انطلقت اليوم الأربعاء، أعمال القمة الخامسة عشرة لمجلس الخدمات المالية الإسلامية التي ينظمها البنك المركزي السعودي تحت شعار "المالية الإسلامية والتحوّل الرقمي: تحقيق التوازن بين الابتكار والمتانة"، خلال الفترة من 9-11 نوفمبر 2021م في مدينة جدة، وذلك بحضور معالي محافظ البنك المركزي السعودي الدكتور فهد بن عبدالله المبارك، والأمين العام لمجلس الخدمات المالية الإسلامية الدكتور بيلو لوال دانباتا.
وبدأت الجلسة الافتتاحية بعرض فيلم وثائقي عن المالية الإسلامية بالمملكة ثم ألقى الأمين العام لمجلس الخدمات المالية الإسلامية الدكتور بيلو لوال دانباتا، كلمة رحب فيها بالحضور، مقدماً الشكر للبنك المركزي السعودي على استضافة فعاليات القمة، ومؤكداً أن "كل القطاعات استفادت من الخدمات المالية الإسلامية.
وأضاف معالي الأمين العام: "نحاول في هذه القمة تبادل الخبرات من أجل العمل على زيادة النمو في هذا القطاع. وقد ساعدتنا الجائحة على التسريع في التحول الرقمي في كل ما يتعلق بالخدمات المالية الإسلامية. ونحاول التسويق لخدمات المالية الإسلامية ونحاول الاستفادة القصوى من التحول الرقمي لتحقيق الشمول المالي".
بعد ذلك ألقى معالي محافظ البنك المركزي السعودي الدكتور فهد بن عبدالله المبارك الكلمة الافتتاحية للقمة، مرحباً بالحضور، ومعرباً عن تشرُّف البنك المركزي السعودي باستضافة القمة هذا العام، موضحاً: "تسعى القمة للتركيز على تطور صناعة المالية الإسلامية والتحول الرقمي، من منظور التوازن بين القدرة على الاستفادة من الابتكار وفي نفس الوقت تعزيز متانة القطاع المالي واستقراره".
وأضاف: "استطاعت صناعة المالية الإسلامية في مُدة وجيزة، المحافظة على نمو مُطرد، كما تمكنت من الانتشار جُغرافياً حتى أصبحت اليوم متواجدة في جميع قارات العالم. وفي هذا السياق؛ فقد وفرت التقنيات الحديثة مجالاً واسعاً للمُؤسسات المالية الإسلامية لتقديم منتجات وحلول وتبني التحول الرقمي بما يعزز تجربة ورضا عملائها. ومع أهمية هذه المزايا المتعددة إلا أننا يجب أن ندرك أنها تمثل تحدّياً للجهات الرقابية التي يجب أن تتعامل مع أي مخاطر قد تنشأ جراء استخدم هذه التقنيات، بما في ذلك مخاطر الأمن السيبراني، ومخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب وخصوصية المعلومات".
وأشار معالي محافظ البنك المركزي السعودي إلى أن صناعة المالية الإسلامية شهدت تطورات لافتة على المستوى العالمي حيث ققت نمواً سنوياً بما يزيد على 10 في المئة - بحسب تقرير مجلس الخدمات المالية الإسلامية لعام 2021 – لتبلغ المالية الإسلامية نحو 2.7 تريليون دولار خلال عام 2020م، من 2.44 تريليون دولار في عام 2019م. وفي خِّضم ما شهِّده العالم من تبعات صحية لجائحة كوفيد- 19 فقد تمكنت الصناعة من التعامل معها بفاعلية وتقليل آثارها السلبية بفضل السياسات النقدية والمالية نتيجة الإصلاحات المالية والتشريعات المصرفية الاحترازية أعقاب الأزمة العالمية 2008 والتي عززت من حماية العملاء والمحافظة على الاستقرار المالي بشكل متوا زٍ مالياً، وأوجدت نظاماً للتصدي للأزمات العالمية قادراً قوياً".
وتطرق المبارك إلى أهم التحديات التي تواجه الصناعة المالية الإسلامية في المدى القصير، مبيناً أن منها التفاوت بين الدول في التعافي من تبعات جائحة كوفيد- 19 "مما يؤكد على ضرورة استمرار التعاون بين جميع الأطراف الفاعلة من جهات رقابية وتشريعية، ومؤسسات مالية إسلامية وتنسيق وتكامل بين السياسات المالية والنقدية".
