يقول حنا مينة : " كلُّ ما هو خارجي، يمكن مواجهته، يمكن مقاومته، يمكن تحدّيه، غير أنَّ ما هو "داخلي" يتطلّب مجاهدة من نوع خاصّ! "
الأمر الذي يدعوني للتوقف لوهلة والنظر لحالي و حال تلك وهذه وذاك ،
معظمنا إن لم نكن جميعنا ،
نتماثل في المعضلة ، نتشابه في الطريقة التي نلجأ لها لمجابهة الوعكة التي تخصنا ،
كأنها قضية واحدة تجمعنا مع اختلاف التأثر وردة الفعل من طرف لآخر .
أشعر في ملامحي وكذلك ملامح من حولي و حتى في طقوس الافتراضيين الـتي هي بلا ملامح مرئية تجاههم وتجاهي ، بالنوع من الملامح والطقوس الكادحة ،
أستشعر روح النضال وأشتم روائح الكدح و الجهاد
رغم أنني وهم لا نقبض على شيءٍ محسوس في أيدينا ، كنتيجة سواء كان انتصار أو حتى هزيمة ،
نكدح منذ مدة طويلة ، لانعرف عنا سوى أننا نعيش الحياة جهاداً ،
لأجل ماذا ، و منذ متى ، و إلى متى ؟ البعض لايدري ،
يضرِب بجهاده في كل مشوار و لحظة تعتريه ، دون هُدى و هُدنة ..
إننا منفردون في شكلِ مجاهداتنا ، لأننا نُجاهد في سبيل اللا معلوم ،
لأجلٍ غير مسمى ،
النوع من المجاهدة التي تستمر باستمرار الداخل بكل عملياته الحيوية والنفسية والعاطفية ،
نُجاهد لشيءٍ في الداخل ،
يلذعُنا ، يُدمينا ، يعرقلنا ، يُقصينا عن الآخرين ،
ومع هذا نُناضل باسمه بملامح مكدودة و بكل مشقة ،
وليس لنا من خلاصْ .
نضال سامي عرّفنا بالصبر والتجلّد ،
أُتيحت لنا بسببه فرصة أن نتحسس أن الفضل بعد الله لنا بعد كل نهوض عقِب ارتطامة بكماء ،
وأننا كنا لو لمرة فيما يخصّ فئة النساء ، غير تابعات ولسنا عبء
وليس من فضلٍ علينا سوى لله ثم نحن ،
مواجهاتنا مستمرة وَ ملامح الجهاد تُقيم في دواخلنا منها صروح ،
لا يعرفها عنا إلا نحن و كادحٌ مثلنا ..
حسبتُ يوماً أنني أُناضل وحيدة ، فوجدتُ بعد تأملٍ عميق من حولي مـناضلين وَ مُجاهدات ،
أَفِلت عن وجيههم اشراقة السطحيّ الـ بلا قضية
لتغرز فيهم الحياة نصل التعمّق والتوغّل في كل آفاقها ،
وتصبح ملامحهم تُشبه الميدان وانفعالاتهم الثورة ،
لا يُوَرّثُ منهما فيهم سوى روائح النحيب والمُجاهدة وَ الفزع ،
كانت الذات فينا ولم تزل تنشُد شيئاً لطالما واجهنا صداه فينا خارجاً برتوشِ اللامبالاة ، ولكنه ما فتئ يتنامى في الداخل منا حتى غدت الملامح فينا ندوب ،
لم تعد المواجهة خارجاً شيئاً يُذكَر ،
كل البلاء و العواء والقضية تحدُث في الذات من الذات ،
مواجهته تتطلب حياة كاملة أحياناً
والنتيجة للأبد قيد القدر .