• ×

قائمة

Rss قاريء

قصة - حين تنجبُ الطفلةِ طفلة - حملة نبراس التوعوية " رقي "

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
نبراس - الكاتبة . أشواق أحمد - جازان : 

كنتُ طفلةً بريئة ، بمنزلٍ من أبٍ وأمٍ أميون ،
كنتُ أبلغُ الثالثة عشر ، لازلتُ أخطط لمستقبلي الذي رسمتهُ زاهراً .
رغم أنهم علموني بأن المرأة لا تعمل ولا تدرس تعيش لتبلغ سنّ الزواج فتتزوج وتنجب وتصبحُ مربية تزوج أبنائها وتنتظر الموت .
هذه كانت العادات حينها كان أبي يُكرر تِلك العبارات دوماً على أذني .
حتى أنني كُنت أصلي دائماً وأدعي الله أن لا أتزوج ، وأخرج بشكلٍ "بشِع " أمام نِساء القرية .
حتى أتى اليوم الذي طلب يدآي أحمد .
لم يُكن لي الحق لأرفض ، فتزوجنا .
أنتقلنا لمدينة الرياض ، حيثّ لا نعرفُ سوى عائلة أحمد .
عاهدني بأن يمنحني الحياة ويجعلني أعيش .
وليتهُ لم يفعل ، ليتني بقيت كما علموني أنتظر حملي لأربي إبني وأكمل مسيرة حياتي وِفق ما رسموه .

تزوجت وأنا أبلغ الثالثة عشر ، جلب ليّ هاتفاً ، وأسكنني منزلاً جميل ، دللني كثيراً وبتُ أعيش حياةً طبيعية .
حملتُ ولم أهتم بشأن ذلك كثيراً .
لم يتغير شيءً غير أنني كُنت لا أتحرك كثيراً ، وأمضي الكثير من الوقت في النومّ .

مرتّ التسعة أشهر وأنجبت جوآن .
وكبُرت مع أمٍ مُهملة لا تتذكر سوى موعد إجتماع صديقاتها ، والمكان الذي خبأت به الشاحن .
وما تبقى ليس ضمن لائحة إهتمامها ،
لم أكن أعتني بأبنتي كثيراً ورُبما ابداً .
حتى انها نطقت إسم الخادمة قبلي .

ركضت السنوات ، ونحنُ كما نحنُ .
أحمد لا ينهضُ من فِراشة حتى أن مصروفنا يأتي من قبل والديه .
وأنا لا اكف عن تجمعات صديقاتي التي تمتد إلى الفجر .
لم يتغير سوى أن جوان بلغت سن الدراسة .
لم أكن أشأ أن تكبُر جوان كما كبُرت وسلمتُ يداها الصغيرة الورقة والألوان لترسم مستقبلها بيداها مُستقبل أشبهُ ببستانٍ زاهر ليس لأحد الحق ليجعلهُ حُطام .
ولكن شاء القدرّ ليجعلها تكبُر بفضيحة ، مما جعلني أتمنى لو أنها كبُرت كما كبُرت أنا بقائمة ملاحظات لا يجب أن تخالف إحداها .

سجلتُ جوان بمدرسة ،
وهذا الشيء الوحيد الذي فعلتهُ ، أما مستلزمات المدرسة ، الذهاب والعودة ، فكانت تلك من مُهمات السائقِ والخادِمة .

مرّ الأسبوع الأول ظننتُ بأن هدوء جوان أمر طبيعيّ .
مر الآخر والذي يليه وجوان تعيش بحالةٍ من الذعر ،
أتذكر بأنها أتت إليّ مرة ،
كانت تبكيّ لا ترغبُ بالدوام لم أفعل سوى أنني غيرتُ طريقة إستلقائي فحسب !
كبُرت جوان ، وكبُر الهدوء والخوف بداخلها .
عدة مرات كانت ترغب بأن تقول لي شيءً ،
فتشد ذراعي إلى غرفتها ولكن لا أهتم لأمرها .
أنتابني الفضول ذات مرة ، فذهبت إلى غرفتها لأستمع إلى الحديثّ .
فإذا بها تقول لي : أودُ أن أذهب إلى المدرسة .
حسناً عزيزتي غداً تذهبين .
ولكنني أذهب مع السائق للعبة .
ليس هُناك ألعاب يا طفلتي أنتي تذهبين مع السائق إلى المدرسة .
إذاً انا لا أحب المدرسة ليس هُناك أطفال .
هههههههههههههههههههه جوان ماذا تقولين ؟
كيف ليس هناك اطفال !
يعني أنه لا يوجد سوى الأستاذ السائق .
كيف ذلك ؟
يعني أننا نذهبُ إلى مكانٍ مُظلم فيقبلني لنذهب بعدها الى الألعاب .
حتى أنكِ لم تسأليني عن شهادتي في الصف الأول لذا لم أستخدم كذبتهُ التي علمني بأنها حُرقت .
لم أشعر الا بألم قبضة يداي بعد صفعتي لها .
كيف تجرئين على قول هذا ؟ الا تملكين حياء ؟
أنتِ تعلمين عن من تتحدثين ؟
عن سائقٍ هُنا قبل أن تلد أمك .
يعني أن أخبرتي أباكِ سوف أتطلق ، سوف تعيشين كما عشتُ انا .
صفقتُ الباب وخرجت وكنت أثق بأن ما تقوله هراء .

