القصة التي شاركتُ بها في مُسابقةِ المدرسة ، وأخَذتْ المركزِ الأوّل على جميع مدارِس المُحافظة بعنوان "غروري قتل طفلتي" وما زالت هُناكَ تصفيات للفوز على مستوى المنطقة ومن ثمّ الفوز على مستوى المملكة العربية السعودية ، أتمنى لكم قراءةً ممتعة ..
"غروري قتل طفلتي"
لنفسكِ عليكِ حق فإن قُمتِ بـ إيذائها ستُكتب في صحيفتكِ سيئة وسوف تُحاسبين عليها ، فما بالُ صحيفتكِ حين تُفرغين قسوتكِ وأذيّتكِ في قلبِ طفلة لا تعرف الحياة ،*
******ما بالُها حين تثبّتين في عقلها تعريفًا قاسيًا للحياة ؟*
الكارثة حينَ تكون الطفلة ابنتُكِ التي تزوّجتِ من أجلِ أن تُنجبيها*
أنا فيروز : أعيشُ في منطقَة جازان ، عمري أربعة وعشرون عامًا ، متسّلطة ، جميلة لدرجةِ أنّ البعض يعرفني عن طريق جمالي وذلك من أحاديث الناس عني ، *ولكن نفسي خبيثة ، ولا أطيق الأطفال القبيحين ..
عثمان هو : زوجي عمره خمسَة وثلاثون عامًا ، عاطل لا يعمل ، ولكنهُ من تجّار المنطقة ، حنون ، طويل القامة ، عينيهِ مُتوسّطة الحجم لونها بني داكن ، أنفُه حاد كـ حدّ السيف ، وفاهُه صغير للحدّ الذي يجعل شارِبه يُغطيه*.
دارين هي : طفلتي ، عُمرها خمس سنوات كفيفة ، ذات وجهٍ مُستدير ، بشرتها سوداء ، غير مُلفتة أو بمعنى أصحّ قبيحة.
كريمة هي : جارتي ، شابّة ، حنونة ، شخصيتها مُلفتة ، عينيها واسعة لونُها أخضر ، بيضاء ، جذّابة*.*
تزوّجتُ عُثمان وأنا ما زِلتُ صغيرة أبلُغ من العمر ثمانيةَ عشر عامًا ؛ كُنت أتمنى أن تكون لي طفلةً جميلة ، دائمًا أتخيل أنّ طفلتي ستنتصر عليَّ بجمالها ،
'في الأشهر الأولى من زواجي كنت أجلس وحدي ، لا أهتم بمنزلي وزوجي ، كان تفكيري كلّه محصورًا بالطفلة التي سوف أُنجبها فيما بعد*..
عُثمان لاحظ أنني إمرأة مُنعزلة ، ومهملة فجاء يُريد تفسيرًا لحالتي*:
- فيروز ! هل لي أن أتحدّث معك عن أمرٍ يُهمني*
- أهلًا ، على الرحب*
- لماذا أنتِ هكذا ، تُحاولين الفرار مني ؟
- لا ، إنني بحاجةٍ لوقت حتى أعتاد عليك*..
- ولكن قد مضى على زواجنا عام ، من المفترض أنّكِ قد اعتدتِ ، فإنني أُنهكتُ من أسئلتي التي تعانقني فكريًا*..
- كان على حق
مضى عام وأتى آخر*..
تحسّنت علاقتي مع زوجي ، وأصبح لي كلّ شيء*:
رفيقًا ، وشقيقًا ، أمًا ، وأبًا ، زوجًا ، ومأوىً..
***********************************************************************************************
أحببتُ زوجي جدًا حين عرفتُ أنني حُبْلَى ؛ فهُناك علاقةً قوية تربُطني به وبـ شدّة ،
ذلك اليوم كان أسْعَد يومٍ في حياتي اسميتَهُ - يوم تحقيق الأمنيات - كنت ابتسِم بلا سبب حتّى وأنا حزينة فجأة أشعُر أنني قد ابتسمت لا إراديًا*..
عندما تترقب شيء ويأتيك جزءًا منه تشعُر وكأنهُ جاء مُكتملًا*..
نمتُ وأنا مُبتسمة ، ورأيتُ ابنتي في المنام ، رأيتُها قبيحةً ، بشعة ، وكفيفة واستيقظت أصرخ وأبكي* .. كابوس .. كابوس .. كابوس*.
استيقظَ عُثمان فورًا يسكُب لي الماء ، ويُسقيني ، ويمسِك بـ يدي حينها هدأتْ ،
حاولتُ أنسى ملامح طفلتي التي رأيتُها في المنام وتخيّلتُ جمالِها من جديد ، كانت محاولتي ناجحة*.. وعُدتُ طبيعية ، أمشي وابتسم ؛ لأنني مستوثقة أنّ ابنتي ستكُون غاية في جمالها ..*
جارتي تعتني بي ، في كلّ صباح تأتي إليَّ بالإفطار ويستقبِلها زوجي عثمان :
كريمة : صباحُ الخير*
عثمان : صباح النور*
كريمة: أين فيروز ؟
- عثمان : هُنا ، تفضلي !
