بعد أن ثمنت جهود المملكة العربية السعودية ، ممثلة في إمارة منطقة مكة المكرمة ، إزاء دورها الإنساني في تصحيح أوضاع أبناء الجالية البرماوية ، زار وفد من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بدول مجلس التعاون ، المقر الدائم للتصحيح بالعاصمة المقدسة للوقوف عن قرب على آلية العمل فيه ، في خطوة منها لتعميم التجربة على الصعيد العالمي.
ووجه مستشار خادم الحرمين الشريفين ، أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل ، كافة القطاعات العاملة في مقر التصحيح بتسهيل مهمة الوفد ، وإطلاعه على خط سير العمل في المقر ليقف عن كثب على الخطوات التي تتم في هذا الشأن.
وفي تصريح صحافي ، وصف أمير منطقة مكة المكرمة أن مشروع تصحيح أوضاع البرماويين وتطوير ومعالجة أوضاع الأحياء العشوائية ، بأنها تجربة فريدة، كونها معالجة جذرية للأحياء العشوائية ، لافتا إلى أن من ميزات المشروع عدم اقتصاره على إعادة تخطيط وبناء وعمران الأحياء بطريقة عصرية، بل معالجة مشكلة ساكنيها، معالجة إنسانية وصحية و اجتماعية وعملية متحضرة.
وأشار الأمير خالد الفيصل إلى أن المشروع ، يمثل القيم والأخلاق الإسلامية التي يتميز بها إنسان المملكة قيادة وحكومة وشعبا, منوها إلى أن الدولة تكفلت من خلال التصحيح ، بتطوير الأحياء ، ورعاية إنسانها وتأمين الرعاية الصحية وتكفلت بتعليم شبابها وبناتها ، وتدريبهم للعمل وتأهيلهم للعمل ، أيضا بإيجاد فرص العمل عن طريق وزارة العمل والشركات العاملة في هذه المنطقة .
وجاءت زيارة الوفد الذي كان في استقباله في مقر التصحيح ، وكيل إمارة منطقة مكة المكرمة المساعد للحقوق رئيس اللجنة الدائمة لدراسة وتصحيح أوضاع الجالية المينمارية صاحب السمو الأمير فيصل بن محمد بن سعد أعضاء اللجنة الدائمة المكونة من عدة وزارات وكذا مديرو العموم بالإدارات الحكومية في المنطقة ، بعد أن كرّمت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، المملكة نظير جهودها الإنسانية في تصحيح أوضاع الجالية البرماوية.
وأكدت المفوضية حينها أن جهود المملكة العربية السعودية في هذا الشأن رائدة ويمكن الاستفادة منها ، كذلك تعميم التجربة عالمياً، سيما وأن مشروع التصحيح يحظى بمتابعة القيادة في المملكة ، كونه أحد مكونات مشروع تطوير الأحياء العشوائية في منطقة مكة المكرمة، الذي رفعه الأمير خالد الفيصل للمقام السامي عام 1429هـ، واستهدف جزءٌ منه تصحيح أوضاع الفارين بدينهم ممن قبلت باستضافتهم المملكة.
ووجه الأمير خالد الفيصل في بداية المشروع بإعداد دراسة متكاملة عن وضع الجالية المينمارية، فعُقدت عدة اجتماعات مع مديري الإدارات الحكومية ذات العلاقة بالمنطقة وتمت دراسة وضع الجالية من النواحي النظامية والأمنية والتعليمية والصحية والمهنية والاجتماعية ، وإكمالاً لمسيرة العمل في دراسة وضع الجالية المينمارية تم تشكيل فريق عمل لدراسة وضع الجالية ، وتوحيداً للجهود والدراسات التي تعنى بالتصحيح، صدر الأمر السامي الكريم بتشكيل لجنة دائمة تختص بدراسة جميع ما يتصل بهذه الفئة، وتضم في عضويتها كلا من وزارات الداخلية ، الخارجية ، العمل ، المالية ، وإمارة منطقة مكة المكرمة والمديرية العامة للجوازات وغيرها من القطاعات الحكومية ذات العلاقة ومقرها الدائم إمارة المنطقة.
من جهته أوضح الأمير فيصل بن محمد أن زيارة الوفد التي جاءت بناء على الصدى الإيجابي لإنسانية المملكة في تعاملها مع أبناء الجالية البرماوية ، وهدفت إلى الإطلاع على ما تحظى به الجالية البرماوية المقيمة في المملكة العربية السعودية من رعاية واهتمام من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز يحفظه الله ، مضيفا أن زيارة الوفد هدفت أيضا إلى الوقوف عن كثب ، على آلية سير العمل في المشروع الذي وصفته المفوضية بالرائد ، ما يمكن من تعميم التجربة في دول أخرى حول العالم.
