ما يسلبه الرحيل أو الفراق .. الوداع الأخير .. الموت ، أو أيا كان اسم ذاك المارد ، ليس شخوص أو أرواح أنسناها ألبستنا تياجين الفرح مذ التقيناها ، إنما السلب يأتي ك " تسونامي" يقتلع كل ما هو ذا قيمة قد سكننا ، زخات المطر التي تراقصت على ضحكاتنا وزهونا ، أغانينا التي انشدناها نشازا ، وقهقهنا ببراءة الأطفال عاليا على أصواتنا ، يجردنا ذاك المارد من ذواتنا ، ليغرس مواقيت للحزن ، وأعياد تتشامخ بتأريخنا ، لنمقت كل الفصول .. ليالي الشتاء التي كنا نأنسها دفئا وودا بمن رحلوا ، تشعل حرائق الوحدة بنا تحتطب ذواكرنا .. تعرينا فقدا .. كاسية أيانا معاطف الإنكسار .. فما ربيع يزهر بنا ، ولا خريف تتساقط له آلامنا .. فتوالي الفصول أشبه كتذكار بأن أحدهم كان هنا ثم ارتحل ، وعند كل تواتر ، رقعة الفراق تتسع لتتنامى كصحاري ليلية جافة .. غيمات سمائها حُزنا ودمعا تحجب قمرها ..
لما ينتهي بك الفراق ولا ينتهي ، تنمو الأشياء التي كانت بالأمس تعزف ابتساماتك ، خناجر ألما تقتات عليك ، الأماكن والعناوين ذاتها ، ما اعتراها .. فقط بت تطئها خاليا من ذاك المسلوب ..
الشوارع والأزقة والمدن أيضا ترتحل ، وإن لم تحرك ساكنا ، فما كان يبعث بها الحياة ويعنونها وطنا قد ارتحل ..
من رواية عبث حروف
لـ محمد سليمان
صعب ومؤلم أن نفقد ذواتنا ،*
أو نفقد شيئاً كان فيها القيمة و الأساس ،
فعندما ترتحل الذات التي تخصنا مع أخرى كانت المكان والمدينة والوطن والفرح ، لانعود نحن - نحن ،
شيئا في الداخل يصبح أشبه بالخراب ، لايرممه بديل ولا تُعيده اصلاحات ،*
ارتحل عنا الكثير ومازلنا نشهد الارتحالات عنا ،*
ولربما كانت هذه الخطة أن نبقى دونما أحد ، نشهد فراغنا من كل أحد ،*
نعود مثلما كنا في طبيعتنا الأولى بلا أحد .*
لقلمك كل الاحترام*
وللاحاسيس الحقيقية العميقه التي تسكنه كل العرفان*
لانها تصل دون مشقة ،*
و تُحاكي دون معرفة مُسبقة .*