• ×

قائمة

Rss قاريء

رِسالة مُسِنّ

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
نبراس - بدر براك - الرياض 
وُلِدنا لا نعرف سقف الأمان ولا ما يخبىء لنا الزمن .. ولا نعرف أيٌ مِن اليومين لنا نصيباً في عيّشِه أكثر (لك) وإلا (عليك) .. وُلِدنا لا نعرف من الحياة إلا اسمها و كبرنا قليلاً فأعبنا جود الأيام بطوّال طفولتِها .. وعشنا أطفالاً .. نركل الكرة في كل الإتجاهات .. ونأكل بِكِلتا يدينا الطعام .. ولا نسعى لتحسين منظرنا أمام الكِبار .. عُشنا على أمل بأنه ذات يوم ستختفي الطفولة فجأة ونصبح رجالاً .. نذهب إلى ما نُريد .. ونفعل ما نُريد .. ولأننا رِجال يحق لنا التفاخر بأعمارِنا .. وسنسخر من الأطفال لطفولتهم ..
عُشنا على أنه لن يأتي يوماً نشتاق بهِ إلى طفولتنا .. ونندم على ما لم نفعله بها .. بل لن تأتي أياماً نحكي لأطفالنأ عن ما عملناه بها ..
عشنا دون التفكير بأهم ما يخص الذاكِرة (النسيان) .. لسنا ندري بعيشها أن هُناك نسيان يأبئ القدوم .. وهُناك أياماً ترفض الرحيل عن أماكن وقوعها بذاكرتنا ..
لم نتصور ذلك اليوم الذي يتداول به الناس خبر ( رحيلنا عن الطفولة ) .. عشناها بأوهامٍ مُضحِكة ، وأقل من القليل إمكانية حدوثها ..
كبِرنا .. وأصبحنا شباباً ،
لكن لم يكن ذلك بسرعة .. لم يكن خِلال يومٍ واحد .. لم نَنم أطفالاً ونُصبح شباباً بِكامل معنى ما تحمله كلِمة (شابّ) ، لم نَنم بملابسٍ مقاساتِها نُناسِبُنا ونُصبح بأخرى أكبر مِنها .. كبِرنا دون حفلٍ نستقبل به المرحلة العُمرية (الأكمل) من وجهة نظر طفولتنا ، دون إكرام الطفولة .. دون فسخ عقد ، دون الفرحة الهستيرية لنبت شوارِبنا .. لكننا كبرنا كيف إذاً ؟
كيف لأول مراحل عمرنا توّدعنا دون علم .. ودون استغراب لما وصلنا إليه من مرحلة !
كيف وجدنا أنفسنا شباباً بعد مُضيّ ما قرابة الخمس سنوات من دخولنا بها ؟
ولكن الأيام التي عشنا حلاوتِها ومُرّها بالطفولة حكمت علينا بلا نعرف أي مِن النصوص ،، حكمت أن نكبر دون نعلم .. فكبِرنا وعُشنا شباباً .. نتفاخر بأجسامِنا وبما نستخدمه .. سيارة ، هاتِف ، لباساً ثمينة إلخ ... ) لكننا أيضاً لم نوّقف لِلحظة واحِدة ونسأل انفُسنا عِندما اُغلِقت الأبواب الخاصة للأطفال في أوجِهنا وعندما استلمنا شهادة إتمام المرحلة الإبتدائية من الدِراسة وعندما لا نقترب من الأماكن الجامعة للنساء وعندما سخرنا مِن مَن يُقلِد الأطفال بأزياءه وتصرفاته ومِن مَن يُقاربهم أطباعاً : متى كبِرنا ؟
عُشنا مرحلة الشباب ،، فمِنّا من سلك طريقاً من طُرُقها شغوفاً بالعِلم لا يأبى عن الوصول إلى قِمم العلم .. وآخراً اتخذ طريق اللهوّ وما يرغب تحقيقه حُقق له .. ولأن فيها شيء مِن السوّاد فِمنهم من اختاره الشباب لطريق الفساد والحُب .. والطُرق كثيرة ، وأكثر سالِكيها على عدم رغبتهم ..
أيضاً لم يتم وداع تلك الإيام بشكلٍ مُباشِر ولو أن هُناك ما لمّح على قُرب انتهاءها .. ألا وهو أن نُنادى بيوماً : أبي ! هُنا لا تكف أيضاً ملامح المرحلة التالية عن التلميح لقدومها ..
كبِرنا يا طفولتنا ونحن نحلم بكِ .. وها نحن في الشيخوخة يُقبِل رؤوسنا أحفادِنا بالإعياد .. ويتجاهل كلامنا الكثير ونضحك على أحلامنا المتسحيلة ، التي تلاشت فوّر ما كبرنا و وصلنا إلى هذا العمر .. سُرِرنا بمعرفة كل ما عرّفتنا الأيام به .. من مشاقٍ وملاذ .. وكلِمة لا بُد من قولِها : (سيمضي العمر كأننا لم نفعل أيّ شيء) !


بقلم : بدر براك.


للتقييم، فضلا تسجيل   دخول
بواسطة : سمر ركن
 0  0  534

التعليقات ( 0 )