جدة . سهيلة متوكل . نبراس قدم لمخيلتك مزيداً من التوسع والانصات كي تدرك حقيقة كل شيء حولك , فلا الحياة مثالية ولا هي تسير على ميزان واحد دون تحول وتغير , ولا يعقل أن تكون مستقيمة لا انحراف بها ولا تبديل .
ان اعتقدت أنك بنجاحاتك قدت العالم فأنت مخطئ فما زال هناك من هم أقوى منك ومن هم أضعف منك , فأجعل لنفسك قاعدة لا تنسى خذ من ذا طاقة التغير للأفضل ومن الآخر عظة وعبرة .
رحلة اليوم الى بركان ثائر لإلقاء ما بقي من براثين الشر , التي استوطنت بين من فتح المجال ليجرب جنون العظمة والجبروت فكان المارد حاضراً ليهدي من يشاء خاتم القوة فأنت المسيطر اليوم .
من آلاف السنين أراد هذا الدخيل أن يستوطن أفضل مكان في الأرض دون حروب ونزاعات وشر مبين , حتى يتفرغ لوضع خطط هائلة ليسيطر على العالم الكبير , فما كان منه الا أن يدبر حيلة بعد أن درس احتياجات سكان هذا الكوكب العظيم , فوجد أن الأغلب يحلم أن يحكم العالم دون أدنى مجهود وتعب وتجديف مجرد فكرة , فخطرت له أن يضع طاقة مؤقتة في خاتم يكسب من يملكه قوة وجبروت وسيطرة ولكن دون المساس به بل يسخر له كل شيء حتى لو أراد أن يضر أقرب الاقربين اليه , فقد اهتم هذا الدخيل كيف لي أن أسيطر دون أن يلتفت الي أحد أو أن يشعر بما أدبر , حيلة مذهلة في زمن انتشر مفهوم السلطة فيه للأنا دون من سواي فأنا حاكم ووطن .
نجح الدخيل في أول مراحل رحلته حتى بنى مستوطنته وأمر قبيلته بالنزول والانتشار للتمتع بما في الأرض من جمال , وظل كل من يقتني الخاتم من البشر يصاب بنوبة عجب وكبر وتجبر حتى مضت أعوام وأعوام دون حراك فالظالم مسيطر وأساس الشر فالأرض يبني أساس كي يقضي على كل جنس بشري ويظل هو صاحب السلطة وحده .
لم يفكر من لا يملك مبدأ ولا زمام حياة ولا حتى قصيدة واحدة يفهم فيها معنى السلطة أن هذا الذي قدم له القوة والسيطرة على ماذا ينوي سوى أنه شعر بحلم قد قرب فلما لا أجرب "فلن أخسر شيئا " مغامرة لا هدف منها سوى ان خابت أو اصابت فلن تضر , فكان تجربته أشبه بحالة انفصام تنتابه حتى ينتزع الخاتم من يديه ويأخذه رجل آخر فيكتشف أن كل من يقتنيه يصاب بمرض نفسي يصل أحيانا للجنون لا يدركه الا حين يطمع آخر في السلطة فإما موت واما مصحة نفسية او سجن او عقوبة يستحقها .
الى أن عرف بذلك جماعة من أهل الصلاح كانوا يعلمون جيدا أن قدوم هذا الدخيل ليس بخير , وان الخاتم المزعوم ما هو الا محض خطة ليخبئ أمرا غير معلوم , فقرر قائدهم أن يلاحق أي أثر يتعرف من خلاله على الدخيل أكثر وعلى قصة الخاتم الحقيقية , فما ان عرف واكتشف حتى اعد العدة ووضع همته في القضاء على الخاتم أولا ثم عليه , وشد بأزره كل من ءامن بمبدئه وفكره وعرف الحق , الا صبي واحد كان مذبذبا في رأيه وحكمه فكان الاختيار عليه أن يخوض رحلة المغامرة مع جيش صغير للحصول على الخاتم بينما الجيش الأعظم يمضي للقضاء على أساس الشر .
في رحلة البحث التي خاضها الصبي حرص القائد أن يضع له صحبة قريبة من عمره حكيمة طيبة الروح والمعشر , وحرص أن يكون معه من يذكرهم دائما أن شجاعتهم ستنقذ أمة بأكملها فكل ما يقابلهم من ألم وضعف وهزيمة وهم وتعب ووصب ما هو الا لقرب خير وفرج محتم , فكان له ما كان ومن حسن حظه أن آخر حكام الخاتم وصل الى حد الهلاك فكان يحتفظ بالخاتم وكأن حياته معلقة به وجسمه متهالك وقلبه طغى السواد عليه من الجبروت وعقله قد شارف على التوقف من كثرة التفكير فمات وهوا يد بيديه على الخاتم فلم يسعفه أحد وخاف الناس لضعفهم أن يحصل لهم ما جرى للحاكم فتركوه ملقا في الصحراء ليعيدوا بناء أنفسهم , بدأ الصبي ومن معه يبحثون ويسألون ماذا حل بالحاكم فكان الناس يهربون منهم ظنا بأنهم يريدون الخاتم ليحكموا العالم أيضا فلم يرد أحد أن يجيب عليهم غير رجل قصير القامة قبيح الملامح أحدب , كان يريد مصلحة فلعله يبلغ من العرش شيئا فدلهم عليه أي يقع في صحراء قريبة من القرية , فوجود هيكلا عظميا لم يبقا منه سوى خاتم في اصبع قد لصق به من شدة ضغطة اليد , أخذ الصبي الخاتم فوضعه في جيبه كي يمضي عائدا الا أن الرجل قصير القامة صرخ مناديا : ما بكم ألن تحكموا القرية وتستعبدوا أهلها فتكسبون المال وتحكمون العالم ؟ رد عليه الصبي : لا , فلم تكن وجهتنا ذلا أو قهرا أو طغيانا انا جئنا لنحرر العالم من العبودية , نظر ولم يعجبه الرد قائلا : حسنا , وقال في نفسه لو أني أخبرتهم بما في خاطري لقتلوني لعلي أمضي معهم وأبلغ مرادي .
فاستوقفهم قائلا : معذرة هل لي أن اذهب معكم , ردوا عليه : أتعلم أين هي وجهتنا ؟ قال : لا , الى أين ؟ فتشاورا فيما بينهم أن لعله يعرف الطريق أفضل منا فلنأخذه معنا . قالوا له : انا ذاهبون لجبل البركان في الجزيرة البعيدة , أتساعدنا ؟ فسألهم : ولمى البركان , قالوا : لنلقي الخاتم ذا في أحشاءه فلا يعود لأحد السلطة على الآخر .