وحول صناعة المالية الإسلامية في المملكة أوضح أنها شهدت تطورات خلال العام المنصرم "أوصلت المملكة العربية السعودية إلى الصدارة العالمية من حيث حجم الأصول المالية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية في مختلف القطاعات المالية والتجارية؛ حيث بلغ مجموع أصول الخدمات المالية الإسلامية في القطاع المصرفي وقطاع الصكوك وقطاع التأمين وقطاع صناديق الاستثمار بالمملكة ما يقارب 800 مليار دولار، وهو ما يمثل ما نسبته 28 في المئة تقريباً من إجمالي الأصول المالية الإسلامية عالمياً، وفق تقرير مجلس الخدمات المالية الإسلامية الصادر هذا العام".
وأضاف: "كما شهدت المؤشرات الرئيسة لقطاع المصرفية الإسلامية في المملكة العربية السعودية نمواً متسارعاً؛ حيث بلغ إجمالي التمويل المتوافق مع الشريعة ما يفوق 430 مليار دولار بينما بلغ إجمالي حجم الودائع المتوافقة مع الشريعة 433 مليار دولار وذلك بنهاية الربع الثاني من هذا العام. ويأتي هذا النمو وهذه المرتبة المتقدمة في صناعة المالية الإسلامية بالمملكة تحقيقاً لمستهدفات رؤية المملكة 2030 بتوجيهات ومتابعة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد الأمين -حفظهم الله وأيدهم-. وعلى سبيل المثال وليس الحصر، تساهم صناعة المالية الإسلامية في تحقيق عدد من مستهدفات الرؤية كتوفير حياة مزدهرة في بيئة صحية؛ من خلال تمويل الاقتصاد الأخضر والمستدام، وتمكين المسؤولية المجتمعية؛ من خلال القطاع الوقفي، وتنمية وتنويع الاقتصاد؛ من خلال تطوير سوق الأسهم وسوق الدين، وزيادة معدلات التوظيف؛ من خلال الحلول التمويلية التشاركية ودعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة".
وأعرب معاليه عن مشاعر الفخر بكون صناعة المالية الإسلامية جزءاً من النظام المالي العالمي نظراً لانتشارها الجغرافي الواسع وتطورها الكمي والنوعي الملموس عبر الأسواق المالية العالمية، داعياً إلى "الاستفادة قدر المستطاع من الحُلول التقنية التي يُقدمها بشكل غير مسبوق قطاع التقنية المالية، بحيث تستفيد منها المالية الإسلامية لزيادة الشمول المالي وتقديم خدمات مالية بتكلفة أقل وتنفيذ أسرع".
وفيما يتعلق بجدول أعمال القمة قال: "ستتناول أعمال هذه القمة الحديث عن التقنية المالية ودورها في المالية الإسلامية وسيتم بحث الفرص والتحديات والسياسات التنظيمية المصاحبة، كما سيتم مناقشة الأطر الرقابية والإشرافية الفعالة ذات العلاقة. وذلك عبر سبع جلسات متخصصة تستمر على مدى يومين".
وفي ختام كلمته دعا الحضور للاطلاع على التقرير المشترك مع مجلس الخدمات المالية الاسلامية، والذي صدر متزامناً مع هذه المناسبة العالمية.
يذكر أن الدورة الخامسة عشرة للقمة السنوية لمجلس الخدمات المالية الإسلامية انطلقت أمس الثلاثاء بخمس فعاليات تمهيدية، وتتواصل فعالياتها اليوم وغداً، وهي تهدف إلى تهيئة الفرصة؛ للجمع بين قادة الصناعة والباحثين والأوساط المهنية من جميع أنحاء العالم؛ لإجراء النقاشات وتبادل الرؤى، وتستهدف بحث سبل تعزيز الابتكار في النظام المالي الإسلامي، والاستفادة من خدماته، واعتماد التقنية وضمان الاستدامة؛ من أجل دفع عجلة النمو، وتحقيق فرص التنمية ضمن هذا القطاع.