• ×

قائمة

Rss قاريء

من سيعيدها لي ? " قصة قصيرة "

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
مكة المكرمة . محمد سليمان .نبراس 
أرادت أم سامي الخروج ، لتبتاع بعض الخبز واللبن ، لتطعم إبنها ذو الأربع سنوات ، بكرها ووحيدها ، نعمة السماء .
خرجت أم سامي إلى السوق ، أبصرها جنديٌ إسرائيلي ، صوب نحوها بندقيته - ملامحها عربية إرهابية هي - أفرغ فيها نصف ذخيرته ، فقد كان يحمل في قلبه الرحمة وبعض الشفقة .
حُمِلت أم سامي إلى منزلها ، وضِعت على فراشها ، فتحت عينيها بتثاقل قالت :
- وصيتي سامي ووطن يكبر به .
أغلقت عينيها ، ارتفع صوت البكاء ، ماتت ، خفت العويل ، ارتفعت الأيدي بالدعاء ، اختلجت الكلمات ، ماتت العبارات ، جفت بالمآقي العبرات .
غُسّلت .. كُفنت .. ارتفعت الأصوات بالحوقلة والحسبنة ، رثتها المآذن بصوت الأذان .
نظر سامي إلى أمه ، قبلها قال متسائلا :
- أتزفون أمي ؟! ما أجمل ثيابها البيضاء ! وما أبغضه لباسٌ أسود ترتدونه !؟
حُملت أم سامي تساؤلاته تعلو النياح .
- إلى أين تأخذونها ؟
صوت يتحشرج حزنا ..
- إن أمك قد ماتت .
ثم مضوا ، حاول اللحاق بهم ، منعوه ، ركض إلى خالته سألها :
- ما معنى الموت !؟
ردت قائلة :
- من يمت يرحل بعيدا إلى السماء .
قال مستنكرا :
- أولن يعود ؟
أومأت خالته والحزن يعتصرها .
- لن يعود .
صرخ سامي :
- أولن تعود تعود أمي ؟ أولن أراها مرة أخرى ؟
يشهق سامي.
- من سيلاعبني بعد الآن ؟ من سيحكي لي أقصوصة ما قبل النوم ، حطين وصلاح الدين ، موس بن نصير وفتححه للأندلس ..
يرتمي سامي بأحضان خالته .
- حكت لي ماما قصة بالأمس ، قالت سأكملها لك بالغد :
- إن البطل سيعود ، هل سيعود حقا !؟ من هو هذا البطل يا خالتي ؟ ما شكله ؟ من أين سيأتي ؟
ظل رثاؤه تساؤلات تنمو ، إلى أن غلبه النعاس ، لقد نام ، كان الجو باردا جدا ، مرت رياحا بارده ، ارتعد لها جسده الهزيل ، احتضنته خالته علها تمنحه دفءٌ بات مفقود ، احتضنته بشدة ، مازال يرتعد ، أعيتها الحيلة ، واصلت أدمعها بالتساقط كالمزن ، سقطت دمعة عل خده الصغير ، مسحها بأنامله ، وتمتم بحديث النائم :
- ماما .. من سيعيد لي أمي !؟ .. ما .. ما .. أمي من سيعيدها لي !؟

للتقييم، فضلا تسجيل   دخول
بواسطة : محمد سليمان
 1  0  437

التعليقات ( 1 )

الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم
  • #1
    10 مارس 2015 07:45 مساءً إلهام العسكر :
    قصة مُعبرة ذات إحساس متشبع
    بُوركت.*
    وإلى الأمام دائماً. * *
    • #1 - 1
      11 مارس 2015 10:49 صباحًا محمد سليمان :
      روعة المرور زادتها ألقا ، لا عدمتك