• ×

قائمة

Rss قاريء

" قصة " ... طفولةٌ مشوهة

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
نبراس-أشواق أحمد - جازان 

- أُمي .
- تدللي ياصغيرتِي .
- لماذا نحنُ ننام في حجرةٍ صغيرة ؟
لماذا أنا أحتضنُ وسادةً هارِئة بينما دُلجان تنامُ وسط الدُمى ؟
- أترغبين أن تنامين كَدُلجان وحدكِ في غرفةٍ كبيرة ، أما تخافين من الأشباح يا ملك ؟
- يعني أن الأشباح لا تدخل إلى الغُرف الصغيرة ؟
- بالطبع لا ياصغيرتي كيف للأشباح أن تصلُ اليكِ وأنتِ في حُضنِ أُمك ؟
هيا اغمضي عيناكِ لتستيقظي غداً .
أمي ولكن أنا أجمل من دُلجان !
ماهذا الحديث يا ملك ، اثنتاكم جميلتان
- ولكن دلجان شعرها مُجعد ، أليس كذلك ؟
كذلك ولكن اللهَ يجعلُ كل شخص جميلاً بطريقةٍ ما ، أمَا علمتكِ هذا من قبل ، هيا اغمضي عيناكِ لأرى .

نظرت ملك إلى السقفِ طويلاً ثم أغمضت عيناها لتفضحُها دمعتُها الطاهِرة .
نامت صغيرتي ولكنني لم أنَم .
بقيتُ مستيقظة أفكر كيف سأتعاملُ مع ملك حينما تكبُر أكثر إن اقتحمت حياتُها المقارناتُ منذُ الآن فماذا حينما تكبُر وحينما تُدرك أن دُلجان مختلفة تماماً ..
دُلجان إبنةُ رجلٍ ثريٌ جداً ..
وملك إبنةُ رجلٍ يعيشُ بين جدرانِ السجن .
دُلجان إبنةُ مصممة أزياء ناجحة .
وملك إبنةُ خادمة اعتادت أن تسكنُ في ملحق وتأكل ما يتبقى من طعامِ سكانُ المنزل ، يارب كن معي ..

نمتُ تِلك الليلة وأنا أخافُ الغد أخافُ المستقبل ، فالمرأة التي كانت تتفائلُ بالغد الجميل قد فقدت حياتُها ما أن لمحت الغيرة في عيناء طفلتُها البريئة .

وفي السادِسة صباحاً :
صدر صوتُ المنبه وعندما مددتُ يدايَ لِأغلقه إذ بي أرى تلك الفاجِعة فأفرُ من ذاك السرير كمن تلقى صدمةً كهربائية .
- ملك ملك ماذا تفعلين ؟
كان شعرُها البنّي متناثرٌ في أرجاءِ الحُجرة وبيديها الصغيرتين مقصٌ يفوقهُما حجماً ، كانت تقصُ شعرها وكأنه السبب في اختلافها عن دُلجان وكأن الشخص أن تشبّه خارجياً بشخصٍ آخر سيصبحُ هو ؟
- ملك ماذا تفعلين أنتِ ؟
- أُحاول أن أكونُ دُلجان يا أُمي ، وأنتِ ستكونين الآنسة هاندام ، كما أنني جلبتُ لكِ ساعتُها لأننا لا نملِكُ النقودُ لنشتري ساعةً تشبهها .
- من أين جلبتي هذهِ الساعة يا ملك ؟
- كنتُ قد عطشتُ ليلاً فذهبتُ لأشربُ الماء بعدها تجولتُ في المنزلُ فوجدتها ، كما أنني جلبتُ فستاناً لدُلجان أيضاً ، ألبسهُ عندما يحلُ المساء ، مارأيكِ ؟
- صرختُ بوجهُها مراراً ملك ملك ملك ، أتريدين أن تُفقدينني عقلي ؟
كانت تنظرُ إلي دائماً ببرائة ، فتنهارُ قواي واحتضنُها باكية ..
- ملك ، أنظري تخبرينني الآن أين وجدتي هذهِ الساعة لأعيدُها ، كما أن هذا الفُستان أيضاً لا يليقُ بكِ وأنتِ تجمعين شعركِ المتناثر إلى أن أعود إليكِ ..

