# مذكرات لن تكتمل : أن أكتب بعد عام من العزلة، وأن لا أكترث بالفواصل والنقاط ، ولا حتى الهمزة .. أن أكتب فقط لأفجر من ينابيع قلبي ، ينبوعاً أو إثنين أو عشرة ، أود أن أكتب هذه المرة لأجلي ، أريد أن أتنفس!
حتماً اشتقت لأن أتنفس بالكتابة كشيء روتيني وطبيعي .. بعد عامٍ مضى من الحزن والكبت والعزلة ، اشتقت لأن يتوقف الزمان على سنتي الثامنة عشر ، كنت آنذاك أنا .. تلك الفتاة التي لاتحسب للنهايات بالاً ولا تكترث للبدايات وطريقها الصحيح ، لا طريقة العيش مهمة بالنسبه لها ، المهم أنها ستعيش ، كنت أضحك لأنني لا أعلم السبب ، وأندفع لأن الحماس أخذني لا لسبب النتيجة ، كنت ساذجة وأحببت ذاك السذج ، أحببت أن اقرأ لمحمد السالم لأن رواياته حُب في حُب ، و كرهت أن أقرأ لأجاثا كريستي لأن الجرائم كانت بالنسبة لي وهم ،
أتمنى لو عُدت كما كنت ! تفرحني قطعة حلوى وأُغنية مشاعرها متهيجة بالفرح ، أن أحزن على حال القدس عند رؤية ما يحدث هناك والشعور بالذنب والقهر على ذاك الدم العربي الذي لطخ الشوارع ، وبما أن تنتهي نشرة الاخبار أنسى أن هُناك قدس ..
قبيح هذا النضج بشكل سيء ، أقبح من كل شيء ..
أن أشعر بالذنب بسبب كوارث العالم التي يفعلها المسلمين ، قُلت مسلمين ! ولم أقل شيعي أم سُني ..
أن تضجر روحي لأن فتاة قتلت أحلامها بسبب زوج لعين ، أو أب قاسٍ ، ولا يمكنني أن أصف الأب سوى بالقسوة لأنه أب ، يؤسفني أن أرى موت أحدهم من الجوع عاراً يرافقني أين ذهبت ، وأين وطئت قدماي ..
بائس هذا النضج ، لاأه أجبرني على الضحك كعادة روتينيه ، كالطعام وكالصلاة .. لا خسئت أن أُشِّبه ضحكي الكاذب بالصلاة ، الصلاة مهما كانت طريقتها تظل صلاة ، تظل أمان وراحة دائمة مهما حدث وسيحدث مستقبلاً ..
وأعود لأردد وأقول : مخيف هذا النضج .. والحياة مخيفه أكثر ، أظن بأن الخوف والنضج في هذه الحياة علاقتهم طردية ، وهذه ليست نظريات لأينشتاين أو نيوتن ، هي نظريتي أنا ، نظرية خُلود من تجاربها في هذه الحياة ، فكلما نضجت أكثر ، كلما أخافتني الحياة أكثر ، كلما أبكتني وسحقتني أكثر ، و ككأن هذا العالم لا يليق بالكبار ، فقط خُلق للأطفال .. أطفالنا الذين حتى وإن كانوا يلهون في الحواري والممرات ، ستأتيهم شظية حديد أو قنبلة تُطير أجسادهم بعيداً حتى يموتوا مبتسمين آمنين ، حتى لا يكبروا غداً ويشعروا بما شعرت ، أو يكتبوا ما كتبت ..
لا أعلم من السبب أو ما السبب ، كل ما أعلمه إنني نضجت لدرجة الهذيان والخوف والذعر ، نضجت حتى كدت كالأطفال أخاف وإلى أحضان والدتي أهرع ، نصي هذا لم يكتمل ولن يكتمل وسيلحق إخوته من النصوص ، كما إنني لن أقراه مرة أُخرى ، ولن أرجع الهمزات والفواصل والنقاط ، لأني سأكره قلمي البائس سأظنه قلمٌ فقط يهتم بالشكليات لاالشعور ، قلم يشبهكم يا بني البشر ، سأمقته مجدداً وعنه سأبتعد .