• ×

قائمة

Rss قاريء

رسالةّ إلى فجر .

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
نبراس - للكاتبة : أشواق أحمد 

لِفجر ؛
الصبيةُ التي تمنيت أن أحصل عليها كثيراً ،
ومن قبلتُ أن أعالج العُقمِ لأرى عيناها
الصبيةُ التي فضلت أن أموت لأمنحها الحياة وغرتها الحياة لتجعلني أموت ، وليتني مُت كما تصور أليك أيها القارئ بل مُت وأنا عائشه مُت وانا أتنفس هل تُدرك معنى أن تموت وأنت حيّ ، هل تدرك معنى أن تغرد الطيور وتشرقُ الشمس وينزل المطر وأنت تموت ؟

كُنت أبلغُ السابعة والأربعون عاماً عندما أنجبت إبنتي وذلك بعد سنوات عديدة كنت بها أعالج العقم إلى أن كتب لي الله أن احمل بأنثى ،
وكان اليوم الذي حل فجره وأنا ألدُ طفلتي التي غُرمت بالفجر لأجلها وأسميتها " فجر "
كان في الثاني والعشرون من مآرس .
أتذكر بأن الطبيب خيرني أما أن اخسر نفسي أو طفلتي ودون تفكير أخترت الحياة لطفلتي .
بعد ساعتين من الزمن حيث أمي ذات العينين الممتلئة بالدموع وأخواتي اللاتي تتمتمن بالدعاء لي وزوجي " تُركي " الذي ما أن فضلت الحياة لإبنتي كاد أن يبكي رغم أنه علمني بأنه رجل لا يبكي مهما جرى وتبين حينها خلاف ذلك ، أفلت يداي وتركني بودائع الله ، خرج الطبيب والدمع يملئ عيناه وحمد الله على سلامتنا ،
كانت دموعه فرحاً لأنه استطاع بعد مشيئة الله أن ينقذنا اثنتينا أنا وفجر ..
عِشنا أياماً لا مثيل لجمالها بعد أن تحققت رغبتي وأنجبت طفلة لتقضي على هدوء المنزل ببكائها اللطيف وضحكها الذي تضحك معها الحياة .
كبرت وكبرت فجر وبلغت السابعة والخمسون وبلغت فجر العاشرة حينها كان تركي قد خسر شركته حديثاً شركته التي كان يستند عليها ويعمل بها منذ أن كان مراهقاً برافقة ابوه الذي اصبح مُقعداً .
لم تكن تِلك الخسارة شيئاً مُتقبلاً بالنسبة لتركي وبعد أن قارب على الإفلاس وبات يعيش بنفسية متعبة أتجه لشرب الكحول لينسى ، وماعاد تُركي بتركي وماعادت وجنتاي تتورد سوى من أثار صفعاته وماكان باب غرفتي يُغلق إلا لأني لا أرغب بأن ترى فجر المرأة القوية تتعذب دون أن تصرخ ،
إلى ان عاد ذات يوم ولمحتهُ يقترب لفجر كي يضربها كما كان يفعل بشأني تماماً ،
لم أستطع أن أحتمل أن يسيء إلى إبنتي وقتلتهُ دِفاعاً عن النفس ،
والآن أنا ابلغُ السبعون وفجر تبلغ الثالثة والعشرون عاماً .
والآن انتم تعلمون بأني أصبحت قاتِلة وأني إمرأة السبعون عاماً وأن إبنتي جامعية .
ولكن أتعلمون لِم أكتب ؟
لأني لم أرى فجر منذ خمس سنوات ،
زارتني مرة واحده عندما كانت تبلغ الثامنة عشر أخبرتني بأنها لن تأتي مجدداً .
لأن ذات مرة دعوها بإبنة القاتلة وأخبرتهم بأن أمها ميتة ولإنهم صدقوا كذبتها جعلتني أموت بحياتها
طلبت مني أن أنساها ولكن لم تخبرني كيف أنسى من أقبع لأجلها هنا وكيف أنسى من فضلتُ الموت على أن تعيش هي كيف انساكِ وأنت قطعة من روحي وأنا قتلت الرجل الذي كُنت أتمنى أن أتزوج به منذ مراهقتي لأجلكِ أعلم بأنكِ لن تجيبي على أسئلتي يافجر ولكن كفاني أنكِ جعلتيني أتعلمُ بأن ثمة أمنيات إن بقت مُجرد أمنيات لن نركل العوائق التي تسد الطريق للوصول إليها ستكون أشهى وهي بعيدة .
وأني أن لم أحارب العُقمِ لأجلكِ لبقيتي أمنية طاهرة التفكير بك أمراً لا يوجد أجمل منه وقربك بأحلامي يكفي دون أن تقتربي لتمنحيني الإرتياح ومن ثم تجعليني أموت على قيد الحياة .

.
للتقييم، فضلا تسجيل   دخول
بواسطة : سمر ركن
 0  0  407

التعليقات ( 0 )