خرجت من تِلك الغرفة ومالم أتوقعُ حدوثه هو أن أخرجُ في وجه السيدُ أحمد فُجِعت فوقعت من يديَ تلك الساعة وتلاها الفُستان ..

- أُخت فاطِمة ماذا يفعل فُستان دُلجان في غرفتك ؟
- فُستان دُلجان ؟ كانت قد طلبت مني الآنسة هاندام أن أقومُ بكويه فأحضرتهُ إلى هُنا خشية أن أوقِظ دُلجان .
- وماذا عن تلك الساعة ألمر تكن ساعة هاندام ماذا كانت تفعلُ بغرفتك ، أم أن الساعات تكوى ايضاً ؟

لا اعلمُ إن أصاب لساني الشلل ولكنني أعلمُ بأن شيئاً مَا كان يمنعُني من التحدث يمنعُني من الدفاع عن نفسي ويدفعني إلى أن أثبت عليّ تُهمة السرقة رغم برائتي .

- انظري يا أُخت فاطمة :
كنا قد أمنّاك على بيتُنا وطفلتُنا وأملاكُنا ولكن تبيّن الآن بأننا أسدينا الأمانةُ للشخصُ الخاطِئ ، إجمعي ثيابكِ واغربي من هذا المنزل قبل ان تُشوهي صورتكِ أكثر ..

لا أعلمُ حينُها إن كنتُ أجمعُ ثيابي أم أجمعُ بقايا قلبي الذي كان لإرتطامهُ دويٌ هز أركانَ روحي .
غادرتُ ذلك المنزل مطأطأةً رأسي لِشدة الخجل ، بينما ملك كانت تنظرُ إلى ذلك المنزل الشاهق بعمق ، كمن يحاولُ أن يرسمُ له صورةً في ذاكرته ، كانت تحفظُ الطريق كما لو أنها ما أن انشغلُ عنها ستفرُ إليه .

بقينا عِدة أيام ببيت إحدى صديقاتي إلى أن وجدتُ منزلاً آخر أستطيعُ أن أعمل به ، بدأتُ العمل في ذلك المنزلُ المتواضع المفعم بالدفئِ والهدوء .
كانت سيدته تدعى ليلى كانت ليلى تعملُ مديرة مدرسة وعلى خلافُ جميعُ السيدات اللاتي باشرتُ العمل بمنازلهن كانت تلك السيدة بسيطة جداً وتجبر الجميعُ على حبها .

وعندما أقترب العامُ الدراسي وبلغت ملك السادسة من عمرها أصرت أن تصحب ملك وتسجلها في تلك المدرسة وتهتمُ بها كإبنتها التي قضت عمرها تنتظِرها رغم أن الأطباء أخبروها بأنهم قد فقدوا الأمل من علاجها ..
وعندما عادت ملك من أول دوام دراسي لها كنت أنتظرُ حديثُها بحماسةً شديدة ومالم أتوقعه هو أن تبدأ حديثها قائلة :
- أُمي أُمي وجدتُ دُلجان اليوم ، كما أننا أصبحنا نجلسُ بجانب بعضاً .
- أقلتي دُلجان ؟ وكيف حدث ذلك ؟
- كنتُ قد رأيتُها في الطابورُ الصباحي ، أُمي إنها تجدل شعرها بطريقة جميلة جداً كما أنها ترتدي طوقاً وردياً حتى أن الطالبات يجتمعن حولها كثيراً ..

لم أصغي لِما تبقى من حديثُها هذهِ المره لأنني احفظهُ جيداً ، ولكنني أفكرُ في دُلجان المرافقة لنا ، التي تأبى أن تترك طفلتي تعيشُ بهدوء دائماً ما تتسلل إليها لتوقظ بداخلُها ضجيجُ المقارنة .

