على خلاف كل الأطفال لم أكن أريد أن أكبر
حتى أنني كنت أخاف كلما انتقلت من* سنة إلى سنة !
كنت أشعر بأني إذا ما كبرتُ لن أجد ما يثير دهشتي كما أجدها في عودتي ملطخةً بالطين إلى البيت عند غروب الشمس أو انتصاف النهار !
كنت أتساءل أيضا : لمَ يبدو الكبار سعداء ومبتسمين مع أنهم لا يستطيعون مشاركتي الشغب في شوارع الحي ولا يستطيعون مشاركتي في الشعور بالنشوة والانتصار كلما شرخت كرة القدم الخاصة بأولاد الجيران !
كنت أتساءل وأنا أعود من بيت رفيقتي التي ظلت رفيقتي حتى اليوم بحمد الله وأقول : ماذا لو كبرت ولم أعد أستطيع قضاء وقت طويل معها في الجنون !
ماذا لو لم أعد قادرة على ترئس الخطط الشيطانية التي تقتضي من كل أتباعي أن يتبعوا أوامري وينثروا الملح في شعر الفتيات الجديدات المنضمات في مدرسة القرءان التي تتوسط قريتنا ؟
ماذا لو لم أعد أستطيع العبث بجرس جارتنا المطلقة ثم الهروب !
أوه بالمناسبة أتذكر أجبرتنا أمي على الاعتذار منها ... تخيلوا اعتذرنا ونحن نضحك ! لم نكن نشعر بالعار .. أجل لسنا ملومين كانت لعبة نتسلى بها !
وماذا لو لم أعد أستطيع البكاء والنوم عصرا غضبا على أمي التي تجرأت وتركتني دون أن تأخذني معها أينما ذهبت ! تصوروا كنت أذهب معها كل مكان عدا بيوت العزاء ولو لم أكن أخشى الموت ولم أزل كذلك لذهبت معها حتى القبر !
ماذا لو لم أعد قادرة على اللعب مع كل الفتيات التي كنت أكبرهن _ نعم كنت أكره منهم في سني وأكره الكبيرات أو لنقل كنت خجولة _ في القلعة الكبيرة القديمة ..ماذا لو لم أعد أستطيع اللعب فيها حافية و مملوءة بالتراب حتى أخمص قدمي !
ماذا وماذا !! شغب طفولتي لا ينتهي !
لكني كنت أرى الدنيا كلها لعب في لعب !
وكنت أخاف أن أفقد قدرتي على اللعب
لكن عندما كبرتُ قليلا لم أرى ذلك الخوف كله ! ابدا الأمر طبيعيا
يا إلهي ليتني أرى تلك الطفلة الخائفة لأطمئنها بأني بخير ولم أمت بفقداني كل ذلك !
لكن تدرون أنا ما زلت أخاف أن أكبر ولو قليلا
ما زلت في السابعة عشرة وأخاف بلوغ الثامنة عشرة !
مازالت أفكار الطفولة تكبر داخلي لكنها تظهر بشكلٍ مباحٍ لفتاة تركت طفولتها .. ما زلت أتساءل ماذا لو لم أعد أستطيع ممارسة الجنون المدرسي كل يوم !
أتساءلُ ماذا سأجد في كل عمر ماذا سيبعث دهشتي ويبقيني على قيد الحياة إذا ما كبرت أكثر وأكثر !
ماذا !
__
ليخبرني الذين يكبرونني هل يجب عليّ أن لا أخاف !
هل مازلتم تجدون ما يدهشكم !
طمئنوني !