المدينة المنورة . متابعات . نبراس أقامت كلية القرآن الكريم بالتعاون مع مركز تفسير للدراسات القرآنية الدورة الأولى ضمن "سلسلة مهارات التجويد وحسن الأداء" التي أحدثتها الكلية للارتقاء بجودة مخرجات البرنامج الإقرائي "إسناد"، وتحسين مهارات المنتسبين إليه.
وقدّم الدورة الشيخ المقرئ سلمان بن نعمان طاشكندي بقاعة المناقشات بالكلية، وقدّم لها الدكتور باسم بن حمدي السيد بمقدمة عرّف فيها بأهداف برنامج إسناد منبِّهاً على ضرورة استحضار آداب القارئ والمقرئ، وعدم التساهل في الإقراء، واحترام مجلسه بحسن السمت والخلق وإعطاء الختمة حقها.
ثم شرع الشيخ سلمان طاشكندي في الدورة منطلقاً من حديث عظيم شريف، هو قوله المصطفى صلى الله عليه وسلم: "الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران".
وذكر أن الذي يتعلق من الحديث بالبرنامج هو المهارة، متسائلاً هل للمهارة حد، مبيِّناً أن حد المهارة قراءة القرآن كما أنزل، وأنه ممكن، لكنه عزيز جدّاً، وقد شهد به النبي عليه الصلاة والسلام لابن مسعود رضي الله عنه، ومن ادعى الوصول من بعده يحتاج إلى شهادة من المعصوم صلى الله عليه وسلم.
وأوضح أننا نسعى للوصول إلى المهارة، متّبعين وسائلها، ومنها: قوة الحفظ، وهو ركيزة أساسية، ويساعد عليه كثرة المراجعة، وصلاة التراويح، وكذلك سلامة الأحرف مخرجاً وصفة، وهو شرط أساس للوصول إلى المهارة، والانضباط في تطبيق أحكام التجويد، فالبعض يعرف الأحكام لكنه لا ينضبط في تطبيق الأحكام في كل تلاوته، وحسن اختيار مواضع الوقف والابتداء، ومراعاة الموازين الصوتية للكلمات القرآنية، والمقصود أن يكون صوت القارئ موافقاً للمعاني التي يقرؤها، وهذا له أثر كبير في نفس السامع؛ لأنه يجعله يعيش في جو القرآن الكريم.
وإجابة على تساؤل: على من أقرأ القران الكريم، أجاب الشيخ طاشكندي أنه بالنسبة للطالب هناك حالة اضطرار كأن يكون في بلد؛ فيقرأ على من وجد. وحالة اختيار كأن يكون في مكة والمدينة مثلا، فلا بد أن يتحرى المتقنين الورعين، لأن إتقان القرآن دين، ولأن الشيخ الذي سيلازمه سيتأثر بأخلاقه وسمته.
أما بالنسبة للمقرئ فإن الله قد كلفه مسؤولية عظيمة في تعليم هذا الطالب الذي ساقه إليه، فعليه أن يصبر ويشفق عليه، ويخلص النصح له.
وبعد هذه المقدمات بدأ الشيخ طاشكندي صلب موضوع الدورة، وجعله في ثلاثة محاور:
المحور الأول: اللحن في التلاوة، وعرف فيه اللحن الجلي والخفي، واللحن في الموازين الصوتية.
وفي المحور الثاني: تحدث عن تنبيهات في المخارج والصفات، ونبّه فيه على البعد عن القراءة الخيشومية، وأكد على ضبط مقادير المدود والغنن، وتوفية الحركات وتجنب الاختلاس، والبعد عن توليد الحروف من الحركات، والحرص على تخليص الحروف، والتوسط في تكرير الراء، وبيان القلقلة، والحرص على أن يكون التفخيم بالمخرج لا بالشفتين، وبيان الحرف الموقوف عليه، ومطالبة المقرئ تلامذته ببيان حركات الإعراب في أواخر الآيات، والحذر من تقليل الحروف المفتوحة أو إمالتها، وتجنب البدء بالساكن، وعدم الزيادة في مقدار السكت، وجعل التسهيل بين الهمزة وما منه حركتها لا بين الهمزة والهاء، وتحقيق السكون.
وطلب من أحد الطلاب أن يتطوّع بتلاوة سورة الفاتحة، وقام بالتعليق على تلاوته.
وفي المحور الثالث الوقف والابتداء، عرّف الوقف الاختياري والاضطراري والانتظاري والاختباري، ثم سرد قواعد مهمة في الوقف والابتداء، ومنها: الوقف الصحيح حيث يتم المعنى، واختيار الوقف مسألة ذوقية، وللاختيار في الوقف آليات، هي: اللغة والتفسير والقراءات، والبلاغة، وكذلك مراعاة السياق معينة على الوقف الصحيح، مشيراً إلى أنه لا يصح الفصل بين المترابطات، وأن وصل المتقابلات يزيد المعنى وضوحاً، والاجتهاد في مسائل الوقف يكون في أثناء الآيات وليس في رؤوسها، وتصور الحوادث القرآنية يعين على اختيار الوقف الصحيح.
وذكر أن من أساليب التشويق في القرآن الكريم عدم اكتمال بعض الجمل، وتقدير المحذوف يعين على معرفة الوقف الصحيح، منبِّهاً على أهمية معرفة الجمل المعترضة والمطوية (المحذوفة من السياق) يعين على الوقف الصحيح، مع الحذر من التحمس لكل وقف تسمعه من غيرك حتى تتأمله وتحلل معانيه، أو التعسف في اختيار الوقوف والابتداء؛ فالتكلف مذموم.
وختمت الدورة بمناقشات ماتعة لم يقطعها إلا ضيق الوقت، وأبانت إعجاب الحاضرين بفكرة الدورة، وتفاعلهم الجيد مع ما طرح فيها.