وقفتُ أمامهُ و أنا أحتضنُ دموعهُ على صمتِ آذانهِ و تكبيراته، بدأتُ أكفكفُ دمعه و أوحي له بعضاً من الأحاديث ربّما يستفيقُ عن حقيقةِ العَرَب!
قدسي .. سيجتاحكَ الغربُ و العُرْبْ!
نعم العُرْب!!
سكوتهم هذا أحد طرقِ اجتياحهم لك يا موطني!
سيتسللّ إليكَِ كلّ جبان ظانّاً أنه سيملك حكمك والاستيلاء عليكِ!
و لكنّك يا أرضي ستبقين عزيزةً فوق كلّ أرض مهما بلغَ نفاقُ الدّول من حولك، ستبقين يا فلسطينُ الأطهرَ بشبابها الأجمل بعبقِها حينما تستغيثين و يلبّي ندائك شبابك بدمائهم و أرواحهم!
قدسي.. سيكثُر اليهودُ من حولك، سيلّوثُ جداركَ برائحةِ خبثهم، لكنّي أعدك والله مذْ قدّسك وَعدَك بأنّ النّصر سيكون حليفك في يومٍ مّا!
صمتَ قليلاً ثمّ بدأ يمطر عليّ من أنينه طوالَ المئةَ عامْ
طفلَتي..لقدِ احتضنتُ ملايين الآهاتِ بداخلي و لمْ أجهر بها، أتدريِ يا طفلتي؟ لمْ يكنِ الغربُ وحدهم يتسلّلون إليّ! هناك الكثيرُ ممّن زعموا بأنهم أولياءٌ لله كانوا لي عدوّا أشدّ خطراً من إسرائيل!
طفلتي.. لمْ يعدْ هناك جدوى لنداءِ العرب!
باتَ كلٌّ منهم مُلْتَهياً بين أبنائه و مُلكه و ثراءه، سيقتربُ الشّتاء الآن يا طفلتي و سترينني بين الثلوجِ لا يدفئني غيرَكِ أنتِ و أبناءُ موطني!
أولا تعلمين بأنّ العالم سيصبحُ قريباً مملكةً لإسرائيل؟
نعم.. ستغدوا نفوسُ الساكتين عن ألمي مواطنون تحتَ حكمِ اليهود دون شعورهم و دون إرادتهم!
سيكونونَ عبّاداً بتدرّجٍ بطيئ لا يلْحظُه عقلهم و لنْ يوعوه إلاّ بعدَ حين!
طفلتي إنّي أخشى عليكِ من مستقبلٍ سيحلّ على العُرْبِ قبل الغرْب، سيتفشّى الفسادُ في الأرضُ و سينامُ صوتي حينها، لنْ يُفرّق الجهّالُ بين صوتَ الحقّ و صوتِ الباطل!
طفلتي ابقي بجانبي إلى أن يُوفى وعدنا من الله لأنّه في يومّ ما سيهونُ حصارنا على كثيرٍ من السّفهاء ، ستكونُ هناكَ لائحاتٌ في كلّ طريقٍ بدولِ العُرْب عنوانها " مرحباً بك في إسرائيل"