وبيّن سمو رئيس اللجنة الدائمة لدراسة وتصحيح أوضاع الجالية المينمارية أن عدد أبناء الجالية البرماوية المستفيدين من التصحيح منذ انطلاقتها في 4-5-1434هــ حتى الشهر الحالي من العام 1437 هــ بلغ نحو 249938 برماوي ، لافتا إلى أنه تم إصدار أكثر من 123793 إقامة نظامية مجانية .
وأشار الأمير فيصل بن محمد إلى أن أبناء الجالية البرماوية الذين تقدموا للجنة من أجل تصحيح أوضاعهم قدموا من 9 مناطق مختلفة على مستوى المملكة ، موضحا أن المتقدم يمر بعدة مراحل حيث يتم منح المستفيد موعدا لمراجعة لجنة التصحيح ويتم إبلاغه عبر واحدة من ثلاث قنوات هي موقع الجالية البرماوية ، أو الاتصال به عن طريق مكتب شيخ الجالية وأخيرا إبلاغه عن طريق مجلس الأحياء ، ومن ثم يحضر المستفيد للموقع ويتم التأكد من موعده ويتم توجيهه إلى الشؤون الصحية لأخذ 3 لقاحات ضد الدفتريا والحمى الشوكية ثم يسجل اسمه في كرت التطعيم.
وأضاف أنه بعد أخذ اللقاح اللازم يتجه المستفيد إلى كبينة التحقق والتي ميزت بالألوان للتسهيل على غير المتعلمين وهناك يضع الموظف صورة المستفيد وصورة عائلته في الاستمارة وترسل إلى قسم النساء لمطابقة صورة المرأة ثم المصادقة عليها بختم المطابقة وتعاد للمستفيد منوها إلى أن مركز معلومات الجالية يبرمج الاستمارة إلكترونيا ويدرج فيها كافة البيانات المتعلقة بالأشخاص.
ولفت إلى أنه تمت مراعاة ظروف كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة حيث تقدم لهم كراسي متحركة ويكون لهم الأولوية في إنهاء الإجراءات ، كما تقدم للمراجعين الضيافة بالإضافة للخدمات الطبية والأدوية والكشف الأولى والذي يشمل قياس الضغط والسكر ، مضيفا أنه أثناء الاستراحة يستمع المستفيدون إلى توجيهات يقوم عليها مجلس الجالية.
وفي السياق ذاته ، أعدت لجنة التصحيح للوفد برنامج متكامل ، اطلع خلاله على الملامح العامة لمشروع التصحيح وكذا جهود القطاعات الحكومية المشاركة في التصحيح ومهام الوحدات الإجرائية الداخلية المشكلة لهذا الغرض وذلك في مقر التصحيح ، إذ قدم مدير جوازات منطقة مكة المكرمة شرحاً عن دور الجوازات المتمثل في إصدار الإقامات المجانية لأربع سنوات على كفالة الأفراد والمؤسسات والشركات إضافة إلى إعفائهم من الغرامات المترتبة لعدم تجديد الإقامة لسنوات مضت واستثنائهم من بعض الإجراءات التي تحول دون حصولهم على الإقامات .
وزار الوفد موقع فرع وزارة العمل بمنطقة مكة المكرمة حيث قدم مدير فرع وزارة العمل بالمنطقة شرحاً عن دور وزارة العمل المتمثل في نقل الكفالات إلى الأفراد والمؤسسات والشركات وتغيير المهن وتذليل الصعوبات التي تختص بالوزارة وتوظيف أبناء وبنات هذه الجالية في الشركات والمؤسسات على ألا تتعارض مع توطين الوظائف للسعوديين والسعوديات في القطاع الخاص , كما سيطلع الوفد على عدد من القرارات التي من ِشأنها أن تحفز الشركات والمؤسسات على الاستفادة من خدمات أبناء وبنات هذه الجالية.
