مضى كثيرٌ ولكنّ قلبي لا يزال على حافّةِ العشق محتضناً الكلالة! لا زلتُ أتذكّر الخول حينما كانوا يطوفون عليّ بصناديق من جواهر فأتخيّر من بينهم ذاك القُلبَ المحببّ إلى قلبي من محبوبي، لا زال تَشبّبُّ فارسي يُخجلني ويداعبُ وجناتي حين يتردّدُ في أذني! أشعرُ وكأنّ مجسّاته لا زالت تحفّني باحتضان عميق يُهدئُ من رَوعي الليليّ، أنادي خادمتي حتّى تفتح لي تلك الخزانة فأنعمَ برؤيةِ فستان زفافي! مضى الكثير يا مرآتي ولكن أتعلمين إننّي أتشوّقُ إلى أيّامِ الشّباب!
إننّي أحبّه يا مرآتي فما بالُ البشرِ يُقرّون عليّ بالجنون إن ثارتْ غيرتي عليه وهو في رمسه نائماً غطّاه التراب؟
أولم يعلموا بأنّ للثمانين غيرة لَهي أشدُّ من غيرةِ العشرين؟
ذاك الذي نامَ في قبره رحلَ ولكنّه أبقى خلفه فتاةً أحبّته في زهرِ شبابه، عاشقةً في مُستهلّ شيخوخته وعجوزاً بلغت غيرتها أنهار الأمازون!
لازلتُ أُوفي له بحبّي وكأنّه قد أوصاني بذلك، لمْ يُوصني ولكنّ قلبي فُطرت غريزته بأنْ تُوصدَ في طيرِ روحه!
أَخبريهم يامرآتي كمْ كنتُ أمكثُ أمامك حتّى أتزّين فتزين زينتي، ثمّ يأتي من خلفي فيأخذك من بين يدي ويقول: أحقّاً لتلك المرآه أن تعكس لك جمالك؟ جمالُك أميرتي لمْ يُخلق ليحكمه الجماد!
إنّي لأشتاق إلى هذا الإطراء كلّما أمسكتُ بك، ليتكِ تتحدّثين فتقولين لي مثل ما كان يقول!
وإن كنتِ لا تُشافهين، أعلميهم يا مرآتي أنّي عجوزٌ ملكت قلباً يحيى على إطرائه ومدحه كلّ يوم فإن ذكرت إحداهنّ جماله و بدأتْ تُعددّ محاسنه أخبريها بأنّ لها ويلٌ من غيْرةِ الثمانين!!