أتذكرين آخر خطوات خطوناها على رصيف منزلنا؟.. ذاك كان آخر صباح لي أشهده في بلادي.. اختطفته عنوةً وخبّأته في معطفي..
وسافر معطفي معي..
وكنت كلّما فتحته يشعّ نور ذاك الصباح المخبأ في داخله..
أيقنت أنني أملك في صباح بلادي سحراً لايضاهيه سحر..
أبحرت..
حتى ملّتني البحار..
ونسيت يا أمي أنني كلما ابتعدت عنكِ زاد البرد في روحي..
فقلت لهم أنا عاشق مبعد عن حبه.. نار الشوق
فقدمت لهم معطفي.. وكلّي أمل بأن سحره سيغلبهم..
ومادروا يا أمي أنهم حرقوا معه صباحاً واحداً كنت قد خبّأته وانا في عجل من أمري حينما غادرت البلاد..
أمي..
لأجدك تشربين قهوة الصباح فأشاركك بها على طاولة المطبخ.. أو في غرفة الجلوس..
ولا أجد جريدة بالأحرف التي تراودني في أحلامي حتى لو أمضيت نهاراً كاملاً لا اتحدث بها..
ولا صديق لي يباغتني في وقت العشاء..
هنا يا أمي.. بعدما تعلمت السباحة أتقنت الغرق..
هنا يا أمي.. بعدما أعددت الحلمَ الجميل فجأة مني انسرق..
أمي.. يا أمي..
أكتب إليكِ لأطلبَ منكِ طلباً واحداً..
حتى إذا ما أتى الطوفان.. أبحرت على متن قلبي حتى يوصلني بر الأمان..
ولكن يا أمي..
قد نسيت قلبي في غرفتي..
فهلّا أرسلتيه علّه يخفف آلام غربتي؟؟