- يا فتى أخبرني من هي حبيبتك؟
بيضاءٌ هي كغمام السماء ما إن أسائها وميض البرقِ ذرفت دموعها الجياشة بين سمائها!
تحملُ قلباً مرهفاً تكاد أوعيته تتفجّر لكثرةِ ملئها بدماء المسلمين!
لامعةُ العينين في مواطن الحبّ ربّما تحسبها باكية و لكنّها تبّثُ إليك عشقها عبر لغةِ أحداقها!
لبيبةُ البلاغة ما إن خالطت علماء قومها بذّت من شأنهم و أحاطتهم في دائرة الحيرة!!
هذه هي حبيبتي ألم أحدّثك عنها؟
أيكادُ قلمي يقصّر في مديحك يا حوريّة النيل؟ أمّ أنّ حروفي لا زالت مبعثرةٌ بين ألسنك ؟
- حوريّةُ النيل ؟ دعك من كل هذا !!
غمامةٌ أنا ظلّتِ النيل فشهدت كل ما به جرائم! و هل يوجد ظلمٌ أطغى من أن تغدوا أشلاء الإنسان طُعماً لسكّان النهر؟
كم من المرات دنوتُ حتى أستقي منه و لكنّي سريعاً ما أعرجُ إلى سمائي خوفاً من أن أعلق بين أنياب قرشك!
وددتُ بأن أكون حوريةً تغوص في أعماقه و تداعب المرجان بزعانفها مرتديةً في جيدي لؤلؤةً من أرضِ الكنانة لكنّني ما زلتُ أشكرُ الإله بأنّي لم أوجد هناك وإلا فقد كنت اختنقتُ بدماء ضحاياك المقذفون!
علوتُ سماء مصر فأبغضتُ سمويّي لأنّه دائماً ما كان يبدأ صباحه بصراخ المقذفون و ينُهي يومه بنهرٍ تغيّر فيه ملامح الأنهار!! لا زال شكّي يراودني أيدنوا منّي نهر النيل ؟ أم أنّي علوتُ فوق محيطٍ أحمر تتنازعُ فيه أنيابُ القرش مع لحم البشر!
غمامةٌ ربما لم يزعجها وميض البرق بذاته وإنما أزعجتها نوائب نيلها الحزين!
غمامةٌ حَسِب نيلها المستظَل بأن وَبلها نتج عن وميضِ البرق و لكنّه أدرك حينها بأنّ دموعها كانت لجرائمِ نيلها !
في سماء مصر لن تودّ أن تكون مُزناً يعلو نهرها المتدامي!
أنت لن تكون مازناً من وميضِ البرق فحسب! فما تشاهده بالأسفل سيجعلُ من وميض البرق ملجأً لك!
في سماءِ مصر ستتراودُ شكوك بمَ حملتِ السماء أغمامٌ هو أم دخان الرصاص!
لم أكن حورية النيل حتى أختنق بكثرة الدّماء و لكنّ أوعية قلبي مُلئت بها حتى قضيت عليّ...