كشف خبير في مجال الأوقاف العلمية أن المملكة تحتل المرتبة السابعة والثلاثين عالمياً من حيث الانفاق على البحث العلمي، بما يقدر بنحو 1.8 مليار دولار سنويا، وفي الوقت الذي يقدر فيه حجم إنفاق الدول العربية مجتمعة بأقل من 5.31 مليار دولار.
وشدد الدكتور عصام حسن كوثر المدير التنفيذي للوقف العلمي بجامعة الملك عبد العزيز بجدة، خلال لقاء استضافته غرفة مكة المكرمة للتجارة والصناعة البارحة الأولى، على ضرورة الاهتمام والعناية بالأوقاف الجامعية المتخصصة، كونها رافداً قوياً في دعم وتطوير البحث العلمي، وأعتبرها الطريق المشروع لريادة الأمم وتقدمها.
وجمع اللقاء الذي جاء ضمن مناشط لجنة الأوقاف التابعة للغرفة، ماهر بن صالح جمال رئيس مجلس إدارة الغرفة، وعلاء الدين آل غالب رئيس لجنة الأوقاف بغرفة مكة المكرمة، وحشد من النظار والمهتمين والمتخصصين في العمل الوقفي.
وقدم كوثر شرحا لملامح التفوق الأكاديمي لجامعة المؤسس قبل ربطه بالوقف العلمي، وقال إن الجامعة لديها أكثر من 188 اعتماداً أكاديمياً دولياً، وجاء موقعها - وفق تقييم دولي - بين المرتبتين 150 إلى 200 ضمن قائمة تضم ستة آلاف جامعة عالمية، فيما حلت الأولى عربيا في مجال الرياضيات والفيزياء، وفي المركز الثاني عربياً بشكل عام.
وأستعرض ضيف اللقاء بغرفة مكة المكرمة، التجارة الدولية الوقفية في مجال البحث العلمي، وحجم ما ينفق عليها، مبيناً أن جامعة هارفرد أنفقت في عام 2009م نحو 25 مليار دولار، فيما لامس انفاقها في ذات المجال 36.4 مليار دولار في عام 2014م.
وعرض المدير التنفيذي للوقف العلمي بجامعة الملك عبد العزيز بجدة صوراً لحجم الانفاق الغربي على البحث العملي، بقوله إن جامعة كامبردج مثلاً أنفقت 4.9 مليار دولار، وجامعة تورينتو في كندا انفقت 1.66 مليار دولار، فيما تتربع أمريكا دولياً على قائمة الدول الأكثر انفاقاً على الأبحاث العلمية، بإنفاق سنوي يفوق 400 مليار دولار سنويا، تليها جمهورية الصين بأكثر من 296 مليار دولار.
واعتبر الوقف العلمي لجامعة الملك عبدالعزيز قصة منظمة وقفية عصرية، نذرت نفسها لخدمة المجتمع المحلي أولاً، ثم الأمتين العربية والاسلامية ثانياً، وتتطلع لخدمة الانسانية، فهي مبتكر ممزوج بالتكافل الاجتماعي، والتكامل العصري بين العقيدة والحياة، ورجال الأعمال، والأكاديميين، والأفراد والمؤسسات، بهدف لنشر العلم والمعرفة.
وأكد الدكتور كوثر أن الوقف العلمي لجامعة الملك عبد العزيز هو أول وقف سعودي علمي في منطقة الشرق الأوسط، وله سجل تجاري، ويحقق عوائد سنوية تفوق 20 في المائة سنوياً، ويتبنى فكرة إنشاء شراكات مع القطاع الخاص ورجال الأعمال المميزين.
وبين أن الجامعات تشكل في كثير من الدول المتقدمة منارات لإيجاد بيئة فكرية تبحث في قضايا ومشكلات مجتمعاتها، وترصد مظاهرها وتضع الحلول العملية الحاسمة لتحقيق الرفاهية والتنمية المستدامة.
وأوضح الدكتور كوثر أن قصة تأسيس الوقف العلمي بدأ بمبادرة لمجموعة من أعيان وتجار منطقة مكة المكرمة، بدعم وتأييد من الأمير عبد المجيد بن عبد العزيز –رحمه الله - حيث تم تدشين الوقف في رمضان 1425هـ، وانطلقت مسيرة الوقف بتبرع أمير المنطقة حينها بقطعة أرض ومبلغ خمسة ملايين ريال، إضافة إلى تبرعات من ميسوري الحال وداعمين.
