• ×

قائمة

Rss قاريء

مهرجان جدة التاريخية : # احنا_كدا !!

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
جدة. سهيلة متوكل . نبراس "من يد ما نعدمها , وقلب ملهوف , وشوقنا كل مرة للمة يا أغلى قلوب , نستنا بحب جمعتنا وعلى دكة باب نتحكى , وبصوت محب ندعي الرحمن نفضل كدا على بعض قلوبنا , احنا كدا أهل الرخى والشده "

تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير شعل بن ماجد بن عبدالعزيز , محافظ جدة انطلق مهرجان جدة التاريخية "كنا_كدا 2" شمسك_أشرقت بتاريخ 24 ربيع الأول وحتى 4ربيع الثاني 1436هـ , حوى في طياته قيم وعراقة الماضِ اختلطت بأناقة الحاضر , فهي التراث الذي يحكي تاريخ جدة بصورة حية , تدخل لساحاتها منبهراً بتماسك منازلها القديمة وتنصت لكل من له ذكرى في هذا المكان كيف يروي قصة حب دارت بينه وبين كل ركن في هذا المكان .

الجدير بالذكر أن جدة التاريخية أصبحت بفضل الله ثم بفضل الجهود المبذولة معلماً سياحياً عالميا , وذلك من ضمن لجنة التراث العالمي اليونسك 23شعبان 1435ه .

لم يقتصر تاريخ جدة على مبانيها ومحلاتها وطعامها وملبوساتها , بل تميزت بأصالة أهلها وسجية أخلاقهم , ورقي عراقتهم فلم يلتئم الشمل الا لأن الحب سكن وجدان أرواحهم , فمساجدها الواسعة التي كانت تجمع كل أهل الحارة تحت وحدة صف , كل يهتم لأمر جاره و أبناء جاره , يأخذ بيد من احتاج ويستر على من أخطأ ويوجه من ليس له أب يرعاه لطريق الصواب , فتربى أبناء الحارة كإخوة مترابطين باختلاف طبقاتهم وثقافتهم.

عندما تمر بإحدى محلات أجهزة الفيديو والسينما القديمة كان الصغير ينبهر بمدى تواجد كمية هذه الأجهزة القديمة بهذه الجودة والأناقة والأصالة , أما الكبار كل يأخذ دوره ليروي قصة ماض مع المهندس الأول في صيانة مثل هذه الأجهزة القديمة صاحب هذه الآثار الفريدة .

والمصوراتي ذو الابتسامة الشجية جذب الأطفال نحوه ليروا صور من تاريخ الأجداد ويلتقطوا لقطة تذكارية , سطروا بها دفئ الماض وعراقة الحاضر .

والفكهاني , وساعي البريد , وصانع الآيسكريم "دونديرمه" , وبائع الحلوى القديمة , والألعاب القديمة "كيرم , المراجيح .... " بساطة الطرح ومتعة الوقت و الحياة وراحة النفس .

كل هذه يا سادة هي مظاهر حية لماض باتت من ذكرياته آثار , لكن من زرع في عبقها الأنفاس هم البشر , ومن نثر عبيرها ليقتدي العامة منه هم أصحاب قضية هم أهل الأصالة , اشتاق البعض منهم للمسة من روح القدم , حتى في معاملة الضيف والغريب فكان من زوار المكان أجانب من أفريقيا وأمريكا وأوروبا حتى العمالة التي تعتني بنظافة المكان كانت منبهرة بسجية أهل المكان من احترام وتقدير لهم وتعاون في الحفاظ على اناقة المظهر العام دون انتظار أحد .

أدعوكم لوقفة مختلفة تشاهدون من خلالها مظهرًا مغايرًا لساحات جدة باختلاف ضيق المكان أو كبره , أو نكهة الطعام المتقن ببركته وكرمه , أو استمتاع أطفالك أو أخوتك باللعب في حلقات وساحات مداخلها الشعبية , أو ركوب الحنطور والسير بكل روية , أو المراجيح وما بها من مغامرة لقوة دفعة الرجل صاحب الروح النقية .

أغمض عينيك لولهة وانظر لغدِ إن لم نتدارك احياء اخلاقنا وروح التآلف في بيننا وننسى العنصرية والطبقية , بل نتدارك الخير في بيننا في الرزق والعمل والرحمة , فما أجمل مواقفهم عندما يخدم بعضهم الآخر في ارسال مشترِ لمحل جاره ليقتسم معه بركة الصباح , فلا خوف من قوت مادام الرزاق هو الله .

من منهم كان يقلق من خروج ابنه للعب مع أبناء حارته , يعلم يقينا أن أهل الحارة سيعتنون به كما تروي احدى سيدات هذه الحارة القديمة " الشارع زمان كان يربي , كان الجار ينتبه لولد جاره يقله الغلط غلط والصح صح , ما كان أحد يقله مالك دخل مهو ابنك , ولا أحد يقله مين كنت عشان تربي ابني " , الحائط بالحائط يغض كل منهم الطرف عن حرمة جاره , كان حسن الظن والنية الطيبة مهما عظم خطأ أحدهم يلتمس له العذر فعمدة الحارة ذي هيبة وحكمة .


يلفتك في بيت جدة القديمة عند زيارتك للمهرجان تجد عمدة الحارة يجلس أمام المنزل يستقبل الزائر , بكل طيبة وهيبة يرحب بالحضور , ولا أنسى عندما طلبت احدى الأمهات أن تلتقط صورتاً معه لابنتها الصغيرة نصح الفتاة بكلمتين "اسمعي كلام امك, واستعملي السواك , وانتبهي لنفسك " , وأناقة محتويات المنزل على بساطتها وتكاد اليوم حقيقة نادرة الا أن نظافة المكان وبساطته , فلا تجد الانبهار والبذخ العائم في بيوت البعض بغير فائدة , سوى زرع في نفوس البعض التعلق بالدنيا أكثر والحسد والضغينة في نفوس الآخرين , كل ينافس على الدنيا من يملك أجمل مسكن والبعض لا يلقي بالا ماذا سأزرع من خير ودين وحب داخل هذا البيت .

لم تكن بساطتهم دليل ضعف انما قوة , فخرج من هذه المنطقة أثرياء وخرج منها علماء وفنانين , تشهد أسوارها الشاهقة والتي تحمل أسماء هذه العوائل على ذلك , وما أجمل شارع الفنانين من رسم مبهر وابداع يعيد للنفس متعة الإبداع والقيمة للفن الأصيل .

لا تجعلوا أصالة الماض مجرد عبرة للتاريخ لا أكثر , جسدوها اليوم أعيدوا بناء لبناتها في أبناءكم , ابحثوا واستزيدوا فأكثر ما أبدعوا به أن كل منهم كان يعمل بيده يخيط ويحيك كان لكل منهم حرفة , حتى أن البعض نسبت حرفة الأجداد باسم العائلة , فهي قيمة لا تقللوا من شأنها .
للتقييم، فضلا تسجيل   دخول
بواسطة : Publisher
 0  0  605

التعليقات ( 0 )