كُنتُ أقطِنُ في الزاوية
في زاويةِ الغرفة
وكأنما أتفرّجُ على نفسي وهي تُحاولُ لملمةِ شتاتها
تجمعُ أطرافها المُترامية
أنظِرُ إلى حيرتي ، الحيرة التي أصابتنِي
وشيءٌ من التيه اللامعقول اجتاحني
أرى ربكة القلم بين أصابعي وحروب الأحرفِ تُقام على صفحاتِ الورق
تسيلُ الأحبار وتفيض
تزدادُ الأوراق في غَرقِها
كل هذا الضجيج بل وأكثر أصابني حينما حاولتُ أن أكتُبك يا أمي
تتكاثرُ الأحرف وتتشكّلُ الكلمات
تتراكب فوقَ بعضها البعض لِتُنسِج حُبًا أسير
امتنانًا تخضعُ له جميع الحواس
عاجِزة جدًا
عاجِزةٌ والله
وكأنما أحرفي تجمّدت أمامكِ يا أمي !
هل لكِ أن تُشكليها بعطفِ يديك ؛ لتأتي على قدرِ المقام ، كما شكلتِني ، كما صنعتِني بِعظيمِ عطاياك.
أُجزِمُ والله أن الإنسان لايستطيع أن يرد بِضعًا من جميلِ أمهِ عليه ولو أفنى جُلَّ عُمرهِ رقيقًا بين يديها.
قالوها
وقالوها كثيرًا " من علمني حرفًا صرتُ له عبدًا "
لم تعلميني حرفًا بل علمتنِي أبجدية
أبجديةُ العيشِ والصبر
أبجديةُ العِبادة والإستِقامة
أبجديةُ العِلمِ والعطاء
وما أكثر نهلك الذي أمطرتِني به
أمــــآآه
أُمآه : أهتِفُ بِعلوِّ صوتي
أماهُ : صوتٌ تنفِر له خلايا عقلي
أقولُ أُماه فينتحِرُ الحُزن من قلبي ويهفو بالسَّعدِ فكري
أُمـــــــآآآآه
أُطيلُ في مدِّ الألف وأشعِر في نهايتها بالـ ( آه )
أمٌ + آه = أمآآه
آهٌ في قلبك
وآهٌ على قلبك
ياقلبُ ممَ صُنعت ؟
لله درّكَ كم حويت !
وياترى بآلامِكَ كيفَ مشيت ؟
وماحالك في الحياةِ حين سعيت ؟
أَعَلَى وجع الدهر طغيت أم أثقلتك الأوجاع فبكيت !
وهل أزعجتُك بِصُراخي حينما من بطنها خرجت ؟
أجبني ياقلب أمي كم حويت ؟!
قلبكِ مأوى للمُشردين
بيتٌ لكل سائل ومحروم
لايدّعُ اليتيمِ ولايكسره
بل يجبر الكسرِ فوقَ الكسر .
من قال فاقِدُ الشيءِ لايعطيه ؟
قلب أمك مُثقلٌ بك وبالدنيا ومافيها ولازالت باذِخةٌ في العطاء
قلبُكِ ياأمي
نرجِسٌ وحدائقُ توت
قلبُكِ عبقٌ يفوحُ بالريحان
قلبكِ محطّ العُجبِ والرحمة
قلبكِ قبسٌ من جنة
ورحمةٌ من اللهِ منزلة .
سلامُ اللهِ على قلبكِ وروحكِ الطاهرة .