- أُمي أُمي ، هل أنتِ تسمعينني ؟
- أسمعكِ ، ماذا كنتي تقولين ؟
- كنتُ أقول أن مُعلمتي اليوم قالت أن الأصدقاء مع مرور الأيامُ يجعلوننا نشبههُم فلننتبهُ كثيراً من نصادق ، أنا أخترتُز دُلجان لأنني أودُ أن أصبحُ دُلجان اليس كذلك ؟
- كنت قد أعددتُ لكِ الطعام هيا لتتناوليه ..

وعندما ارتدت السماءُ فستانُها الأسود وحل المساء :
انتهينا من حل واجباتِها وخلدت إلى النومِ اخيراً .
بعدها أنهيتُ أعمال المنزل ثم ألحقت بها .

وفي اليومُ التالي كنت أنتظرُ مجيئُها كنتُ أشتاقُ أن أرى إبتسامتِها اللطيفة التي تزين مسائي ، طُرِق البابُ وطُرِق قلبي لصوتِ بكائِها القادمُ من خلفُ الباب فذهبتُ بسرعة لِأفتحه .
- ملك ماذا بكِ ، لماذا هذا البكاء ؟
وعلى خلاف ماكانت تفعلهُ تماماً هجرت حضني راكضةً لإحتضانِ وسادتِها .

- ملك ماذا بكِ حدثيني ياحبيبتي ؟ أيوجدُ من قام بمضايقتكِ يا عزيزتي ؟
- نعم نعم ، أنتِ تستمرين بمضايقتي يا أُمي ، ترفضين تماماً أن أكون دُلجان أعدتِ الفُستان ، وغادرنا المنزل واليوم ، اليوم جعلتي دُلجان تكون أفضلُ مني في درسُ الرياضيات حتى واجبي كان خطأ فأنتِ جعلتيني أقفُ لمنتصفِ زالحصةِ ودُلجان تجلسُ زوالجميعُ يصفقُ لها .
- فقط واجب الرياضيات كان خاطئ ؟ نحلهُ صحيحاً في المرة القادمة ، أعدكِ بذلك ..
- لا تعدينني يا أُمي وعداً لستِ بقادرة على تنفيذه أخبريني كيف للمرأة التي تقضي يومُها في المطبخ أن تحلُ مسألة رياضيات بشكل صحيح ، أخبريني ؟
- حسناً نجعلُ الآنسة ليلى تحله ، تستطيعُ ذلك أليس كذلك ؟
- الآنسة ليلى تصحبكِ إلى المدرسة ، الآنسة ليلى تحل واجب الرياضيات ، ياربي لما لم أكن إبنة الآنسة ليلى .

رغم أنها كانت صغيرةُ سن إلا أنني أعترفُ بأنه لم يكن باستطاعتي أن استمعُ لمزيداً من هذهِ العبارات الحادة التي كان بمقدورِها أن تخترقُ جدار قلبي .

هي تعلمُ بأنني أقضي أيامي في المطبخ ،
ولكنُها لاتعلم بأنني قبل عدة سنوات كنت طالبةً مجتهدة ومتميزة دوماً ، ولكن ما منعني عن إكمال مسيرتي الجامعية هو أن أجد عملاً لأستطيع من خلالهُ أن أصرف عليها فقد زُوِجتُ قصراً برجلاً أو لربما تزوجتُ ذكراً يحملُ أسمُ الرجولة لوجود شارباً فوق شفتيه ، ينفقُ جميعُ أموالهُ في اللهو بلعبِ القِمار إلى أن تراكمت الديونُ خلف ظهرهُ فرُمي في السجنِ منذُ أن كانت طفلةً بعمرِ السنة هي لا تعلم بأن المرأة التي بعينها فاشلة في حل مسألة رياضيات قد تكون ناجحةً في أشياء أخرى وأهمها ان تكون مفرداً يقوم بتربية صبيةً صغيرة دون أب .

بقيت ملك في ذلك اليومُ تهربُ بعيناها عني وكان يوماً ما أصعبه .