كما اطلع الوفد على جهود المديرية العامة للشئون الصحية بمنطقة مكة المكرمة ، وقدم مدير عام الشئون الصحية بالمنطقة شرحاً وافياً عن دور وزارة الصحة في عملية التصحيح سيما في المجالات التثقيفية والوقائية والعلاجية ، كما زار موقع الإدارة العامة للتعليم بمنطقة مكة المكرمة واستمع إلى مدير عام التعليم بالمنطقة حول جهود وزارة التعليم في استيعاب أبناء وبنات الجالية المينمارية في المدارس الحكومية والأهلية وتخصيص مكتب إشرافي متكامل لمدارس الجاليات بنين وبنات.
وشملت جولة وفد المنظمة موقع فرع وزارة الشئون الاجتماعية بمنطقة مكة المكرمة واستمع إلى شرح من مدير عام الشئون الاجتماعية بالمنطقة عن جهود وزارة الشئون الاجتماعية في تقديم الرعاية الاجتماعية لبعض ذوي الاحتياجات الخاصة ومشاركة الجهات الخيرية بخدماتها التعاونية في أعمال لجنة التصحيح .
واطلع الوفد على الوحدات الإجرائية الداخلية واستمع خلالها إلى المشرف العام على التصحيح حول مهمة إمارة منطقة مكة المكرمة في عملية التصحيح ومهام كل وحدة ومن أبرزها : وحدة مركز المعلومات الخاص بالجالية المينمارية وأرشيف استمارات التعريف ووحدة لجنة النظر في قضايا التعريف العالقة ووحدة شئون السجناء والموقوفين ووحدة علاقات المرضى ووحدة خدمات المستفيدين ووحدة إجراءات استمارة التعريف ووحدة الشئون الإدارية والمالية ووحدة تنسيق خدمات المستفيدات ووحدة التحكم في تفويج المستفيدين من جميع مناطق المملكة إلى مقر التصحيح .
كما اطلع الوفد على تجربة رائدة من إحدى الشركات المستقطبة لخدمات هذه الجالية من حيث نقل كفالاتهم وتدريبهم وتأهيلهم ثم تأجير خدماتهم لسوق العمل بشكل احترافي ومتحضر يعكس مدى اهتمام الدولة ـ حفظها الله ـ بوضع هذه الجالية وأن تكون إقامتها في المملكة بشكل نظامي في ظل عيش كريم كما هي الحال مع عموم المقيمين في المملكة .
وفي نهاية الجولة شكر وفد المفوضية المملكة على إنسانيتها في تصحيح أوضاع الجالية البرماوية دون الالتفات إلى العرق أو اللون، مثمنة الدور الكبير لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-، ولأمير منطقة مكة المكرمة، نظير الإنسانية غير المسبوقة في هذا الجانب والذي يقف له العالم احتراماً.
وذكر الوفد أن المفوضية تعتزم كتابة تقرير عن التجربة السعودية في تصحيح أوضاع الجالية البرماوية، لتعميمها على الدول الأخرى ومن ثم الاستفادة منها.
وفي ختام الحفل سلم الأمير فيصل بن محمد درعا تذكاريا لرئيس وفد المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين لدى دول مجلس التعاون الخليجي .
كلمة صاحب السمو وكيل إمارة منطقة مكة المكرمة المساعد للحقوق
في حفل استقبال وفد من المفوضية السامية للأمم المتحدة
لشئون اللاجئين لدى دول مجلس التعاون الخليجي في المقر الدائم
لتصحيح وضع الجالية المينمارية في يوم الأربعاء 08/01/1437هـ
الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على رسوله الأمين , وبعد :
أصحاب الفضيلة ... أصحاب المعالي ... أصحاب السعادة
أيها الحفل الكريم :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
يطيب لي أن أرحب بضيوفنا الكرام من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين لدى دول مجلس التعاون الخليجي في زيارتهم للمقر الدائم لتصحيح وضع الجالية المينمارية المقيمة في المملكة , وأن أنقل إليهم تحيات سيدي صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة وتقديره لجهودهم في هذا المجال .
أيها الحفل الكريم :
لقد شرف الله تعالى المملكة العربية السعودية بخدمة الحرمين الشريفين اللذين هما مهبط الوحي ومنبع الرسالة ومحط أنظار المسلمين في أنحاء المعمورة قاطبة , ومن هذا المنطلق السامي فإنها ومُذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود ومن بعده أبناؤه الملوك البررة ـ يرحمهم الله جميعاً ـ وإلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ـ يحفظه الله ـ تتشرف بنصرة قضايا الأمة الإسلامية على مختلف الأصعدة وكافة الأطر وفي جميع المحافل , حيث تقوم بهذا الواجب الإسلامي استشعاراً بدورها القيادي والريادي في محيط الأمة الإسلامية والعالم أجمع , كما أن دولتنا المباركة حينما تمد يد العون والمساعدة إلى كافة المحتاجين من أبناء الأمة في كل مكان وزمان فإنها تستشعر دوراً آخر مهماً وهو أن الأمة الإسلامية جسد واحد لا يكتمل بناؤه إلا بمثل هذه المبادرات .
