• ×

قائمة

Rss قاريء

بين سرعة التوثيق والاسفاف في المضامين الموثقة

تزامنًا مع حملة " أعين ووقائع " التى أطلقتها مجموعه " أنامل مبدعة "

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
نبراس - اروى الزهراني - جدة 
تُعد للأجهزة الذكية براعتها التي لا يمكن أن ننكرها في تبسيط الكثير من الأمور الشاقة فيما يخص جميع نواحي الحياة ومجالاتها .
على سبيل الحصر ' سهولة توثيق المعلومة والموقف والأحداث سواء بصورة أو فيديو ' يُعد نقلة نوعية ' لها محاسنها في مجال الإعلام والصحافة وحتى فيما يخص إثبات أمر معين وحالة معينة '
مما جعل هذه المرونة في توثيق أي أمر سلاح ذو حدين '
بل هذه السهولة خلّقت الكثير من المساوئ والتي أُسيء استخدامها بشكل تعدى المحاسن والفوائد .

حين ننظر للأمر من زاوية الخصوصية ' فإنه مع تلك المرونة في التوثيق ما من خصوصية ،
إن لم يكن الشخص مُنضبط أخلاقيًا فليس من رادع يردعه عن توثيق أي مشهد مهما كانت خصوصيته على سبيل الاستخفاف والاستهتار وإضحاك البعض والتهريج والشهرة من وراء هذه التوثيقات '
وحين ننظر له من زواية التشهير ' فإن للتوثيق فائدته في كشف الخطأ والمخطئ وله مساوئه التي فاقت هذه الفائدة في حياة أشخاص كُثر وبلا وجه حق '
كأن يتم توثيق كلمة قيلت على سبيل المزاح وبثها دون أي حساب لمكانة الشخص ومنزلته ودون وضع أي اعتبارات لكونه قد يتضرر اجتماعيًا ووظيفيًا وأسريًا بسبب توثيق بعض الأشياء التي لم يكن من المفترض توثيقها وليست أهل للتوثيق .

الشيخ " ابراهيم الدوسري " قارئ وإمام مسجد '
كان ضحية ومازال لهذا التوثيق ' على سبيل المداعبة '
إذ اعتاد بشخصيته المَرحِة نشر الفيديوهات التي يمازح فيها الاخرين بطريقته '
حتى تم توثيق مقطع يمازح فيه شاب يافع بجملة هي فعلًا لا تليق بشخص متدين كما أنها لا تُقال وتعد مُشينة ولست هنا بصدد الدفاع عنه ولكن حين ننظر للأمر من منظور كونهم شُبان ومثل هذه المفردات دارجة أحيانًا بينهم رغم كونها مُخلة '
وليست أهلٌ للتوثيق ' وقد قام هذا الشاب بتوثيقها وبثها لجميع مواقع التواصل .
مما جعل الأمر قضية رأي عام ' وتم القبض مثلما يُشاع على الشيخ الشاب إبراهيم ' واتخذت تجاهه السلطات الاجراءات اللازمة '
وتم تنحيته عن إمامة مسجده .
خسر هذا الشاب أمور كثيره وعانى بسبب مزحة لم يكن في توثيقها خير ولا فائدة '
طالت هذا الشاب إساءات وتجريحات حول كونه متدين بلا مضمون '
وأنه ملتحٍ ليغطي مساوئه وأمور كثيرة خادشة ومؤلمة '
ضحايا كُثر لهذا التوثيق ' مشاهير تزعزعت صورتهم '
متدينين كانوا قدوة وتزحزحت صورهم بطريقة مخطط لها أَثّرت في الناس .
أُناس فضلاء تم استغلال عفويتهم ' ومداعباتهم فتم إسقاط ضوء الانتقاص عليهم.

غابت الأخلاقية مع مرونة الوسيلة ' فأصبحت الغاية هي الأهم بلا أي حدود واعتبارات .
تلاشت الأسوار فأصبح من الصعب حماية خصوصية آخر يرفض بتاتًا إشراك الآخرين طقوسه .
أصبح التعدي السافر على حدود الآخر منفذ للشهرة وطريق للانتقام '
ووسيلة لتحقيق غايات كثيرة سيئة .

ضحية أخرى من ضحايا التوثيق ؛ فتاة عرفناها جميعًا لأن قضيتها وصلت أعلى مُشاهدة في مواقع التواصل ' واستفزت فينا الغيرة والغضب والحمية على شابة من بلدنا شُهّر بها بطريقة سافلة .
المدعوة روان الغامدي .. أيًا كانت أسبابها ' أيا كانت سوءاتها '
فإن سرعة توثيق صورة لها وبثها بلا أخلاقيات للجميع ودون أدنى تفكير قد ضرها على الصعيد الشخصي ولن تُنسى صورتها ولن يُنسى ضعفها وخوفها ' ولن تُنسى قضيتها التي أصبحت تذكار عار في مواقع التواصل الاجتماعي .

ما عهدنا كل ذلك يوم أن كان هنالك حد ' وأخلاق ' وحذر .
مازلت لا أفهم، لمَ نتعامل مع النعـم والترف بصورة سيئة
ونستخدمها في طرق أسوأ '
لماذا لا نُحسِن استخدامات كل شيء بات يُسهل لنا أي شيء
لمَ نحرص دائمًا على استقطاب كل الأشياء السيئة والتميز فيها
بينما يمكن وجدا التميز في نقيضها ودون الحاجة لارتكاب أي ضرر يُسيء لآخر ولنا بشكل شخصي،!

حين ينظر المرء لكل هذا السوء والمصائب يود لو أنه في زمن قديم
لا يعرف أهله مضرة بعضهم لأنه مامن طريقة .
حين تجد نفسك عارفًا بكل محتويات الآخر تتمنى لو أنه مامن اختراع يمهد الطريق لكشف ستارك بهذه الطريقة المؤذية '
قد تختار أن تُبقي عليك وعلى خصوصيتك بعيدًا عن هذا الانكشاف '
لكنك لا تستطيع اختيار الأشخاص من حولك ولا التحكم في أخلاقياتهم حين يقرر أحدهم فجأة توثيقك وأنت تأكل مثلًا على سبيل إضحاك الآخرين والشهرة من وراء انتهاكك .

لا يمكن أن تتعدل الوسيلة سوى بصلاح نوايا الغاية وأصحابها '
وتهذيب النفوس من جديد ' وزرع مفاهيم صالحة في نفوس النشأة الحديثي عهد بهذه الأجهزة والصغار والفتيات والشبان '
وكل من باستطاعته دحر إساءة تمس سمعة أحدهم وخصوصيته .
للتقييم، فضلا تسجيل   دخول
بواسطة : سمر ركن
 0  0  1.6K

التعليقات ( 0 )