تدخُل كريمة وتُحضّر ليَّ المائدة ، وتطمئن أنني تناولتُ الإطْعَام .. فتُغادِر
وتمضي الأيّام والأشهُر على هذا الحال ... أنا أترقب طفلتي الطاغية بجمالها ، تخيّلتُ كثيرًا من الناس سيُقطّعون أيديهم حين يرونها ..
وُلدتُ .. إنّها الفاجعة !
كنتُ أسأل المسؤولين في*
المستشفى بصوتٍ عالٍ !*
هذهِ هي ابنتي ؟
- نعم إنها ابنتكِ*
- كيفَ ذلك ، كيفْ كيفْ ؟
ابنتي !
قبيحةً ، بشعة ، وكفيفة*،*
نعم هي ذاتها التي رأيتها في المَنام ، هي التي قُلت عنها : كابوس**
" يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيًا منسيا*"
" يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيًا منسيا*"
" يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيًا منسيا*"
ضرَبتُها ضربًا مُبرحًا وكأنها امرأة بالغة ، عاقلة ، وكأنها هي السبب في كلّ شيءٍ حصل*..
لا أعلم ماذا عليَّ أن أفعل*!
هل أرمي بها في سلّةِ المُهملات ، أو أتبرّع بها لامرأةٍ عاقر ؟
إنني مُجبرة على فعلِ شيءٍ ظنَنتُه مُستحيلًا ، لا بدّ أن تسكن في منزلي فهي ابنتي*..*
كنت أتضجّر ليلًا ونهارًا .. لا أنام ،* فقط أتضّجر من تلك القُنية '*
جارتي هي التي تُربّي طفلتي ،
اسمَتْها دارين
ومضت *فترة طويلة جدًا وأنا أُعاني من اضطرابْ نَفْسِي ، حتى أنني فقِدتُ الذاكرة،
الصورة الوحيدة التي بقِيت في ذاكرتي هي الصورة التي أهدتني رُعبًا ' وهي ابنتي*
لا أصدّق أن فيروز المرأة الشهيرة بـ جمالها تُنجِب الطفلة الشهيرة بـ قباحتِها*
' تلك :*فكرة لا تُرضي غروري .
مضَتْ أربع أعوام وأنا لا أعرِف ما الذي حصلَ فيها رُغمَ أنني على قيد الحياة*..
عادَت ليَّ الذاكرة ويا ليتها لم تَعُد*..*
- زوجي أصبَحَ زوجًا لـ جارتي*
- ابنتي تُنادي كريمة " ماما*"
- وأنا لا أزال خبيثة*..
*
قرّرَ عُثمان وزوجتِه كريمة أن يُسافِرَا سويسرَا ، أراد دارين معهُما ولكنّي رفضتُ اطلاقًا ..
*حين أظهرتُ لهُم أنني حنونة اطمئنا*..*
لن أعاتبهُما أبدًا ، فقط فرّغتُ قسوتي في ابنتي وذلك بـ ضربي لها*.
كلّما أشعُر بالضيق ، والغيرة
*أذهب وأضرِبها ؛ ولأنها كفيفة لم تستطِع الدفاع عن ذاتِها كانت تصرُخ ولكن ليس هُناك أحد يُسعِفها*..*
لن تعرف المرأة التي تُعاملها بذلك العُنف ولم تدرِ بأنها والدَتِها*..!
كثُرت الآثار في جرمِها وأصابَها فقرًا في دمِها ؛ بفعلِ خَبْطي ..
تبيّن لي أنّها آخِر أيّام حياتِها ، ومازِلتُ أكرّر عادتي التي لا طالما كنتُ أستلّذ بها ، فأدّى ذلك لـ وفاتها**
***********************************************************************************************
تُوفّيت طفلتي :
في البداية لن أهتم لـ وفاتها كأنها دُمية بأقل الأسعار ضاعت ، لم أشعُر حتى بحزنٍ عابر ، في العزاءِ كنتُ أضحك عليهم ...**
كلما جاءت امرأة تُعزّيني انظُر لها باستغراب**!
بمعنى*:
لمَ تُعزيني أنا ؟ ليس لي علاقة .
*
مرّت أشهُر ، وانتهى العزاء*
وحينها اسْتَوعبتُ أنّ قطعةً مني رحَلتْ ، تحسّرت ، بكيت ، تألّمت*
كيفَ عذّبتها أليس لي قلب ؟!
الآن أتمنّى أقبَح طفلة في العالم ، كي *تؤنسني في وحدتي*..
ولكنّي تأخرتُ كثيرًا*.
************************************************************************************************
" *****يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيًا منسيا*"
*
(رِفقًا بالأطفال ، رِفقًا بالأطفال ؛ فوالله لا ينفعُ الندم بعد إيذائهم ،
فمن أراد أن يعيش في سعادة فـ ليكُن حنونًا مع الأطفال ، فإنّ الابتسامةَ منهم تُنسِينا الشقاء ) .