أمسكَ بيدِ عروسته وانتظر حتّى يُفتح الباب ليخرجا على الحاضرين، تبدو في عيناه لمعةُ الحنين! كيف وأميرة حياته بجانبه مرتديةً الفستان الأبيض؟
فُتح الباب و بدأت موسيقي الزفافِ تتعالى أصواتا ، خطو خطواتهم الأولى سويّة وقلبه لم يكن معه! توسطا العروسان الحاضرين فتوقّف ذا الثوب الأبيض قليلا وسقطتْ دمعةٌ منه عندما زاغت عينه إلى جانب القصر!
تعجبّت عروسته من ذلك فاحتضنته ظناً أنّه يبكي فرحاً ليوم زفافهما، لا تدري بأنّ بكاؤه كان سبباً لزيارةِ الحنين في زفته! مُمسكاً بيد عروسته ولكن قلبه قد أُودع عند أحد الحاضرات! يمشي في زفته و يتذّكرُ حديثها عندما كانا يتحدّثان فتخبره أنّه وإن لم يكن من نصيبها ستكون في حضرةِ زفافه! أيّ وفاءٍ ذلك الذي يتشاجرُ مع غيرة العشِاق؟
مضتْ أعواماً بجانبِ عطفه و ها هي اليوم تكون من أوائلِ الحاضرات في زفته لإيفائها بوعدها السابق!
لمْ تكن متضجرةً لوجودِ فتاةٍ حظت بقربه وارتداء الفستان الأبيضِ بجانبه! لمْ تفعلْ أيّ شيء سوى أنها كانت تدمعُ تحت لثمةِ وشاحها! كانت تلك العينين مألوفةً لديه من بين كلّ الحاضرين، ميّز عيناها من بين الكثيرات رُغم أنهن ارتدين الأسود جميعهن! ربما تلك الأعين كانت منهج حياة فكانت أكثرَ من مألوفةٍ لديه!
كم من زفةٍ شهدتها قصور الزفاف كان صاحبها لا يوّدُ أن يكون فيها!
كمْ من عاشقٍ سار على السجّادةِ الحمراء دون أن تتمسّك بيده عشيقته المرادة!
كم من زفافٍ غلفتّه الموسيقي بصخبها وغلّف قلوبُ أصحابها بشجنِ الحنين!
كم من رجلٍ أقبل في أناقته بانتظار زفته وقلبه معلّقٌ عند أحدى الحاضرات !!
إذا أتيتِ تُقبلين بقلبك على الزّواج من رجلٍ رأيْتِ فيه محاسنك، تمهلّي ربّ قلبه عاشقٌ و قد أُرغم بك!
هنا سيكثُرُ الحنين زيارته و يُثقلُ عليك من مقارنةٍ تدوم طيلةَ ما دام هذا العشق!