• ×

قائمة

Rss قاريء

# *رسائل حِرائية (٥) رمضان ١٤٣٧هـ

الرسالة الخامسة : علاقتنا بالقرآن

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
نبراس - حنان الهنائية - سلطنة عمان 

الرسالة الخامسة *علاقتنا بالقرآن*

ماهي مطالب الروح مع القرآن؟وكيف نقرأ بتدبر واستشعار؟والأهم من ذلك لماذا نفعل ذلك؟
تعددت الوصايا أمام كل الباحثين عن إجابة لأسئلتهم
كيف نتأثر بالقرآن؟
كيف نبكي عند تلاوة القرآن؟ كيف نعيش بالقرآن...

ليأتي رمضان مختصرا كل ذلك اختصارا عمليا ..رمضان بكل صراحة يقول لك (اعمل بالقرآن)...رمضان يدربك على الاستسلام..
حينما نقول لك لا تأكل...لا تأكل إذاً
حينما نأذن لك بالأكل..عليك أن تأكل
القرآن بما يحتويه من خطابات اعملوا لا تعملوا ...افعلوا..اجتنبوا..قولوا لا تقولوا..بكل ما يتضمنه القرآن من أوامر ونواهي..رمضان جاء ليدربك على الاستسلام لتلك المطالب..

كثير من الناس يقضى من عمره سنوات وهو يبحث عن طرق التاثر بالقرآن وكيف نحيى بالقرآن...والله تعالى سخر له آلاف العباد منهم من يقدم المحاضرات حول هذا الموضوع ومنهم من ألف الكتب ...آلاف المصادر للإجابة على هؤلاء الناس ولكنهم بعد سنين وسنين مازال عندهم نفس السؤال ومازالوا في نفس النقطة!
ورمضان يستدعيك لتلقي الأعذار جانبا ...يقول لك استسلم للمطالب القرآنية وانتهى الأمر...لاتسال بعدها عن آلية التأثر وكيفية البكاء من خشية الله...استسلم فحسب واعمل مايطلبه منك القرآن وحاول وجاهد في ذلك فلا يراد لك أن تبكي بعد تلاوة عذبة ولا أن تسقط مغشيا عليك ثم لا شيء آخر يحدث!
وكأنّ القرآن لن تعيشه ولن تتأثر به إلا إذا كان بتلاوات تدغدغ المشاعر ...فالذين يطلبون البكاء فقط من القرآن دلالة على التأثر هؤلاء ربما يكونوا مرضى نفسيا ...فالقرآن كله نداءٌ للحياة والقوة حتى مواطن الألم فيه يجب أن تكون دافعا للعمل ،والإسلام كله دين النشاط والحيوية والهدف والسعادة وليس دين الآهات الحزينة كتلك التي نسمعها كثيرا في المقاطع الدعوية...نشيج وصراخ وآهات وأنين لا أدري كيف ربطت بعضها ببعض!
إنّ الذين يبحثون عن التأثر بالقرآن ويقصدون بذلك البكاء فهؤلاء غير طبيعيين مطلقا...فالقرآن لايريد منا أن نبكي مطلقا بل على العكس من ذلك وإن الخشية من الله لا تترجم بالبكاء بل بالعمل بطاعته والاستسلام لأمره..
فلا تبحث عن الدموع ياقاريء القرآن فالدموع لوحدها ستأتي...
"...يبكون ويزيدهم خشوعا" بكاؤهم زادهم خشوعا وهم كانوا من قبل بكائهم خاشعين...
إنّه لغريب وغريب جدا أن نجعل من البكاء مقياسا على صحة التعامل والعلاقة التي تربط المؤمن بكتاب ربه أو بصلاته...ولقد تضييع الموازين في هذا المقياس الغريب!
فثمة ظالمون يبكون وهم لا يشعرون بظلمهم...ثمة من يصلي بالناس وهو ينشج ويتحشرج من البكاء ولكنه متنطع في الدين وفي تعامله مع الناس
ثمّة من يبكي لأنّ التلاوة محزنة رغم أنه لم يفهم شيئا من الآية...الأمر غير طبيعي على الإطلاق فلا تبحث أيها المسلم عن الدموع فإن التأثر الحقيقي هو أن تصاب بدافعية للخير والاستجابة لمطالب القرآن...أن تقرأ آية الربى فتذره...أن تقرأ آية الفتنة فتكف لسانك عن أذى الناس أن تقرأ آية الصدقة والزكاة فتبادر لدفعها لمحتاجها هذا هو التأثر بالقرآن وليس ان تبكي وتتنشج ثم لا شيء آخر!
والحال مثل ذلك في الصلاة...كثير من الناس يعيش حالة عدم الإحساس بالقرب والصلة مع الله والسبب أنه لم يسبق له البكاء...يقول أتمنى لو ابكي في الصلاة فانا غير خاشع!
هؤلاء الناس يكلفون أنفسهم بأشياء لم يطلبها منهم هذا الدين القويم السليم الفطري!!
لقد أمرك الله أيها المسلم بالصلاة في وقتها وبمجاهدة الشيطان حين يوسوس لك فإن فعلت ذلك سواء بكيت أم لم تبكي فأنت قد صليت بإذن الله وبعد ذلك على رب العالمين...
فلا الدموع هي الغاية ولا الدموع هي الوسيلة...
إن علاقتنا بكتاب الله ينبغي أن تكون علاقة صحية سليمة ،ونحن نبحث عن السكينة والاطمئنان منها لا عن الحزن والقلق والرعب و الدموع!
فمن جماليات رمضان أنه يختصر لك المسافة ويحميك من الوهم ويخبرك أن المطلوب منك هو الاستسلام ...وحينما تسلم نفسك لله تعالى وتتمثل ما يطلبه منك فمشاعرك ستبنى على عين الله ...فحين تبكي وحين تضحك سيكون الأمر على نهج القرآن وفي مساحة الاستقامة السليمة التي تظهر فاعلية تلك المشاعر فيها على جميع جوانب حياتك .
فقف على آيات كتاب الله وقفة راغب في التطبيق لا باحث عن البكاء وأنت تصلي فافعل ذلك أيضا...ستأتيك السعادة والسكينة بإذن الله...وصدقني فإن المتدينين تدينا مرضيا كُثر وهم فوق ذلك يضيّقون على الناس ويجعلونهم يشعرون بانعدام الصلة بينهم وبين الاحساس بالعبادات التي يمارسونها...اللهم وفقنا لنتلوا القرآن حق تلاوته.


الرسالة التالية : الاستجابة المحققة*

*حنان الهنائية*@HananR91
*#فريق_حِراء*@hira1437
للتقييم، فضلا تسجيل   دخول
بواسطة : سمر ركن
 0  0  1.1K

التعليقات ( 0 )