يقف على مسرح كبير ويوزع أنظاره على الحاضرين ليتقدم ببطء ويبتلع ريقه بمراره وبنبرة حُزن جذبت كُل أذن سمعته للانتباه بدأ الحديث ...:
بدأ تدفق الجمع الغفير إلى الجامع ،بثيابهم البيضاء وابتساماتهم اللطيفه ،شدني منظر والدِ يُمسك يد طفله الصغير كانت عينيه لاتنظر إلا لطفله وملامحُ وجهه الضاحكِه تتغير للحذر كلما اقترب الطفل الى السقوط وكُلما تعثر الطفل جلس ليوقفه ويكمل المسير...
أدرت ناظري عنهم وتعلو وجهي إبتسامه ليشدني المنظر الآخر .. عجوز قد بلغ من العُمر عتيَاً لحيتِه قد تحولت للون البُرتقالي من آثر تخضيبها بالحنا،
يتعكز على عصاً بيد ويده الاخرى قابضة على يد شابِ بجانبه ،أستنتجت انه حفيده بعد نداء الشاب له بياجدي منبهاً له وصولهم لمدخل المسجد ...
صرفت نظري عنهم حين دخولنا مع أخر تكبيرة للمؤذن ..
وبعد إنتهاء الخطبه التي كانت تتحدث عن أخلاق المُسلم في الدعوه ،
إصطففنا للصلاه .
تَغشانا رحمة من الإله وطمأنينة بالقلب وأجواء إيمانيه ..
وفي أخر سجدة سجدناها خلف الامام سمعنا صوت صرخة تنطق "الله أكـــبر"
يتلوها اصوات إنفجار!
لاتوجد إلا اشلاء من جسد المغضوب عليه مُتفرقه
وبكاء الاطفال وآثار الدماء على الجدار !
لم يُكونوا الكل استوعبوا ماحدث !حدث كل شي كأنه حلم سريع !
غطّت الدماء وجهي ليكون أخر منظر رأيته إحتضان الاب لجسد طفله الصغير ، وجزع وبكاء الحفيد على الجَد ذي اللحية الحمراء
التي صُبغت من الدماء !!
هُم .. هُم من رأيتهم عند دخولي!
أغمضت عيناي ليتحول كُل شيء للأسود امامي،
لأستيقظ بعدها بغرفة بيضاء حولي عدة أجهزه
ما إن رأيت النور امامي واستطعت أن أسترد نفَسي بكيت حمداً وشكراً لله بأن رد روحِي إلي..
.. عرفت بعدها أن عملاً إرهابياً قد حدث في المسجد! .
توقف هُنا عن سرد أحداث ذلك اليوم الحزين ليرفع ناظريه إلى الحضور
ويتسائل بُحرقه
:
ماذا يريدون من تفجير أناس مُسالمين !؟
لماذا يستخدمون أبنائنا ضدنا!؟، كيف يستطيعون غسل عقولهم! ليصبحوا كالبهائم
هل ستدخل الجنه إن فجرت بمُصلين !؟ وأناس عُزّل لم يقترفوا أي ذنب !
بأي ملة أكتسبت هذا الاعتقاد! !؟
رسولك أرسل رحمة للعالمين
ورُبك قال بكتابه على لسان رسوله (لكم دينكم ولي دين) لم يجبر أحداً على الدخول للإسلام ..
أن كان دينك يُحرم قتل الراهب المسيحي في كنيسته
واليهودي في معبده فكيف بعقول تُفجر برجِالاً سجدوا وعبدوا الله في بيته !!
أنتم ممن جُردت الرحمة من قلوبكم والفكر من عقولكم
أرتديتوا عباءة الدين وأنا أقسم أنه منكم بريئ!
ظننتوا أن أعمالكم تُقربكم للجنه ورضا الله
لا والله بل هي تُقربكم لغضبه وعقابه سُبحانه ...
...
توقف عن الحديث ليستدعي أنفاسه وينظر الى يده المجروحه من أثر ضربه للمنصة الخشبيه للورق حين حديثه ليرفعها عالياً وبعبارة واحده نطقها ليختم كلامه..
: نُحن كهذه الاصابع باليد أن جرح إصبع تألمت اليد كاملِةً، ثم تنقبض للتحول إلى قبضة تُلكم كل من إقترب إليها لجرحها!
.
إنتصار