وفي هذا السياق فقد تعرض إخواننا الروهنجيون في ميانمار لأبشع أنواع الظلم والاضطهاد والتطهير العرقي وإلغاء هويتهم الوطنية ما أدى إلى تشريدهم وفرارهم بشكل جماعي إلى الدول المجاورة والبلدان الإسلامية ومنها بلاد الحرمين الشريفين حفاظاً على دينهم وأنفسهم وأعراضهم , فبادرت المملكة بنصرة قضيتهم في جميع المحافل الدولية ومع كافة المنظمات والهيئات العالمية ذات الصلة واستقبلتهم واستضافتهم فوفرت لهم سبل الحياة الكريمة كغيرهم من المقيمين على ثراها الطاهر .
وقد حظيت الجالية المينمارية المقيمة في المملكة بتصحيح أوضاعها مُذ أن هاجرت إلى المملكة قبل أكثر من ستين عاماً , ففي عام 1373هـ من عهد جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود ـ طيب الله ثراه ـ تم منحهم إقامات بمهنة (مجاور للعبادة) , وفي عام1380هـ من عهد جلالة الملك سعود بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ صدر الأمر السامي الكريم بمنحهم إقامات بدون جواز سفر , وفي عام 1388هـ من عهد جلالة الملك فيصل بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ صدر الأمر السامي الكريم بتنظيم أوضاعهم واستقبال مجموعة كبيرة منهم لحمايتهم من تلك الأوضاع غير الإنسانية التي يعيشونها , وفي عام 1398هـ من عهد جلالة الملك خالد بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ تم الاستمرار في منحهم إقامات مع بقية المقيمين, وفي عام 1404هـ من عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ تم الاستمرار في منحهم إقامات نظامية , وفي عام 1421هـ من عهده ـ رحمه الله ـ تم منحهم إقامات بسمات أكثر توثيقاً مما سبق , وفي عام 1434هـ من عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ انطلقت عملية التصحيح الشاملة , ولا تزال قائمة حتى العهد الميمون الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ـ يحفظه الله ـ وهي تسير بآليات متحضرة ليس لها مثيل على مستوى كثير من دول العالم .
أيها الحفل الكريم :
تعيش بلادنا الطاهرة في هذا العهد الزاهر نهضةً تنمويةً غير مسبوقة بفضل الله تعالى ثم بفضل اهتمام قائدها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع ـ يحفظهم الله جميعاً ـ وشملت هذه النهضة مختلف مناحي الحياة في جميع مناطق المملكة المترامية الأطراف .
وفي هذا الإطار أطلق صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة رؤيته التنموية تحت عنوان : (مكة المكرمة .. نحو العالم الأول) , وترتكز هذه الرؤية على محورين أساسين هما : بناء الإنسان وتنمية المكان , وتجسيداً لهذه الرؤية الطموحة انطلق مشروع تطوير الأحياء العشوائية بمنطقة مكة المكرمة , وهو مشروع حيوي متكامل من جميع جوانبه عمرانياً وفكرياً وصحياً وتعليمياً واجتماعياً , وكان من نتاج هذا المشروع المتحضر عملية تصحيح وضع الجالية المينمارية المقيمة في المملكة وتتناول عملية التصحيح الوضع النظامي والعمالي والصحي والتعليمي والاجتماعي والأمني والخارجي , وقد تكفلت حكومتنا الرشيدة ـ أيدها الله ـ بمنحهم إقامات نظامية مجانية الرسوم لمدة أربع سنوات وإعفائهم من الغرامات المترتبة على عدم تجديد إقاماتهم لسنوات مضت كما تكفلت بتوفير فرص العمل المجانية والمتحضرة لأبنائهم وبناتهم وتقديم الرعاية الصحية المجانية والرعاية التعليمية المجانية والرعاية الاجتماعية المجانية والتي لا يتمتع بأثرها إلا المواطن السعودي , وهي تقدم كل ذلك لا تبتغي به إلا وجه الله تعالى ثم القيام بدورها الريادي والمحوري في محيط الأمة الإسلامية .
