لا أنكر أني ذلَك الطفُل الشقي الذي ملأ البيت ضجيجاً وأثار الضوضاء في المدينة إلا أني الأكثر شعبية في قلوب الجيران ،،
رغم الربو الذي لازمني طيلة طفولتي إلا أني كَنت مزعجاً للغاية ،،
لم أنسى تشجيع أبي لي لأصبح أكثر ضجيجاً فهو يرى أن هذه الشقاوة ستجعلني رقماً صعباً في المرحلة الدراسية،،
كانت طفولتي ذكريات جميلة مثلي مثل غيري من الأطفال إلا أن قميراء الجنوب جعلت طفولتي مميزة ،،
نشأت في معزل عن البشر فليس حولي سوى أهلي وذلك الجار الذي ليس له أولاداً أذكور في مثل عمري ،،
كنت أفرح في مناسبة الأعياد وأيام دراستي فإني سأرى ابنت الأصول الصغيرة "قمر" جارة عمي الذي اقضي أيام دراستي ببيته فكنت ببراءة طفل أدعوها للعب معي ،،
طفولة لا ُتقدر بثمن نكبر وتكبر أمانينا معنا نرسم ببراءة مستقبلنا الزاهر ونبني بيتنا على سطح القمر في مدينة الأحلام ،،
وما أن وصلنا مرحلة المتوسط حتى ارتدت القميرا حجابها وبدأ عالمي المشرق يتجه نحو الظلام غير أنها ببراءة طفلة ُتسدل نقابها كل ما رأتني أرتقبها عند النافذة التي منعتني أمي في طفولتي من الوقوف علبها كي لا أقع ،،
نافذة بسطح منزل عمي أسميتها " نافذة السقوط" فقد حذرتني نبعَ الحنان من الوقوف عليها ولكني تمردت كالعادة رغم خطورتها ،،
ما أن نشبت حرب الثار وابعدت عني فتاة الأحلام للأبد حتى تذكرت تحذير أمي لي من نافذة السقوط ،،
حينها أدركتَ معنى تحذير أمي وقلبها الحنون وكأني بها تقول لا تنظر لبنت الجيران "قمر" من هذه النافذة فالمجتمع كل يوم يفاجائنا بجديد ،،
كَل ما تذكرت الطفولة وتلكَ النافذة وقضية الثأر في الآونة الأخيرة ازددت قناعة أن قلب الأم ُيسبق الأحداث بتنبؤه ،،
گل ما أطلب من هذا المجتمع القاسي أن ُيعيد لي طفولتي فحتى نافذة السقوط هدمها عمي بحجة بناء دور ثاني يقضي على أطلال طفولتي ،،
أتساءل أحياناً .. هل انا فعلاً فَقير حظ أم أن القدر يخبئ لي نافذة أمل بدلاً من نافذة السَقوط ،،
يا مجتمع القسوه لا أُريد منك سوى طَفولتي .
بإذن الله أن الأيام تخبئ لك نافذة أمل فالحياة لا تتوقف ع أول خيبة أمل ،،
نعم نتعثر لكننا نقوم بعد عثراتنا ونحن أقوى ،،
قلم ينزف بالألم لكنه مليء بالأبداع ،،
استمر ،،