• ×

قائمة

Rss قاريء

فيْ المقهىْ..

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
نبراس - اسماعيل أحمد محمدي - مكة المكرمة 

ومع الصَّباح حيث كان الأضحى المبارك، اعتاد أن يصلِّي العيد فيزيِّن صباح عيده اتِّصالها الرَّاقي، ورسالة عيدٍ من أنثى لا تكرَّر، هذا العيد كان يدرك مقدار الفقد، فحبيبته وقد حلَّقت لجنَّات النَّعيم وتركته بلا حبيبةٍ، كان يعلم أنْ لا اتِّصال سيسدُّ موقعها، كان يتحسَّس بيده اليسرى موضع هاتفه في جيب ثوبه، علَّ رسالة حبٍّ تأتيه من الجنَّة، طال انتظاره، عاد منزل حزنه شاحب القلب، مازال عطر هديَّتها في دولاب هنداماته، ولازالت رسالات العشق منتثرةً على شاطئ فقدٍ لا يرحم قلب رجلٍ حائرٍ، نعم فالرَّجل يبكي حين يفتقد ونيسة أيَّامه.
التقته في المساء امرأةٌ في مقهى التُّعساء، كانت معطَّرةً بعنبر الدَّهاء، رأت في عينيه مواضع الفقد، رجت منه أن تمكث بجواره بعضاً من اللحظات بحجَّة استشارةٍ، على تردُّدٍ سمح لها وربَّما استحى من ردِّ امرأةٍ شابَّةٍ، حكت له قصَّة فقدٍ ليس برحيلٍ لدار الجنان، وإنما عاشت مسلسل رجلٍ عابثٍ مثَّل لها مرسوم الحبِّ خمسَ سنواتٍ، كان يستمع كعجوزٍ يلتقط أسماعه، كلاهما عنده ملامح فقدٍ، قصَّ عليها قصَّته اليتيمة، ربتت على كتفه وهمهمت وفي عينيها ندى دمعةٍ : وماذا لو كنتُ من يقف معك وتتحفني برضاك واهتماماتك؟ وندعو لها كلَّ يومٍ دعواتٍ صالحاتٍ، كان يتنفَّس العرض وكأنَّه إن أحبَّ بعدها فقد تجرَّع كأس خيانة حبيبةٍ، قرأت فيه ذاك الوهم، ودَّعته وفي عيني كلٍّ منهما مراسم الأمطار من دموع الفقد، أخرجت من حقيبتها الذَّهبيَّة عنوانها وطريقة التَّواصل إن منحها خلافة الحبِّ، مكث أسبوعاً لم يهاتفها، كان فقط كلَّ صباحٍ يسترجع مواقفها وكيف أنَّها على استعدادٍ لتدعمه عاطفيّاً.
هاتفها أخيراً ليلتقيا بمقهاهم المقدَّس، رآها تقبل في السابعة مساءً ملاكا على هيئة امرأةٍ، ابتسمت له ومنحته حنان عينٍ متفهِّمةٍ، نهض ليستقبلها أشارت له بيدٍ رائعةٍ أن لا تفعل، وقبل أن تسترخيَ على كرسيٍّ من خوصٍ مرَّرت بيدها على يده وأهدته الشَّوق ودعمت همَّه بهمسةٍ : حبيبي أنت، ترقرقت دموع رجلٍ بلا قوَّةٍ، بلا وصفٍ، مسحت عنه أغلال الهموم ومراحل الدُّموع بمنديل حبٍّ دافئٍ ثمَّ سألته لمَ تبك وأنا معك؟
تأخَّرتْ إجابته ثمَّ تنفَّس روحَه، وقال لامرأةِ الحنانِ : هل لازلتَ على العهد؟ هل لمثلي أن يكون معك؟ انخرطت هي الأخرى في موجةٍ من الإعصار الشَّهيقيِّ، وضع كفَّه على جبينها، اقترب لها أكثر، أُحبُّك لأنَّك تمتلكين روحاً رقيقةً سلبتني الوجع وخفَّفت عنِّي المِحن،
وفي ليلة اكتمال القمر كان زواج العاشقين.
للتقييم، فضلا تسجيل   دخول
بواسطة : سمر ركن
 0  0  534

التعليقات ( 0 )