استندتْ على الأريكةِ تتأملّه وهو منشغلٌ بأناقةِ ربطةِ عنقه أمام المرآه، أخذتْ تُقلّب في الأدراج علّها تُلفت انتباهه ..
حمل هاتفه وانطلق خارج المنزل مسرعاً ورائحة عطره الباهظ تكاد تخترقُ منازل الحيّ!
أيُعقلُ بأنّ هناك رجلَ أعمال يطلب مدير أعماله لاستقبال وفد زائر وصوله المطار في مُنتصف الليل ؟
وقفتْ وسط غرفتها وبدت عليها علامات الإختناق العاطفيّ ! من بَرود مشاعر زوجها فأخذتْ تبحثُ في هاتفها عمّن يواسي سُدفة اختناقها ويسامرُ ليلها الحزين فما وجدتْ أكثرَ من صديق العمل قرباً لها و لمشاعرها!
استدعته من نومه فأتى مسرعاً طارقاً باب قصرها، فتحت له و وقعت في أحضانه كالباحثِ عن الدفئ وسط هطولِ وَدَقِ الثلوج!!
كانت ذات مكانةٍ في قلبه فاحتضنها وأقبل عليها بقبلاته يهدئ من روعها وإبهامه يمسح دمعاتها، في المقابلِ كان زوجُها منشغلاً بإسعادِ صديقته الجامعية التي شغلت حيزاً من قلبه طغى على حيّز محبته لزوجته!!
أما صديقها .. فأسعدها بكلماتٍ تُذْهبُ قسوةِ الزمان عليها؟
تلك أنثى الطاووس لن يُبرد من قهرها غيرُ مجسّاتِه لها وإسعادها بليلةٍ هادئة ربما لم تُسعد بها زوجته في حياتها !
بدى كلٌ من الرجلين يبدي حنانه وعطفه على أنثاه ولو بُدّل أحدهما مكانه لكان أقيمُ لقلب زوجته! نعم زوجته .. فزوجها خرجَ مسرعاً إلى صديقته زوجه صديقها بالعمل ! وصديق العمل هلع من نومه حتى يُؤَمّن لقلب زميلة العمل العطف ! رجالٌ لم تختلف أربطةُ أعناقهم في الجمال ولم تتفاوت ممتلكاتهم في الفخامة! و لكن تفاوت كلٌ منهم باهتمامه لزوجته حين كان سبب في اختناقها العاطفيّ !!
سعى كلٌ منهم لأن يرضي فتاته و لا يعلم بأنّ زوجته تُرضى من قبل رجلٍ آخر! ذهب الزوج يُسعد حبيبته ويزحزح عنها ملامح الحزن ولم يلتفت إلى زوجته حين كان قلبُها ينادي صدره لزحزحة الإختناق عنها!
هلع الزوج من نومه وسرى في طرقه المتعرجة من مدينته حتى يُؤمّن لدمع حبيبته إبهامه الحنون ولكنّه غفى عن زوجته التي ملأتها هموم الدنيا !
همومٌ واحدة تصادفُ قلوبنا ولكننا نبحث عن رضى البعيد قبل أن نرضي القريب ظانين بأنه متوفرٌ لديه الحلول بأيّ وقت! لم تُغني تماثيل الزوجة في غُلوّها عن أيدي زوجها ! تلك المعلّقات التي كانت تتدلى من سقف شرفتها لم تكن أسعارها لتبعد عنها ضيقها إن احتاجت لمن يشافهها ويفسح في حديثها! منحوتات غرفتها الراقية لم تكن لتسعدها حين يخيم الدجى عليها وحدها في السرير!
تشابهتِ القصور والهموم واحدة! تعددتِ الدموع والهدف واحدْ "من يحظى بدفئِ رجلٍ يُصغي لثرثرة قلبي" ذاك الهدف الذي لم يكترث له الزوجان إلا حين إيرادهما أن يبرزا من شخصيةِ رجولتهما إن وُجدت!!
فلو كان زوجاً صالحا ما ترك خلفه أنثى تتقيّد بالحبّ له ، ولو كان يحتفظ بأذنه لسماع ثرثرة زوجته ما كانت تبحث عمّن يُصغي لها !
أليس من الأجمل أن تكون الثرثرةُ قد وقعت بالأذنِ المخصّصِ لها؟ ستقع حينما لا يأبه رجلٌ لدموع الغرباء!
قبل أن ترتدي ربطةَ عنقك وتتفاقمُ في عطرك التفت خلفك فرّبما كانت على الأريكةِ عينانِ تدمع لخروجك مؤخراً !
قبل أن تُشغل سيارتك و تركض بين الأحياء متوتراً على قلب محبوبتك انظر إلى سريرك علّك أهملتَ عاشقةَ محبة وراءك!
حين تودّ أن تُبرز من شخصيتك واهتمامك شيئا أبرزه في محيط قصرك حتى لا تتسرب ثرثرةُ زوجتك لمسامع البشر إن أبرزت من رجولتك للغرباء !
تذكر بأنّي لن أُلقي على كاهلك ثرثرتي إن وجدتُ نفسي عِبئاً عليك، هناك آلاف الآذان لطالما تمّنتْ بأن أثرثر لها يوما، ولكنّي أحبّ بأن تكون أنت مالكُ ثرثرتي فهل سألقاك؟