مرت الأشهرُ العديدة الممتلئة بالمقارناتِ والبكاء كنت قبل أن أنامُ في كل ليلةٍ أتأملُ بأنه سيأتي الغدُ نازعاً من قلب إبنتي تلك الغيرة مُطهراً لها ..
وماكان يحدثُ دائماً هو العكس ، بدلاً من أن تكفرُ الحياة عن ذنبُها وتعتذرُ لتلك الطفلة عن ما عايشته من الآم رغم صغرِ سِنها كانت دائماً ما تلطخُ ايامها بمزيدٍ من الافكارٍ التي تجعلُها تغارُ أكثر .

بينما كنتُ منهمكة في ذلك الصباحُ بتنظيفِ المنزل سمعتُ رنينُ هاتفي ، كانت الآنسة ليلى ، أخبرتني أن ملك مُتعبة ويلزمُني أن أذهبُ الى المدرسة تركتُ مابيدايَ وذهبتُ مسرعةً بل راكِضة .
وصلتُ اخيراً إلى غرفةِ الارشادِ الصحي كانت ملك مُمددة بجسدِها النحيل على ذلك الكرسي .

- ملك ، اسم الله عليكِ ، ما الذي حصل يا إبنتي .
- أمي لماذا جئتي إلى هُنا لماذا ؟ لماذا تصرين على مضايقتي يا أُمي ، أترغبين بأن تضحكُ الطالباتُ عليَ وأصبح استفزُ غيبتهن ليبدأو بالتحدثِ عنكِ كلما رأوني ؟

ثم شهقت ملك بصوتٍ مُرتفع حتى أن قلبي كاد أن يقفُ خوفاً عليها ، دفعتني على الأريكة وذهبت تركض ، لحقتُ بها فإذا بذلك الشهيق كان لمرورِ دُلجان من جانب الغرفة ، وقفتُ بهدوءٍ أراقبُ علاقتهن بينما كانو يتبادلون الحديث الذي اقول للآن أيا ليتني أصبحتُ صماء قبل أن أسمعه ..

- دُلجان دُلجان ، أين تذهبين ؟
- كنتُ أودُ الذهاب لجلبِ الماء ، كيف أصبحتِ أنتِ ؟
- تحسنتُ كثيراً ، هل نذهبُ إلى الفصل ؟
- توقفي يا ملك ألم تكن هذهِ أُمك ؟
- لا هذه إحدى العاملات طلبتُ منها أن تساعدني على النهوض ، هيا لنذهب .

أقُلتي عاملةً يا إبنتي ؟ من الذي علمك أن تكذبي بهذه الطريقة المليئة بالقسوة .

وبعد يومٍ مليئ بالتفكير قررتُ أن أذهبُ لتسجيلِ ملك في مدرسةٍ أُخرى قبل أن يتطورُ الأمر أكثر فأنا لم أعد أحتمل حقاً ..

فعلتُ ذلك ، كانت مرحلة صعبة جداً في بدايةِ الأمرِ ثم أستطعتُ أن أجعلُها تتغلبُ عليها ..
مرت الخمسةِ أعوام بسلآم ..
عذراً لرُبما أنا التي ظننتُها مرت بِسلام ، بينما هي لم تكن كذلك .
و بالرغم من إنتقال ملك لمدرسةٍ أُخرى إلا أن شبحُ الغيرةِ لم ينتقلُ وبقيَ مُرافقاً لِملك ولكنها لم تعُد تتحدثُ إليَ كثيراً عنها فقد كانت تحبِسُ غيرتُها كلما كبُرت ويتترجمُ ذلك بِهدوئِها وبكائِها وتفكيرُها المختلف ، كما أنني اكتشفتُ في نهايةِ الأمرِ أنها كانت يومياً عندما تنتهي من دوامِ المدرسة تمر لتتفقدُ دُلجان وحالها عند عودتها إلى المنزل عن بعد ..

