كوحشة الغياهب
وغموضِ الطرق الطويلة
كارتجافة الطير السجين
كريبة الطبيعة من الأقدار :
- أخافك -
أستوحشك ..
وبين جذبٍ ونفور أتخبط فيك ،
أمشي في تبعاتك حافية الرؤى
عارية البصيرة والحواس
أتوكأ غناء الحالمين هناك فأمشي
وأنصت لأنّات العاشقين هنا فأتوقف !
لم يكن ثمة رؤية واضحة
فالحياة هناك عمياء ،
لم تكن إلا موسيقى لم تألفها مسامعي
وطيور عصيّة على التحليق
تحوم في أرجاء المكان
عمياء هي الأخرى لا تدل الدرب إلا تخبّطاً ..
أجهل مآقيك جهل الساهرين بمجريات كل ليل
أعمى أنت وبكماء أنا
والخُطى بيننا عاجزة ،
أمشيك لأصل فتسلك عني منحى آخر
أتوقف ، فأجدك أمامي واقفاً ولا صوت لي لأُناديك به ..
وبين اتجاهاتنا المتعاكسة
ورغبتي المُلحة باللحاق بك وصراعها مع رهبتي المستبدة منك ؛
أسرق من وقع خطواتك في طريقي لي هدهدة ،
وأنتزع من نُثاراتك في الأرجاء وأنصبها لقلبي نجوم منتشية
تضيء سماءات داخلي المعتمة ذات وحدة ،
أهتدي ببقاياك وأهرب منك
أرغبك وأجزع
أمشي طويلا طويلا بكل ألق وأتوقف ذات قلق فأرجع لنقطة البداية،
أنت لا تأتي
ولا أنا سأصل .. لكنك ببساطة ستظل تغني
وأنا بكل عُمقي سأظل أخشع وأنصت وأنتشي من بعيد ..
لربما كان هذا الخير كله أن لا أُكمل الطريق
ولربما سيستوقفني القدر لأصطدم به واقفة دون لُهاث ،
ربما أن أقداري أمرته بأن لا يجيء
لأنني روح عصيّة على النسيان
وتلك رأفة الرب ورحمته بعد أشواط طويلة مررت بها
من الحياة جرّحتني وأبت أن تُشفى !
- لن يُنقص منك مجيئي من عدمه
سينقص قلبي وتتضاءل فيه ومضة الحياة ليس إلاّ ..
للحب الذي لطالما لحقته بحماسة المناضلين
وصد عني بزهد الزاهدين ..
للقالب المقدس الذي ينقصه طرف يفوقني عمق
وخيط بداية وعـقدة لا تنتهي ولا تنضُب حبكتها
ولا تُقصَل ..