وحضرتُ مجلساً أقامه سلطان بلادي ليشارك فتيانه مجالسة الريّيّ وجاء دوري لأبحث عمن يجاور روحي إلى الأبد، أخبرتني الجنيّة بأن هناك أميرة تسكن العالم الأبيض ، فقمتُ بارتداء معطفي الفرائيّ وعلوتُ عربتي ، شددتّ بالصوط على الذئاب حتى يسرعوا بي إلى حيث القطب وقلبي متشوق لأن يَحظى بفاتنة العالم الأبيض !! وصلت إلى حيث تقطن وتركت عربتي لأكمل طريقي سيراً على قدمي فالكهف محاطٌ بألماسٍ أسود لا يمكن لأحدهم بأن يزحزح منه شيئا خوفاً من غضب الملكة ! كادت أن تُبتر قدمي من احتدام البرد وتساقط الثلوج وأنا في انتظارها! ومصدر دفئي الوحيد دخينتي!
وقع أملي لتلك التي تمكث خلف كهف "إيزرايسنفلت" حتى فتح الحرّاس لي البوابة وسرتُ إلى منتصف الكهف لألقي التحيّة على الوصيفة التي تحمي الأميرة ! وإذا بي أسمع معزوفات هادئة صداها يصدح إلى أعالي قبة الكهف، فتظهر ذات الإكليل الماسيّ متمايلةً بجسدها الفاتن فتصيبني بسمهريّها الأول! تباً لكِ "ديمونيڤي" غدوت ضحيتك في عالمٍ خلا من الضحايا ، أقبلت عليّ بفستانها الكميتيّ اللون فكانت بريقاً يتلائم مع الجليد ، تخطو باتجاهي وأرى انعاكسها في جميع أسطح الكهف أميرتي أأنظر إليك فقط ؟ أم أداعب كل طيفٍ منك عكس الجليد صورته في إيزرايسنفلت ؟ لم أجد مثل نغم خطواتها بحذائها البلوريّ التي كلما لامس الجليد صدحت بعزفه المترنّم، قُدحت الأوتار من بعد خطواتك أميرتي! خجلتُ ممّا حمل جيب معطفي من جوهرةٍ تُنقص من جمالها السحّار! فذاك الإكليل التي توّج رأسها كفيلٌ بأن يكسر من قيمة خاتمي الصغير، جَثَيْتُ على ركبتي وقد ملأت مسار المآقي دموعي فرحا! أحقّاً أنا بداخل العالم الأبيض ؟ أم أن جمال أناملك ستخبرني بأن ما يحدث حقيقة ! لن أحتاج إلى أن تَأْتَلي وأنتِ تكهكهي ولكن يكفيني أن تتحرّك شفاتك وتخبرني ما أخفاهـ قلبك، أميرتي أحقاً كنتُ ضليعاً حينما تمكنتُ من الوصول إلى فاتنةٍ مثلك؟ تحدثّتْ فأسهتْ منّي مولدي وموطني : أَأُعْجِبتَ بي حقاً؟ وكيف لي أن لا أُعجب وقد سحرني جسدك في كلّ خطوةٍ شَهِدتّها وأنا متتايعاً إليك! في ذاك الكهف، زُفّت ديمونيڤي إلى برونو كزوجة غدت في حبّ مليكها الأسمر! عزفت الحواري أنغامهن بصدح الجليد لتعلن اكتمال سعادة كهف إيزرايسنفلت فتمايلت نجوم القطب لتشكل مشرفيّاً يتوعد من تُوسوس له نفسه بإيذاء الأسرة الحاكمة !
وإن بَرُدَتْ مشاعرُك وتملككَ الجفاف في كهف إيزرايسنفلت القطبيّ يوشك بأن يولد منه كل عاشقٍ مولعٍ بصبابة الأنثى !
وإن التف ماسٌّ أسود حول الكهف كان ذاك ليمنع وصول الغرباءِ إلى قلب ديمونيڤي !
خلف كهفٍ ظاهرهـ ألماسٌ أسود حوى باطنه أميرةٌ غطى جمالها على بلورِ الجليد ! لم تكن لتخضع لسمهريّ حبّ الأمراء لكنّ عيناها خضعت لأسمرها الصبّ!
داخل كهف إيزرايسنفلت يُشِّعُ الجليد سراجه المنطفئ ! يُدفئ سكانه بدخان أفواههم إن غلبهم ثلج القطب، رغم كثافة الدخان المتصاعد منهم لم يكن ليمنع من اختلاط خمرهم ! ربّما لن يظل ذاك الكهف ينعم بديمونيڤي وبرونو وحدهم فما تشهده ثلوج العالم الأبيض تُنبئ بأن برونو سيوّرث حكمه الملكي لأمراءٍ صغار يأخذون من سمرته فتنةً ومن جسدها سحرا!
ديمونيڤي و برونو حاكما العالم الأبيض ولن يحكم هذا العالم غير الحبّ هما فقط أميران من أمراء عشّاق العالم الأبيض...
جرمها = جسدها
متتايع= متشوق بشكل كبير
تكهكهي = الضحك برقه انا تقهقهي = الضحك بشده