وتفعيلاً لهذا البعد الإنساني والتاريخي لهذه الجالية الكريمة صدر الأمر السامي الكريم بتشكيل لجنة دائمة تختص بدراسة جميع ما يتصل بالجالية المينمارية المقيمة في المملكة وتضم في عضويتها كافة الجهات الحكومية ذات العلاقة .
وقد تجسد هذا التوجيه الكريم في تطبيقه على أرض الواقع بمفهوم الجودة الشاملة في عملية التصحيح والذي يظهر جلياً في مخرجات التصحيح اليومية , ومن أبرزها : رفع تقارير أسبوعية إلى صاحب السمو الملكي مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة عن سير العمل في اللجنة , وعقد اجتماعات دورية للجنة الدائمة لدراسة جميع ما يختص بعملية التصحيح والرفع بالتوصيات إلى جهة الاختصاص لأخذ التوجيه حيالها , وتفريغ موظفين من إمارة المنطقة للعمل في لجنة التصحيح وتكليف مشرف عام على عملية التصحيح لتنسيق أداء الجهات المشاركة في عملية التصحيح وتذليل الصعوبات التي تعتري مجريات العمل اليومية , وتكليف ممثلين للعديد من الجهات الحكومية ذات الصلة بعملية التصحيح للعمل في مقر واحد للجنة التصحيح اختصاراً للجهد والوقت في إنهاء الإجراءات المرتبطة بإصدار الإقامات النظامية , وتجهيز مقر دائم للتصحيح بكافة المتطلبات الفنية والإنشائية والمرافق الخدمية , ودعم لجنة التصحيح بالقوى البشرية اللازمة والأجهزة الكافية , ووضع سمات أمنية ومعايير دقيقة لكبائن التعريف على الجالية المينمارية لتحقيق النزاهة والشفافية وتخصيص مركز معلومات لجميع أفراد الجالية المينمارية يحتوي على نوعين من البيانات الشاملة أحدهما ورقي والآخر الكتروني , وتصميم نظام المشعل الآلي في خطوة نوعية تهدف إلى حوسبة وأتممة إجراءات العمل في لجنة التصحيح ومنها إجراءات إصدار الإقامات وتفويج جميع المستفيدين من كافة مناطق المملكة إلى مقر التصحيح , وتفعيل نظام الأرشفة الورقية والالكترونية , وتكوين (17) وحدة عمل إجرائية داخلية لتيسير وتسهيل الإجراءات على المستفيدين , ووضع قواعد تنظيمية للإجراءات وبناء أدلة إجرائية للعمل , وتحديث آليات العمل بشكل دوري , وتعمل جميع الجهات المشاركة سوياً بروح الفريق الواحد وفق منظومة متكاملة بإشراف إمارة منطقة مكة المكرمة , ومن أبرز الجهات المشاركة : وزارة الداخلية ـ وزارة العدل ـ المديرية العامة للجوازات ـ مركز المعلومات الوطني ـ وزارة الخارجية ـ وزارة العمل ـ وزارة الصحة ـ وزارة التعليم ـ وزارة الشئون الاجتماعية ـ وزارة الشئون البلدية والقروية وغيرها من الجهات ذات العلاقة .
أيها الحفل الكريم :
يحتفي العالم بأسره في هذا العام 2015م بمناسبة ذكرى مرور سبعين عاماً على تأسيس الجمعية العامة للأمم المتحدة , وإن المملكة العربية السعودية وهي عضو مؤسس لهذه المنظمة الأممية ستمضي قدماً نحو آفاق رحبة من الشراكة البناءة لما فيه تحقيق الأمن والسلم الدوليين لجميع الدول , كما أنها ماضية في تفاعلها مع جميع الهيئات وكافة المؤسسات المتفرعة من هذه المنظمة الدولية لما فيه توفير الاستقرار والرخاء لكافة الشعوب وتعزيز قيم العدل والسلام ونبذ العنف والتطرف , ويأتي استقبال وفد من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين لدى دول مجلس التعاون الخليجي في هذا اليوم ترجمة واقعية لذلك التفاعل.
ولا يفوت اللجنة الدائمة لدراسة وضع الجالية المينمارية المقيمة في المملكة أن تتقدم بالشكر لكافة القطاعات التي ساهمت في هذا الإنجاز بشكل مباشر أو غير مباشر على ما بُذل من جهود متميزة هي محل التقدير والتثمين .
