المساء والقناعة

أصبحت عندي قناعة أن الإنسان يولدُ فارغًا وسيموتَ فارغًا لا يملكُ حاجةً ولا يُوَرِّثُ شيئاً وأن حياتـه مستمرة بدخول الناس وخروجها منهـا دونَ أن تتوقف عندَ شخصٍ معيـن حتى ذاك المدعـو النصف الثاني الـذي يكَمِلُهُ لأنـهُ سيبقى نصفًا يرتبط بهِ وفق عهـدٍ أو رابطْ معيـن وما أن ينقضي العهد أو الرابط سيسلك كلَّا منهمـا طريـقًا مختلف عن الآخر باحثين عن شخص جديـد يكمل ذاك النصف الذي فقدهُ حتى يكتمل للمرة الثانية وهكذا سيتكرر الأمرُ مرَّةً ثالثة ورابعـة و إلى نهاية الحياة، لذلك أنا مقتنعٌ تمامـًا أن الحب الذي يجمعُ الصبيَّ بالفتاة أو الرجل بالمرأة ما هو إلا شعور لحظي أشبهُ بالانفعال العاطفي عند لحظة معينـة ينتجُ من خلالـهِ شعور جاذبية يجمعُ الطرفان مع بعضهما البعض بتلاصقٍ شديد حتى يظُنانِ في بداية الأمرَ أن روحهما اندمجتا في جسدٍ واحد لا تشوبه شائبة ولا يتخللهما أيَّةَ اختلافٍ، لكن ما أن تمرَّ الأيام حتى يتراجع ذاك الشعور وكأن جزرًا أصابهُ بعد مَـدٍّ طويل ليتفاجئَ كًلا منهما أن الاختلاف بينهما أكثرُ بكثير مقارنةً بأوجهِ التشابه وبذلك تشتدُ الأعصاب عن آخرها حتى يكون النزاع بادئِ أمرهما وآخره فلا يتفقانِ أبداً وحين اتفقا قررا أن يفترقان.


#إنكسارات_المساء