وعندما أصبحن في الفصلِ السادِس بالعمرِ الحادي عشر جاء اليومُ الذي وضع على كل حرفٍ نقطتهُ بعد أن كانت حروفاً مُبهمة .
ذهبت ملك بعد دوامُها وبقيت تنتظرُ عودة دُلجان كعادتُها وبينما كانت تحلقُ بتفكيرُها بعيداً قاطعها نداءُ دُلجان لها وفرحتها بوجودِها تبادلوا أنواعاً من الأحاديث ثم قامت دُلجان بتوجيه سؤالاً إلى ملك .

- ملك أتذكرين عندما كُنا في الصفِ الأول ، عندما طلبت المعلمة سحر أن نكتب ما نتمنى أن نكونهُ في المستقبل لم تقولي ذلك اليوم ما الذي كتبتيه وبقيت الورقة مُنخنِقة بيديكِ وهذا ما دفعني لأقرأ ما كتبتي كنتي قد كتبتي أودُ أن أُصبحُ دُلجان اليس كذلك ؟
- نعم كنت قد كتبت ذلك .
- ملك هل أنتِ تودين أن تشبهينني فعلاً ؟
- نعم حتى أنني عندما كُنت طفلةً قمتُ بقص شعري ولكنني لم أشبهكِ ، كما أن أمي كانت تغضب عليّ كثيراً .
- ملك هيا تعالي لأريك تلك الحياة التي ترينها جميلة عن قرب .
مسكت دُلجان بيدٍ ملك ودخلو إلى المنزل الهادئ وبعد ان أسقطت تلك الحقيبة الثقيلة عن ظهرها واحتضنت قدميها على الاريكة الصغيرة بدأت بالتحدث وطلبت من ملك أن تستمع إليها حتى تنتهي .
بدأت حديثها قائلة :
- رغم أنني أمتلك الكثير من الصديقات والأقارب إلا انه لا يوجد هناك من يحب حياتي بقدر ما تحبينها انتِ ، لذا سأخبركِ هذا الحديث وأنا أثق أنكِ ستغادرين المنزل وانتِ متخلصة من ذلك الحب .

- إن كنتِ تُحبين أن أبي رجل ثري وله مكانة .
فالثروة لا شيء عند عدم وجود العاطفة .
- وإن كُنتِ تُحبين أن أمي مصممة ناجحة .
فالتصميم والنجاح أنا لا تعنيلي شيء فأمي تغادر المنزل صباحاً ولا تعود إلا بعد منتصف الليل عندما أكون قد تعبتُ انتظارُها ونمت .

- كنتِ تقفين مرةً وتراقبين أبي وهو يحملني وأمي تتحدث إلي بحب ، وليت سني كان أكبر قليلاً لأركض إليكِ وأمسحُ على وجنتيكِ وأخبركِ أن هذا كان تمثيلاً لأنني أذهبُ للخضوع لعمليةٍ جراحية
وما أقسى من جفاف الحب إلا تمثيل الحب عندما تعلمين أن هذا الحب مؤقت يبدأ في زمن وينتهي ايضا في زمن محدد لا يمكن ان نطيل في عمره مهما فعلنا ينتهي حتماً كما لو أنه فيلمٌ سينمائي وليس بمشاعر .

- غرفتي تضجُ بالدمى اليس كذلك ؟ ولكن إحتضانها جميعاً لا يُحقق الأمآن الذين يحققه حضن والديكِ في نهاية اليوم .
- جديلتي المعتادة حتى جديلتي هذه معلمتي من تقوم بصنعها فالخادمة تكون نائمة صباحاً وأمي لا تنتهي اشغالها أبداً
" والمرأة التي لا تتفرغ لتقول لابنتها صباح الخير كيف يمكنها ان تتفرغ لتصنع جديلة شعرها "
- واجباتي اللاتي كنتي تتعجبين من صحتها مراراً وتنسبينها إلى ثقافةِ أُمي كانت الخادمة هي من تساعدُني بحلها .