وفي الختام نبتهل إلى العلي القدير أن يحفظ ولاة أمورنا وأن يديم الأمن والاستقرار في بلادنا وأن يعم بالخير والبركة جميع أوطان المسلمين , والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
ووجه مستشار خادم الحرمين الشريفين ، أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل ، كافة القطاعات العاملة في مقر التصحيح بتسهيل مهمة الوفد ، وإطلاعه على خط سير العمل في المقر ليقف عن كثب على الخطوات التي تتم في هذا الشأن.
وفي تصريح صحافي ، وصف أمير منطقة مكة المكرمة أن مشروع تصحيح أوضاع البرماويين وتطوير ومعالجة أوضاع الأحياء العشوائية ، بأنها تجربة فريدة، كونها معالجة جذرية للأحياء العشوائية ، لافتا إلى أن من ميزات المشروع عدم اقتصاره على إعادة تخطيط وبناء وعمران الأحياء بطريقة عصرية، بل معالجة مشكلة ساكنيها، معالجة إنسانية وصحية و اجتماعية وعملية متحضرة.
وأشار الأمير خالد الفيصل إلى أن المشروع ، يمثل القيم والأخلاق الإسلامية التي يتميز بها إنسان المملكة قيادة وحكومة وشعبا, منوها إلى أن الدولة تكفلت من خلال التصحيح ، بتطوير الأحياء ، ورعاية إنسانها وتأمين الرعاية الصحية وتكفلت بتعليم شبابها وبناتها ، وتدريبهم للعمل وتأهيلهم للعمل ، أيضا بإيجاد فرص العمل عن طريق وزارة العمل والشركات العاملة في هذه المنطقة .
وجاءت زيارة الوفد الذي كان في استقباله في مقر التصحيح ، وكيل إمارة منطقة مكة المكرمة المساعد للحقوق رئيس اللجنة الدائمة لدراسة وتصحيح أوضاع الجالية المينمارية صاحب السمو الأمير فيصل بن محمد بن سعد أعضاء اللجنة الدائمة المكونة من عدة وزارات وكذا مديرو العموم بالإدارات الحكومية في المنطقة ، بعد أن كرّمت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، المملكة نظير جهودها الإنسانية في تصحيح أوضاع الجالية البرماوية.
وأكدت المفوضية حينها أن جهود المملكة العربية السعودية في هذا الشأن رائدة ويمكن الاستفادة منها ، كذلك تعميم التجربة عالمياً، سيما وأن مشروع التصحيح يحظى بمتابعة القيادة في المملكة ، كونه أحد مكونات مشروع تطوير الأحياء العشوائية في منطقة مكة المكرمة، الذي رفعه الأمير خالد الفيصل للمقام السامي عام 1429هـ، واستهدف جزءٌ منه تصحيح أوضاع الفارين بدينهم ممن قبلت باستضافتهم المملكة.
ووجه الأمير خالد الفيصل في بداية المشروع بإعداد دراسة متكاملة عن وضع الجالية المينمارية، فعُقدت عدة اجتماعات مع مديري الإدارات الحكومية ذات العلاقة بالمنطقة وتمت دراسة وضع الجالية من النواحي النظامية والأمنية والتعليمية والصحية والمهنية والاجتماعية ، وإكمالاً لمسيرة العمل في دراسة وضع الجالية المينمارية تم تشكيل فريق عمل لدراسة وضع الجالية ، وتوحيداً للجهود والدراسات التي تعنى بالتصحيح، صدر الأمر السامي الكريم بتشكيل لجنة دائمة تختص بدراسة جميع ما يتصل بهذه الفئة، وتضم في عضويتها كلا من وزارات الداخلية ، الخارجية ، العمل ، المالية ، وإمارة منطقة مكة المكرمة والمديرية العامة للجوازات وغيرها من القطاعات الحكومية ذات العلاقة ومقرها الدائم إمارة المنطقة.
من جهته أوضح الأمير فيصل بن محمد أن زيارة الوفد التي جاءت بناء على الصدى الإيجابي لإنسانية المملكة في تعاملها مع أبناء الجالية البرماوية ، وهدفت إلى الإطلاع على ما تحظى به الجالية البرماوية المقيمة في المملكة العربية السعودية من رعاية واهتمام من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز يحفظه الله ، مضيفا أن زيارة الوفد هدفت أيضا إلى الوقوف عن كثب ، على آلية سير العمل في المشروع الذي وصفته المفوضية بالرائد ، ما يمكن من تعميم التجربة في دول أخرى حول العالم.