إلى أن مضت السنين ، بلغتُ الواحد والعشرين عام
وبلغت جوان الثامنة .
كانت تصمت كثيراً هادئة ، تخاف ، لا تشعرُ بالأمان ، تبكي ، تعود من المدرسة في وقتٍ متأخر وكثيراً ما تعقدُ وشاحاً حول عنقها لتخفي اثار الدماء لأن الوقح علمها بأني سوف أغضب منها واضربها إن لم تفعل ذلك .
إلى إن رأيت اثار الدماء على عُنق طفلةً بريئة لأول مره في حياتي أوقظها .
كُنت قد وصلت لسن الرشد أخيراً لأنقذ حياة إبنتي .
لم تكن تتحدث فذهبتُ لطبيب نفسي أولاً .
لم يخبرني سوى أنه من الضروري أخذها للطب الشرعي .
ولكن جوان طفلة ؟
وكانت إجابته التي كسرت روحيّ : أنا أعلم أنها طفلة ولكن ليتكِ انتِ أدركتي هذا قبل فوات الأوان .
انتظرنا النتائج .
وكانت جوان قد تعرضت لتحرشٍ جنسيٍ شنيع .
ليعود الزمان !
لأتطلق !
لأحضن طفلتي بدلاً من أن أصفعها !
لأترك الصديقات الآتي يتحدثن الآن بهذهِ الفضيحة وأهتم بأبنتي .

ولكن الزمان لن يعودّ .
وجوان لن تسامحني .
بل لن تراني إطلاقاً .
لأن مستشفى يضم ذوي الحالات العقلية لا يتمُ الخروج منهُ بسهولةّ .
ولا أحد يملك الحق هُنا ليخرجني سوى أحمد ، وأحمد يكرهني الآن ، لأني من جلبتُ العار لعائلته .

أصبتُ بصدمةٍ نفسية وعصبية وأنا هُنا ليعيش عقلي على الأدوية ، وما أن أتوقف عنها حتى أفقد عقلي وأثرثر بالهراء .

إليك أيها القارئ :
أتمنى أن لا تغلق هذه الرسالة دون أن تتعلم شيئاً مهماً .
وهو أن تتعلم كيف تتخلص من الجهل وتراقبُ أبنائك خوفاً عليهم ،
أن الخجل الصمت البُكاء وعدم الشعور بالأمان ليستّ أموراً طبيعية بالنسبة لأطفالنا ويجب علينا معرفة أسبابها .
أوصل إبنك إلى المدرسة بدلاً من السأئق وأهتمي بأبنتكِ بدلاً من الخادمة .
ولنتعاون نحو صناعة جيلٍ خالٍ من التحرش .

للتقييم، فضلا تسجيل   دخول
بواسطة : سمر ركن
 2  0  507

التعليقات ( 2 )

الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم
  • #1
    19 يناير 2016 07:02 مساءً سمر ركن :
    قصة. الكاتبة أشواق أحمد. تبين لنا كيف كان حال أم البنت التي ولدتها ولم تقوم برعايتها وتركها إلى الخادمة. حتى أصبحت الطفلة ترتبط بالخادمة أكثر من أمها. الله ياعيني الأطفال من أهمال الأمهات. .


    نجاة عبد الحميد السليماني - جده
  • #2
    20 يناير 2016 06:52 صباحًا حميده عليان :
    قصه محزنةتستحق التأمل في خال بناتنااليوم أسأل الله أن يحفظ أبنائنا وبناتنا كل سوء