في كلمة قدمها د. بكر خشيم عضو مجلس الشوري سابقا ومدير عام الكهرباء في المنطقة الغربية سابقا.واستشاري في مجال الكهرباء والطاقة لدى استضافة ديوانيه ( السالم ) له يوم السبت الماضى الموافق ١٩ مارس قال:
"لمحة تاريخية في عالم الكهرباء في المملكة"
بدأت الاستفادة من الكهرباء في مدن المملكة منذ أكثر من 70 عاما ..على شكل جهود فردية متواضعة –لإضاءة لمبات إنارة- بين المغرب والعشاء من كل يوم –وصناعة الثلج –لتبريد ماء الشرب –كأول صناعة ، وكان للحرمين الشريفين الأولوية في ادخال الكهرباء بأمر من المغفور له الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه...ونمى قطاع الكهرباء –بقيادة رجال أعمال –وأسست شركات الكهرباء على طول المملكة وعرضها بلغت أكثر من 150 شركة. وأعمَت الدولة هذه الشركات-ثم كان القرار عام 1402 هـ بدمج هذه الشركات في أربع شركات موحده-الشرقية والوسطى والغربية والجنوبية.وجعلت هذه الشركات تنمو وتزدهر – وتقدم الخدمة الكهربية للمواطنين لأكثر من 80 % من أرجاء المملكة الواسعة والشاسعة ...ثم في عام 2002م تم دمج الأربع شركات الموحدة في كيان واحد..سمي "الشركة السعودية للكهرباء ".ساعد ذلك كثيرا في تعزيز امكانيات الشركة وقدراتها الفنية والمالية-ومن ذلك التاريخ حتى اليوم والشركة تواجه تحدي النمو المتسارع في الطلب على الطاقة-واتساع رقعة المدن السعودية وزيادة نسبة استهلاك الفرد من الطاقة حتى شهر أغسطس الماضي 2015م .حيث سجلت الشركة أقصى حمل فاق 65,000 ميجا وات – لعدد فاق 8 مليون مشترك بنسبة نمو 10% سنويا.وهذا أمر ليس بالسهل مواجهته.لأنه يحتاج الى استثمارات مالية عالية جدا ووقت للتشييد.ناهيك أن أي توسعة في قدرات التوليد –يجب أن توازيها توسعة في شبكة النقل-وتوسعة في شبكات التوزيع حتى المشتركين.واستعانت الشركة بدعم الدولة –ودعم البنوك والاستفادة من القطاع الخاص للمساهمه ب 50% من هذه الاستثمارات وفعلا تم تشييد على الأقل 3 مشاريع عملاقة بمشاركة القطاع الخاص.
ويشكل هذا الاستهلاك الهائل ضغطا على استهلاك الزيت الخام – والغاز-وزيت الخام الثقيل الشيء الذي يمكن الإستفادة منه في الصناعات البتروكيميائية-بقيمة مضافة.
والسؤال الكبير...هل هناك من مصدر بديل للطاقة الكهربائية لمواجهة هذا النمو.
وللإجابة على هذا السؤال أوجدت المملكة هيئة الطاقة الذرية والطاقات المتجددة...
وتسعى الهيئة الآن لتحديد أنسب التقنيات الفنية للإستفادة من الطاقة الذرية ووضع القواعد والنظم وإعداد الكوادر اللازمة لمواجهة هذه التقنية . والأمل كبير أن تبدأ المملكة في استخدام الطاقة الذرية لانتاج الكهرباء – لأنها فنيا هي المصدر الوحيد المتاح بقدرات تجارية كبيرة موثوقة.
أما ما يخص الطاقات الجديدة والمتجددة – ومنها الطاقة الشمسية – وطاقة الرياح...فللأسف الشديد لا تزال هذه التقنيات تحت التطوير –وللإستخدامات الصغيرة ، لأن انتاجها ضئيل ومكلف وغير عملي وغير موثوق به بشكل تجاري مستمر. وما نراه من مشاريع صغيرة متناثرة هي تجارب لتطوير التقنية- وهذا أمر مطلوب ولابد منه- وقد يأخذ الأمر أكثر من 20 سنة حتى تصل أنظمة الطاقة الشمسية الى الإستخدام التجاري المنتظم..وفي كل الأحوال فإن مساهمة الطاقات الجديدة والمستجدة لا تزيد عن 10 % من الاحتياج الكلي لأي نظام كهربائي .
كيف ترشد استهلاك الكهرباء...يبقى السؤال قائما حتى نؤمن جميعا بأهمية الكهرباء وتوفيرها- وأنها سلعة اقتصادية-نأخذ منها مانحتاج- ونبتعد عن الاسراف والهدر- ويسعى المركز الوطني لترشيد الطاقة...في تطبيق المواصفات القياسية على كل الأجهزة والمعدات التي تورد للبلاد.بأن تكون موفرة للطاقة "خمس نجوم".
وتم تعديل التعرفة الكهربائية –بحيث أبقت مجموعة كبيرة من المشتركين ممن هم دون 4000 كيلو وات ساعة.في تعرفة معانه ومخفضة.أما من يستهلك ما فوق ذلك فعليه أن يعرف أنه يجب أن يدفع قيمة الوحدة من الطاقة بشكل تجاري..
والأمل بأن تخلق التعرفة الجديدة شيء من التوازن بين تكلفة الإنتاج وتكلفة بيع سعر الوحدة من الطاقة الكهربائية.
أما ما يخص خصخصة قطاع الكهرباء ..فالقطاع مخصص أصلا...والحكومة تملك ما يعادل 83% من رأس مال الشركة ..و 7% لأرامكو السعودية...و13% للمواطنين في أرجاء البلاد.
والنية معقودة لفصل التوليد في 4 شركات كبرى تعمل بشكل تجاري- ويمكن مشاركة استثمارات عالمية وداخلية-في هذه الكيانات وتكوين شركة واحدة لنقل الطاقة الكهربائية-على مستوى المملكة-وتم ذلك فعلا.وتكوين العديد من شركات توزيع الكهرباء في مدن المملكة المختلفة..وجاري تنفيذ ذلك.
والأمل كبير انه وبإتخاذ الخطوات المشار اليها أعلاه-فإن قطاع الكهرباء –سيبدأ مرحلة التميز..والإتقان- وتقديم أفضل خدمة عما كان السنين الطوال.والله أسأل التوفيق والسداد.