أغمضتْ عيناها على نَزْفِ الحائط و لكنّها تعجبّت من حائطٍ ينْزِف!
كانت " ميلي" تعيشُ وسط أجهزَة النّجارين، متنقلة بها بين المنازل لكسب رزقها، فهي إحدى الفتياتِ التي تحدّتها الحياة و جعلتها تحترفُ مهنةً شقّتْ على الرّجال!
لكنّ طبيعة عملها لم يكن ليؤثر على قلبها كما يعتقدُ الآخرون، فأدّق ما صادفته في حياتها كان لِيصوّر بأنّ الحبّ لا يَتَحِدُّ مع المهنة!
فحمْلُها لحديدٍ و منشار، و خشبٍ و مسمار كان خلفه رقةً تُنافسُ بائعَ الوردْ!
و حين تتصارع المهن و طبيعتها و لاندري بأنّ خلفَكل مهنةٍ قلبٌ لن تُصوّره الأدوات، فمن منّا لا يعجبه حاملُ الورد؟ و نوقنُ بأن وراء ورودَ يده قلبٌ رومنسيّ؟
ذاك البائع غير كل من حمل الورد، فقد كان يُصوّر حياته الورديّة بأنها عاكسةٌ لمشاعره الكاذبه، لم تكن مشاعره في وتيرةِ الحبّ صادقة، فهي أصدأُ من الأدواتِ التي حملتها ميلي، كان الوحيد في تأثيرِ حياته من الورد بأنْ يتخيّر كلّ يومٍ من الزائرات كما يتخيّر من الورود!!
تلك الأعين التّي تسعى وراء الأجمل لن تكفيها وروود الأرض، فكلّ بستانٍ حمل وردا يختلفُ جماله عن الآخر، و كلّ وردةٍ لها ميزتها الخاصّة في جمالها!
فكيف لوردةٍ أن تجمع جميع الألوان في بتلةٍ واحدة؟
ميلي إحدى
كنتُ أبكي و لا تمسحُ عيناي مخبرني أنّي فس مهنةٍ من واجبها أن يقسوا بعدها قلبي!
كمْ من مرّةٍ جُرحت في عملي و أنْزِفْ لكنّي لمْ أجك تُضمد جراحي، أتدري؟ كان الحائط لينزف عندما تدخله أداة الحفر ألا يجدر بقلبك أن ينزف لأجلي؟
بين أجهزتي اليابسة التي كان حُكمها من البشر بأنّها قاسية، كان لينزف لها الحائط في أصغر الجروح ، في أصغر الحفر!، في كلّ مرّة كنت أحفر فيها الحائط و يتضّح لي بأنّه المكان الخاطئ كان ذلك ليؤثر في الحائط و إن أخرجتُ المسمار من مكانه، تلك الأدواتُ علمتني الكثير!
في المرّة المقبلة إذا أردّت أن تحكم على قلبي فلا تنظر إلى ما حملته يداي، فربما المنشار الذي أخافك كان لينشر الخشب فيشّكل بيتاً يتوسطه اسمك!
ربّما حملت الكثير من المسامير لكننّي حملتها لِتثبّت سقف حبّك حين رحيلي!
كنتُ أحمل الصّلب لكنّ صدق إحساسه كانتْ أقوى من رقّةِ وردك الذي جرحني شوكه المتناثر!
رايبل .. لا تشّك بقلب نجّار فرُبّ وردك الناعم كان أشق من لديه منشار!