وبيّن سمو رئيس اللجنة الدائمة لدراسة وتصحيح أوضاع الجالية المينمارية أن عدد أبناء الجالية البرماوية المستفيدين من التصحيح منذ انطلاقتها في 4-5-1434هــ حتى الشهر الحالي من العام 1437 هــ بلغ نحو 249938 برماوي ، لافتا إلى أنه تم إصدار أكثر من 123793 إقامة نظامية مجانية .
وأشار الأمير فيصل بن محمد إلى أن أبناء الجالية البرماوية الذين تقدموا للجنة من أجل تصحيح أوضاعهم قدموا من 9 مناطق مختلفة على مستوى المملكة ، موضحا أن المتقدم يمر بعدة مراحل حيث يتم منح المستفيد موعدا لمراجعة لجنة التصحيح ويتم إبلاغه عبر واحدة من ثلاث قنوات هي موقع الجالية البرماوية ، أو الاتصال به عن طريق مكتب شيخ الجالية وأخيرا إبلاغه عن طريق مجلس الأحياء ، ومن ثم يحضر المستفيد للموقع ويتم التأكد من موعده ويتم توجيهه إلى الشؤون الصحية لأخذ 3 لقاحات ضد الدفتريا والحمى الشوكية ثم يسجل اسمه في كرت التطعيم.
وأضاف أنه بعد أخذ اللقاح اللازم يتجه المستفيد إلى كبينة التحقق والتي ميزت بالألوان للتسهيل على غير المتعلمين وهناك يضع الموظف صورة المستفيد وصورة عائلته في الاستمارة وترسل إلى قسم النساء لمطابقة صورة المرأة ثم المصادقة عليها بختم المطابقة وتعاد للمستفيد منوها إلى أن مركز معلومات الجالية يبرمج الاستمارة إلكترونيا ويدرج فيها كافة البيانات المتعلقة بالأشخاص.
ولفت إلى أنه تمت مراعاة ظروف كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة حيث تقدم لهم كراسي متحركة ويكون لهم الأولوية في إنهاء الإجراءات ، كما تقدم للمراجعين الضيافة بالإضافة للخدمات الطبية والأدوية والكشف الأولى والذي يشمل قياس الضغط والسكر ، مضيفا أنه أثناء الاستراحة يستمع المستفيدون إلى توجيهات يقوم عليها مجلس الجالية.
وفي السياق ذاته ، أعدت لجنة التصحيح للوفد برنامج متكامل ، اطلع خلاله على الملامح العامة لمشروع التصحيح وكذا جهود القطاعات الحكومية المشاركة في التصحيح ومهام الوحدات الإجرائية الداخلية المشكلة لهذا الغرض وذلك في مقر التصحيح ، إذ قدم مدير جوازات منطقة مكة المكرمة شرحاً عن دور الجوازات المتمثل في إصدار الإقامات المجانية لأربع سنوات على كفالة الأفراد والمؤسسات والشركات إضافة إلى إعفائهم من الغرامات المترتبة لعدم تجديد الإقامة لسنوات مضت واستثنائهم من بعض الإجراءات التي تحول دون حصولهم على الإقامات .
وزار الوفد موقع فرع وزارة العمل بمنطقة مكة المكرمة حيث قدم مدير فرع وزارة العمل بالمنطقة شرحاً عن دور وزارة العمل المتمثل في نقل الكفالات إلى الأفراد والمؤسسات والشركات وتغيير المهن وتذليل الصعوبات التي تختص بالوزارة وتوظيف أبناء وبنات هذه الجالية في الشركات والمؤسسات على ألا تتعارض مع توطين الوظائف للسعوديين والسعوديات في القطاع الخاص , كما سيطلع الوفد على عدد من القرارات التي من ِشأنها أن تحفز الشركات والمؤسسات على الاستفادة من خدمات أبناء وبنات هذه الجالية.
كما اطلع الوفد على جهود المديرية العامة للشئون الصحية بمنطقة مكة المكرمة ، وقدم مدير عام الشئون الصحية بالمنطقة شرحاً وافياً عن دور وزارة الصحة في عملية التصحيح سيما في المجالات التثقيفية والوقائية والعلاجية ، كما زار موقع الإدارة العامة للتعليم بمنطقة مكة المكرمة واستمع إلى مدير عام التعليم بالمنطقة حول جهود وزارة التعليم في استيعاب أبناء وبنات الجالية المينمارية في المدارس الحكومية والأهلية وتخصيص مكتب إشرافي متكامل لمدارس الجاليات بنين وبنات.