يعني إن كان هناك احدٌُ يجب عليه ان يتمنى حياة الآخر كان الواجب عليَ أن أتمنى حياتكِ الهادئة وعاطفة أُمك التي تجمعُ بقلبها عاطفة سبعين أُم ، أنتِ محظوظة كثيراً يا ملك ولكنكِ لم تدركي هذا الحظ ابداً كانت لك أماً عظيمة ولكنكِ تفرطين بساعات بقائك ِمعها بالتحدثُ عني بينما أنا إن كنتُ املك اماً كأمكِ سأخبرُها ماذا أودُ أن أكون في المستقبل ماذا فعلت في المدرسة وأنها أحب الأشياء إلى قلبي .

- ملك ملك ، ماذا بك ؟
- لا شيء ، انا تأخرتُ على امي كثيرا تكون قلقة الآن .
كانت تركضُ لا أعلم إن كانت تخاف قلقي فعلاً ام تحاولُ أن تهربُ من الكلام الذي سمعته أم تحاول أن تخترقُ الحياة وتذهب بعيداً لتقوم بالندم على مافات .
طرقت الباب وملامح وجهها تُغطى بالدهشة .
ذهبت تركضُ إلى غرفتها وبقت صامتة لم أكن أشاء أن أزعجها وبقيتُ في المطبخ لإنهاء العمل وتفاجئتُ بمجيئُها إلى المطبخ لتبقى صامتةً تتأملُني كما لم تكن تفعل منذ سنواتٍ عديدة وبعد مرور زمن طويل على نوبة الصمت التي كانت تعيشها جائني صوتها المنخفض .

- أُمي .
- تفضلي يا إبنتي .
- لا يمكن أن نعيدُ الطفولة اليس كذلك ؟
- حقيقة هو لا يمكن ولكنك بعيناي للآن طفلتي الجميلة .
- أُمي أودُ أن أعود طفلةً حقاً .
- أشعرُ بأنني عشتُ طفولةً مشوهه وإنتابها البكاء رغماً عنها فجلست بجانبُها حتى تسردُ إلي ماذا حدث فجأة ، فإذا بها تروي لي هذه القصة التي أشعرُ بأن عقلها لم يستصيغها إلى الآن .
فشاركتُها بكاء الندمُ على طفولتِها البريئة التي لُطِخت بحياةً وهمية لم تكن موجودة ابداً بل هي من رسمتها لنفسها وكانت لها مصدر شقاء .
ثم قاطع بكائي صوتُها المتقطع مرة اخرى بقولها :
- أنا آسفه يا أُمي .
احتضنتها بدفئٍ واخبرتُها بأن الأمهات لا تغضب على صغيراتها لذا لا داعي للأسف يكفيني انك ستعيشين حياةً هادئة اخيراً .
- أُمي ، أي اننا لا نقدر أن نعود إلى الماضي .
- لا أحد يملك تذكرةً تعيدهُ إلى الماضي ولكن جميعنا نمتلكُ القدرة على أن نغيرُ المستقبل ونعيشه بسعادة لإلا نندم عليهِ عندما يصبح ماضياً .

- هيا لتذهبي وتتحدثي مع الآنسة ليلى إلى أن أنتهي من مهمتي .

رسالة إليك وإليكِ :
علينا دائماً ألا نكتفي بالنظرُ إلى الشخص من بعيد ونرسمُ حياتهُ كما نشاء ثم نُحزِن بها أنفُسنا ، فالحياةُ التي نراها جميلةً قد تكون مؤلمة والشخص الذي نراه مبتسماً دوما قد يكون يستخدم الابتسامة كوشاح يغطي بها حزنه .
فلنمارسُ تجربةُ الإقترابُ لمرة .
صحيح أنه سيكون مؤذي في بعض الأحيان ولكن ألم الحقيقة لفترةٍ قصيرة أفضل من ألم الوهم الذي يستمر ويشوه اياماً عديدة كان من المفترض ان تكون اياماً نقية
للتقييم، فضلا تسجيل   دخول
 0  0  851

التعليقات ( 0 )