بينما كان الجميع يتراصّ صفاً صفّاً في الدّخول إلى صانعِ الشموع كنتُ متكئةً على أحد الحواجز بجانب المتجر، لا فائدةَ من وقوفي هناك، دون هدفْ أتسكّعُ في ذاك الطريق يومياً لا أعلمُ ما الذّي يقودني إلى حيْثُ يتواعدُ العشّاقُ معاً ليبصما بصمةَ حبّهما!
صانعُ الشّموع ذاك.. يصوغُ الشّمع على كفوف العشّاق حتى إذا توقّف انصهار الشّمع بدت يداهما مجسّماً في ذلك الشّمع، كلّ يومٍ تقودني قدماي إلى ذلك المتجر فأرى صفوفاً قد اكتظّتْ بها الحبّ حتّى أزهر بأرصفتها البورِ ورداً كميّتيّا!
لمْ تقودني قدمايَ، ربّما هو الضعفُ إذا تمكّن من وهنِ الشوق! رنَتْ عيناي إلى أحدِ صفوف الصّفِ الثالث جذبني قامةُ أحدهم وكأننّي أتذّكرُ تلك القامةِ المميزةِ من قبل! أقبلتُ و لساني يدعونني بالتّراجعِ معلناً بأنّ ترهاتِ التهوّسِ بالمحبوبِ قد أعلنت مجيئها!
حتّى دنوتُ منه أدرتُ رأسي إليه فكانتْ تلك النظرة قد عبثتْ بصمتي الطّويل!
لمْ أسهوا عن وسامةِ قامته وإن لمْ أره لأعوام!
كان الصّمتُ دأبي وهدوء النبضِ مبتغاي ولكنّ طرفتي آنذاك جعلتني أرتادُ طبيب القلبِ حتّى يتأكدّ من صحةِ نبضي فما عاد بي التنفسّ من سرعتها!
ربّما لمْ يستطعْ سماعَ صرختي المفاجأه لارتدائه سماعةُ الموسيقي ولكنّ لغةُ الأحداقِ باستطاعتها أن تكّف قرناً من الكلام! احتضننا الحنين فباتت دموعُ كلّ منّا تودّ المعانقة دون التنبأ لأيّ شيءٍ كان! عانقتُ أكتافه بلهف حتّى أغرقَ دمعي سترته المفضّلةَ لديّ، تموّجتُ في عينه واحتضنتُ كفّاه فما وجدّتُ نفسي إلاّ كضائعٍ وجد أباه بعد تقصٍّ طويل، كلّ يومٍ مضى تحت نعمةِ لقائه أراه الآن أمامي!
لمْ يمتْ احساسي ولكنّه كان في سباتٍ طويل حتّى استرّد عيناك!
لمْ يكنْ دأبي بطئ النبض حتّى رَنتْ عيناي إلى وسامتك فازداد قلبي من ضخّه وكأنّي أركضُ لأعوام!
أتدري؟ ربّما سأستردّ روحي بأكملها إن حلّ مساءُ رؤيتك
إلى من استأنف العشق فابتعدَ عن الوصولِ إليه سترهقك لغةُ الأحداقِ حين تُحلّ هُنيْهةُ اللقاء، ستجمعُ أحاسيس أيامٍ خلتْ ظننتَ بأنّك تناسيتَ عنها، إن رنَتْ عيناك صدفةً في أحداقِ محبوبك سيحيا الكثير فلا تُدْرجْ نفسك من الأموات!