يستفيد منه الجميع.
دورة الانكماش
وأكد رجل الاعمال والاقتصادي محمد يوسف أن فرض رسوم على الأراضي البيضاء قد يؤدي إلى إحداث تغييرات جوهرية في السوق ويساهم في هبوط لأسعار العقار خلال العامين القادمين، وهذا الأمر سيصب في صالح المواطن من ناحية الأسعار، ويساعده على حيازة مسكن بسعر ميسر ومعقول، وستتغير أيضا حسابات جميع المستثمرين في القطاع العقاري، ولكن تبقى الكلمة الأخيرة والفيصل والتأثير الأقوى في هذا الجانب للعرض والطلب وهو ما سيحكم السوق في المرحلة القادمة.