منذُ العَام وقبَل العام
وقبل العَام وقبل العَام
وقبل العام
الجانب الأسوّد
في قلبِي لقد أُحرق
و رمادِه المُشظي
ما استوّفق على روحي
و لاعيني و لا دمعِي
و لا ليلِي و ليلي المُظلم
المُشرق
وإن حرارّة الأملاح قد انجرّفت
من أعماق عينايّا كبرقٍ
منبثِق صاخب
و لا مِن جوهرٍ ذائب
لتُعميني فلا أُبصر
و لن أُبصر
و أروي حُزني الأعظم
لحضنك ليل يا أمي
و لا قلبٍ سواك
و والدِي يعلمْ
بما قاسيّت أو ابكيت
بما قد أُسرقت قلبي
لذا ضُمي هنا ضُمي
و أوقدي للدنى شمعه
تُضيء البانيّ المُعتم
ألا يقصُر عليّ أنِي
سُقيت مرارة العلقم
بلا عطفٍ و لا بلسمْ
وأن سنابل الأحلام
قد انطفأت على نورِي
وأن طيُوريّ الفضَة
قد انكسرّت دون جنّاح
و قد سقطت على قاعٍ
بلا مجزّاف و لا منجى
سوِى الانزاف بأدماءٍ
قد اغتّالت صفوَ الماء
فلا سُقيا و لا بحرٍ لنا مُزرق
ألا تنهّال ! اذا غابّت
أو اندثرّت طيُوف
الحلم في عينيّك
ألا تنهال ! اذا انطفأت أنوّار
الحيّاة بما تُحييك
وأذكر أننِي يوماً
زرعت سنابلِي أخرى
لأحصد شوك أزهارِي
و يوخزنِي بلا رأفٍ
و لا لطفٍ
و الأوراق التِي أروي
عمراً يستبِق عمراً
فما كانت و لا ظلّت
ألا يكفِي ! بأن ماتت
سنابل الحُلم في عينيّ
و أن الزهر في قلبِي
أصفر !
و لوّن الشمس أصفر
و الحلم في عينِي أصفر
و لوني بينمّا الدنيّا تُحي
دونمّا تُقبر
و لا تُحصد سوى الأشوّاك
وسط مسيرتِي تُنثر
و تفقدنِي نظرّة
حدقة الأحلام
كي أعثَر
و لا أذعَر
و أعلم أن لا مفتّاح قد
يُفتح سوى بالصبّر
وأن الصبر مفتاحِي
وأن العيّن لا تُسهر
سوى بالصبّر
دونمّا تُبصِر
ألا تنهّال إذا قاسيّت
فما أسوّد ربِيع العُمر
و لا أسوّد بيّاض القلب
إلا جذراً لما قاسيّت
إنِي ماء يا أُمي
و لا يُدرك صفو المَاء
سوى قلبِك ، فبُوحي للدنى
أني قد انسرّقت أنا منِي
وأنِي أُخرى عن ذاتِي
وعن قلبِي وعن حُلمي
وأن الفقّد قد أخذ ليالِي
العمر مبكيّه وأحرف
أروي ورديّه
أنزِف للرجاء همساً
قد أصحُو على ذاتِي
وما كانّت يا الله
ما كنتُ و لا كنتُ
لكِن إرّداتك كانّت
فما استسقيّت و لا أذعرّت
أروِي بالصبر جذرِي
وإن الصبَر لا يُسرق
إنِي ماء يا أُمي
إنِي مَاء
قد أُسقي و قد أَروي
و قد أُغرق .