الجمعة، ١ ربيع*الثاني، ١٤٣٨
أذكر يوما أني غبت عن أهلي ولم أتواصل معهم لمدة أربعة أو خمسة أيام تقريبا لانشغالي بمنزلي وأمور حياتي وزوجي وأطفالي، فإذا بجرس الهاتف يرن، أمسكت بالجهاز لأرى من المتصل فوجدت اسم أمي، فتحت الخط فإذا بها تخبرني أن جدي قد اشتاق إلي ويريد محادثتي للاطمئنان علي. ما أحن قلبك يا جدي!
وأذكر مرة أني تجادلت مع أمي ونشأت بيننا مشكلة كبيرة وكنت آن ذاك في حالة نفسية متوترة بسبب عدة ظروف، تجادلنا علت أصواتنا وانفعلت وذهبت لغرفتي وأغلقت بابي على نفسي معتزلة كل من كان في المنزل لساعات، وإذا بباب غرفتي يدق وأنا في الطابق العلوي ولست في نفس الطابق مع أهلي، قلت من؟ قال لي جدي افتحي الباب يا ابنتي إني قلق عليك وفقط أريد الاطمئنان. ما أعظم حبك يا جدي!
ومرة أخرى أسمعه يسأل عن فلان وعلان من أقارب لنا بعيدين وقريبين، كيف حال هذا وكيف ذاك، ويطلب من أمي الاتصال بهم ليحادثهم ويطمئن عليهم بدون اكتراث لفارق العمر ولصغر سنهم. ما أروعك يا جدي!
ومرة مختلفة أذكره وهو يطوف أرجاء المنزل ليلا ونحن نيام ليطمئن علينا ويتأكد من غلق الباب وإطفاء الأنوار والأجهزة الكهربائية. كم أشتاق إليك يا جدي.
ومرة رائعة أراه في كنف الليل في زاويته البعيدة في غرفة العائلة وحيدا في الظلام ممسكا قرآنه خاشعا منسجما منتظرا لأذان الفجر، صورة لا يمكن أن أمحوها عن مخيلتي. رحمك الله يا جدي.
رحمك الله يا جدي وغفر لك بكل كلمة قرأتها من كتابه الكريم وكل تسبيحة وصلاة وذكر، بكل مرة استفقدتنا وسألت عنا واشتقت لنا ونحن في غفلة عنك، بكل مرة تفقدت وجودنا وأحوالنا وصحتنا، بكل مرة ضحكت وابتسمت وألقيت فيها دعابة من دعاباتك الظريفة الخفيفة، بكل مرة رحبت فيها بنا أو افتخرت بنا وبأزواجنا وعرفت الناس علينا وعليهم مفتخرا.
رحمك الله يا جدي كم أشتاق اليك.
كتبتها ودموعي تتساقط شوقا وفقدا لأعظم رجل في حياتي. لجدي " أحمد عبد الله ركن" فليرحمك الله ويغفر لك ويوسع قبرك وينيره لك يا رب العالمين.
كم اشتقت إليك