غداً عندما أكبر ..
سأكون مختلفة عن فتيات جيلي ، والمقصد بأن أكبر هو أن يتعدى عمري الخامسة والعشرون خريفاً ، عذراً ربيعاً ..
سأُسَخِّر حياتي في سبيل أحلامي ، سأدرس وأتعلم في الوقت الذي فيه تتنافسن فتيات بلدتي على الزواج والحب ، سأنافس الوقت على النجاح ، وسأرتكب جريمة الحُب مثلهم ولكن .. حُبي لأوراق كتبي ، حبي لمهنتي ..
سأخالفهم وأختلف عنهم ، بتفكيري ونمط حياتي وحتى غذائي ، ليس لشيء فقط لأنني أحب أن أُخالف هذا القطيع المتشابه ، في الأحاديث والأكاذيب والإهتمامات ..
لذلك سأتميز حتى لا تبور السلع ، ويخسر بائع الكتب ، وتربح تُرهات الحب ، لن أتزوج في حين سترتفع أصوات العائله والقبيلة " الزواج النصف الآخر من الدين" ويُضحكونني ، وكأن النصف الآخر من الدين اكتمل ، ويعودون ويكررون نفس الحديث " سند الفتاة زوجها" ويأمرون إبنهم المنهمك في طيش الشباب وحماقاته بالزواج ليكسب بعض العقل من زوجته " زوجوه عشان يعقل" لتدفع الأنثى ضريبة هذا الزواج الذي كان قائماً بالنسبة لها على عدة أمور ومنها "ستفعلين كل شيء منعك منه المجتمع مع زوجك" وتنتقل الملكية من أب حجري لزوج طائش ، فلن أكون أيضاً ضحية قبلية لأوهام العادات والتقاليد والجهل الفكري ، لن أتزوج ذكر حتى أجعله رجل في الوقت الذي تكون مهمتي أن أجعل أطفالي رجال ،
لن أُنجب ضحايا لهذه المدينة ، مدينة تشبعت بالتعساء ولا تتسع للمزيد ، لن أُنجب أطفالاً سوف يرمون العتب على ظهري قائلين " لماذا جعلتنا نأتي إلى هذا العالم البشع؟ هذا العالم البائس والقاتل للأحلام والإبداع" ولن أجد حينها جواب ولن أستطيع تبرير موقفي كأمي قائلة " ظننتكم ستكونون سعيدين " لان أمي لم تكن سعيدة ، وأخوتي لم يشعروا بها أيضاً ، وجدتي وجدي وأبي وكل هذه القبيلة المنغمسة في الجهل لم يكونوا سعداء ، أنا لم أكن سعيده ..
فكيف لابنائي القادمين أن يكونوا سعداء؟
في مجتمع يستمتع بالتعاسة! ، جميعهم تعساء عدى تلك الفتاة ، التي برغم عن أنف القبيلة والجهل والفقر الثقافي والتحجر الفكري وقفت أمام الجميع وصرخت تقول ؛ "لدي حلم سأقاتل لأجله " لا يهمني رأيك يا أبي في أنني فتاة لن أستطيع ولن يؤثر بي حديثك يا أمي بأن العالم الخارجي لا يرحم الإناث ، لن يوقفني طوابير جهل القبيلة التي تقف ضدي حتى لا أجلب العار ، لن يمنعني حتى الزواج والأطفال والأمومة ! ولا حتى أنني لن أجد من يوصلني لجامعتي البعيده ،ومقر وظيفتي مستقبلاً لأنني لا أقود ..
سأثبت نفسي بأي شكل كان ، وأكون مناضلة للأحلام مادمت حية ، مناضلة لحقوقي المسلوبة مني ، لكبت المجتمع لي ، سأعمل طبيبة وأعالج شيخ القبيلة الذي سينهكه المرض أو مهندسة وأعيد تصميم مسجد بلدتي حتى لا يسقط على رأس أحد مجدداً ، سأفعل ما يحلو لي ولن يكون الاختلاط عائقاً ..
سأفعل ما يمليه علي عقلي ، لأصل إلى النهاية التي أريد ، وأكون يوماً ما أُريد ..