وأشار إلى أن رؤية الوقف أن يصبح بأصوله الثابتة والمتغيرة، وبضوابطه الشرعية المعتمدة، واستثماراته الناجحة، ركيزة تطوير ودعم للمشروعات البحثية، وتمويل الدراسات العلمية التطبيقية والبرامج الخاصة التي تخدم المجتمع، وتعالج مشكلاته الاقتصادية والعلمية والاجتماعية والصحية والبيئية، لافتاً إلى أن مجالات عمل الوقف دعم الأبحاث والدراسات العلمية التطبيقية، ورعاية المؤتمرات والفعاليات العلمية المتنوعة، ودعم المبتكرين والنوابغ، وابتكار مبادرات ومشاريع نوعية لخدمة المجتمع.
وأكد كوثر على أن أركان الوقف التي يجب الاعتناء بها هي الموارد والاستثمار والصرف، حيث تعتبر المفاصل المهمة لتحقيق المنفعة من الوقف، مبيناً أن الجمعية العمومية للوقف تعد أبرز أشكال الحضور المؤسساتي في الوقف، وتحاكي الشركات الاقتصادية المساهمة الكبرى، وجميع الواقفين هم ممن تبرعوا بأكثر من 250 ألف ريال أو ما يعادلها من العقار أو الأسهم، ويرأس الجمعية العمومية رئيس مجلس النظارة، وتجتمع الجمعية مرة واحدة في كل عام أو كلما دعت الحاجة.
وكشف كوثر أن مجلس نظارة الوقف العلمي بجامعة المؤسس يضم مدير الجامعة، وثلاثة أعضاء من داخل الجامعة، وثلاثة أعضاء من الجهات الحكومية الأخرى، إضافة إلى ثمانية أعضاء من أهل العلم، ورجال الأعمال، مشيراً إلى أن للوقف لجنة للاستثمار، تتولى دراسة الفرص الاستثمارية وعوائدها المالية وفق أسس اقتصادية إسلامية، وتحقق اللجنة مفهوم المشاركة المجتمعية من خلال مشاركة عدد كبير من رجال الأعمال لتحديد المشروعات الاستثمارية الآمنة.
وأشار إلى أن رأس مال الوقف العلمي بدأ لأول مرة بعشرة ملايين ريال، حتى وصل بعد عشر سنوات إلى 100 مليون ريال، بفضل الله ثم بفضل التنوع في استثماراته ما بين شركات عقارية وتأسيس مشاريع صحية، مبيناً أن الوقف حقق نجاحات تاريخية، حيث قفزت نمو ايراداته السنوية من برنامج الاستقطاع الشهري من 500 ألف ريال سنة 1427هـ، ليصل إلى مليوني ريال سنة 1435هـ، وزادت التبرعات النقدية من خمسة ملايين ريال سنة 1427هـ، إلى 25 مليون ريال سنة 1435هـ.
وأوضح كوثر أن الوقف العلمي وفق في إنشاء مشاريع استثمارية آمنة وذات عوائد ربحية جيدة منها شقق فندقية تضم 32 وحدة سكنية عائلية مختلفة الأحجام، إضافة إلى تأسيس ثمان شركات متخصصة في خدمات التصوير الطبي، والاتصالات، والمعلومات، والخدمات الطبية، والاستثمار العقاري.
وأبان كوثر أن الوقف وفق في دعم 38 بحثاً علمياً منذ عام 1430هـ، منها أبحاث لطلاب من جامعات سعودية أخرى، حيث أن الوقف يهمه فكرة البحث وتميزه والأثر المتوقع.
ومن المبادرات التي يفخر بها الوقف العملي لجامعة المؤسس مبادرة تأسيس مركز المبدعين للدراسات والأبحاث لإجراء الدراسات الهندسية لمعالجة مشكلات النقل والمرور والمواقف، وتقديم الحلول المبتكرة ذات العلاقة بحركة الحشود، وإجراء الدراسات التي تركز على المحافظة على البيئة، وتقدم حلولاً لمشكلات الحرائق، وتقديم خدمات دراسات الجدوى الاقتصادية للقطاع الخاص.
وتضمنت مبادرات الوقف رعاية نوابغ المسلمين، وكفالة طلاب العلم الجامعيين، وتنظيم المؤتمرات والفعاليات العلمية، إضافة إلى المبادرات الأمنية، والصحية، والبيئية، التي تهدف إلى إشاعة التثقيف والتوعية.