كانت لي اماً جميلة تطوقني بذراعيها وترعاني بدعائها ، كانت دافئة كما لو كانت سراجاً وشمعة تُضيء عتمة دروبي بإبتسامتها ولمسة يديها الحانية ، كانت هادئة لا تحمل حقداً ولا تحمل هماً الا أن تُغذي أرواحنا بأمومتها بسيطة والحياة بقربها جنة نامت أمي طويلاً وأغمضت عينيها فلم تعد للحياةِ لذة ، ولا للفرحِ معنّى ولا لأحلامنا مساحة عجزت أرواحنا أن تتجاوز ذلك الوجع وعجز القلب أن ينسى تلك الغصة التي كانت موجعة في يومٍ ما ، ومازال القلب يحتفظ بتلك الغصة بنفس الوجع الذي لم يتغير ولو درجة ، كانت تُجيد آحتوائنا بثغرها المبتسم حديثها كالسكر بريئة ،الجهل يُزين مبادئها وآحلامها ، كانت أُمي جميلة حتى وهي تغمضُ عينيها مُخضبةً يديها بالحناء ، وتفوح رائحتها بالفل والعطر ترتدي أجمل مالديها من زينة وكأنها عروس تُزف إلى قصور الجنة ونعيمها اللهم بقدر صبرها علينا آكرمها ، بقدر م تحملت من آذىً منا آكرمها بجنتك وغفرانك وآجمعني بها في عليين على آسرة متقابلين لا نشكي وجعاً ولا هماً ، اللهم آمين ...