لم يتخلص العالم من آثار فيروس إيبولا القاتل بعد، حتى ظهر خطر جديد يهدد صحة الشعوب وخاصة المواليد، وهو فيروس زيكا الذي أصاب ما بين 500 ألف و 1.5 مليون شخص في البرازيل حتى الآن، وانتقل إلى أكثر من 20 دولة في المنطقة، بحسب خبراء منظمة الصحة العالمية.
ودفع ظهور عشرات آلاف الحالات المصابة بفيروس زيكا، المنظمة الأممية لتشكيل "فريق طوارئ" لمواجهة تفشي المرض، الذي يربط العلماء بينه وبين ولادة آلاف الأطفال برؤوس صغيرة في البرازيل.
وذكرت المنظمة محذرة، فى بيان لها مساء أمس، أن ما بين 3 إلى 4 ملايين شخص قد يصابوا بفيروس زيكا في الأمريكتين خلال العام الجاري.
وقالت الدكتورة مارغريت تشان، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، إن زيكا انتقل "من مرحلة التهديد البسيط إلى التهديد المثير للقلق"، ووصفته بأنه "أمر مفجع"، مضيفة أن "هناك تخوفًا من إمكانية انتشاره على المستوى العالمي".
وشكلت المنظمة الدولية "فريق طوارئ" بعد الانتشار "المدوي" للفيروس، كما ستعقد اجتماعًا الاثنين المقبل لتقرير ما إذا كان يجب التعامل مع زيكا كحالة طوارئ عالمية.
ما هو فيروس زيكا
زيكا، بحسب خبراء منظمة الصحة العالمية، هو فيروس ينتقل عن طريق بعوضة "الزاعجة المصرية"، التي تحمل أيضًا حمى الضنك والحمى الصفراء، واكتشف لأول مرة في إفريقيا في أربعينيات القرن الماضي، لكنه ينتشر الآن في أمريكا اللاتينية.
واكتشف فيروس زيكا أول مرة في القردة عام 1947 في غابات زيكا بأوغندا، وسجلت أول حالة إصابة بشرية في نيجيريا عام 1954، وعلى مدى عقود لم يكن الفيروس يمثل تهديدًا كبيرًا على صحة الإنسان، وتجاهله المجتمع العلمي إلى حد كبير.
لكن البرازيل رصدت الحالات الأولى من الإصابة بالفيروس في مايو من عام 2015، ومنذ ذلك الحين، أصيب ما بين 500 ألف و 1.5 مليون شخص بالفيروس في البرازيل حتى الآن، وانتشر الفيروس بعد ذلك إلى أكثر من 20 دولة في المنطقة.
الأعراض
يقول خبراء منظمة الصحة، إن حدوث حالات وفيات جراء الإصابة بالفيروس أمر نادر، ومعظم حالات الإصابة لا تبدو عليها أية أعراض، ومن ثم يصعب فحصهم، لكن من بين الأعراض التي تم رصدها ارتفاع متوسط في درجة الحرارة، والتهاب في العين، والصداع، وآلام المفاصل، وحكة في الجلد.
وأضافوا أن هناك أدلة متزايدة على وجود صلة بين الفيروس وصغر حجم الرأس، الذي يؤدي إلى ولادة الرضع برؤوس صغيرة.
وأشاروا إلى أن الأعراض لدى البالغين والأطفال تكون مماثلة لأعراض حمى الضنك، لكن أقل حدة بصفة عامة، بما في ذلك آلام تشبه الإنفلونزا، والتهاب العينين والطفح الجلدي، بالرغم من أن البعض لا تظهر عليه أي أعراض على الإطلاق.
ومن أبرز أعراض المرض، صغر حجم الرأس عند المواليد عن الطبيعي، وينتج هذا عادة عن توقف نمو المخ بالمعدل الطبيعي، لذلك حذرت السلطات الصحية في أكثر من دولة بأمريكا اللاتينية ودول الكاريبي النساء من خطورة الحمل في الوقت الحالي بسبب مخاوف زيادة تشوهات الأطفال جراء الإصابة بفيروس زيكا.
طرق الوقاية والعلاج
لا يوجد علاج لفيروس زيكا حتى الآن وهناك محاولات بقيادة علماء في كلية الطب بجامعة تكساس الأمريكية، لإنتاج لقاح للفيروس.
وزار الباحثون الأمريكيون البرازيل لإجراء أبحاث وجمع عينات، ويعملون الآن على تحليلها بمختبرات في ولاية تكساس الأمريكية.
وقال العلماء إن مصل الوقاية من الفيروس قد يكون جاهزًا للاختبار في غضون عامين، لكن الأمر قد يستغرق عقدًا من الزمان لكي يكون متاحًا للاستخدام.
ولحين ظهور أمصال للفيروس، يركز خبراء الصحة على طرق الوقاية من الفيروس.
وبحسب خبراء الأمراض المعدية لدى المعاهد الوطنية الأمريكية للصحة، فإن الطريقة الوحيدة لمواجهة الفيروس هي تطهير المياه الراكدة التي يتكاثر فيها البعوض، والوقاية من لدغات البعوض.
وأضافوا أن طرق المواجهة تتم باستخدام دهانات طاردة للبعوض، وارتداء أكمام طويلة، ووقاية المنزل من البعوض عبر تركيب الأبواب والنوافذ المحكمة الإقفال فضلًا عن الشبكات السلكية للنوافذ التي تحمي من دخول البعوض.
وحذروا أيضًا من النباتات الموضوعة في الأواني، بالإضافة إلى المسابح والترع والمصارف، لأن الماء بيئة تكاثر مثالية بالنسبة للبعوض، كما حذروا من تجنب السفر إلى أمريكا اللاتينية ودول الكاريبي قدر الإمكان.