وشملت جولة وفد المنظمة موقع فرع وزارة الشئون الاجتماعية بمنطقة مكة المكرمة واستمع إلى شرح من مدير عام الشئون الاجتماعية بالمنطقة عن جهود وزارة الشئون الاجتماعية في تقديم الرعاية الاجتماعية لبعض ذوي الاحتياجات الخاصة ومشاركة الجهات الخيرية بخدماتها التعاونية في أعمال لجنة التصحيح .
واطلع الوفد على الوحدات الإجرائية الداخلية واستمع خلالها إلى المشرف العام على التصحيح حول مهمة إمارة منطقة مكة المكرمة في عملية التصحيح ومهام كل وحدة ومن أبرزها : وحدة مركز المعلومات الخاص بالجالية المينمارية وأرشيف استمارات التعريف ووحدة لجنة النظر في قضايا التعريف العالقة ووحدة شئون السجناء والموقوفين ووحدة علاقات المرضى ووحدة خدمات المستفيدين ووحدة إجراءات استمارة التعريف ووحدة الشئون الإدارية والمالية ووحدة تنسيق خدمات المستفيدات ووحدة التحكم في تفويج المستفيدين من جميع مناطق المملكة إلى مقر التصحيح .
كما اطلع الوفد على تجربة رائدة من إحدى الشركات المستقطبة لخدمات هذه الجالية من حيث نقل كفالاتهم وتدريبهم وتأهيلهم ثم تأجير خدماتهم لسوق العمل بشكل احترافي ومتحضر يعكس مدى اهتمام الدولة ـ حفظها الله ـ بوضع هذه الجالية وأن تكون إقامتها في المملكة بشكل نظامي في ظل عيش كريم كما هي الحال مع عموم المقيمين في المملكة .
وفي نهاية الجولة شكر وفد المفوضية المملكة على إنسانيتها في تصحيح أوضاع الجالية البرماوية دون الالتفات إلى العرق أو اللون، مثمنة الدور الكبير لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-، ولأمير منطقة مكة المكرمة، نظير الإنسانية غير المسبوقة في هذا الجانب والذي يقف له العالم احتراماً.
وذكر الوفد أن المفوضية تعتزم كتابة تقرير عن التجربة السعودية في تصحيح أوضاع الجالية البرماوية، لتعميمها على الدول الأخرى ومن ثم الاستفادة منها.
وفي ختام الحفل سلم الأمير فيصل بن محمد درعا تذكاريا لرئيس وفد المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين لدى دول مجلس التعاون الخليجي .
كلمة صاحب السمو وكيل إمارة منطقة مكة المكرمة المساعد للحقوق
في حفل استقبال وفد من المفوضية السامية للأمم المتحدة
لشئون اللاجئين لدى دول مجلس التعاون الخليجي في المقر الدائم
لتصحيح وضع الجالية المينمارية في يوم الأربعاء 08/01/1437هـ
الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على رسوله الأمين , وبعد :
أصحاب الفضيلة ... أصحاب المعالي ... أصحاب السعادة
أيها الحفل الكريم :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
يطيب لي أن أرحب بضيوفنا الكرام من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين لدى دول مجلس التعاون الخليجي في زيارتهم للمقر الدائم لتصحيح وضع الجالية المينمارية المقيمة في المملكة , وأن أنقل إليهم تحيات سيدي صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة وتقديره لجهودهم في هذا المجال .
أيها الحفل الكريم :
لقد شرف الله تعالى المملكة العربية السعودية بخدمة الحرمين الشريفين اللذين هما مهبط الوحي ومنبع الرسالة ومحط أنظار المسلمين في أنحاء المعمورة قاطبة , ومن هذا المنطلق السامي فإنها ومُذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود ومن بعده أبناؤه الملوك البررة ـ يرحمهم الله جميعاً ـ وإلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ـ يحفظه الله ـ تتشرف بنصرة قضايا الأمة الإسلامية على مختلف الأصعدة وكافة الأطر وفي جميع المحافل , حيث تقوم بهذا الواجب الإسلامي استشعاراً بدورها القيادي والريادي في محيط الأمة الإسلامية والعالم أجمع , كما أن دولتنا المباركة حينما تمد يد العون والمساعدة إلى كافة المحتاجين من أبناء الأمة في كل مكان وزمان فإنها تستشعر دوراً آخر مهماً وهو أن الأمة الإسلامية جسد واحد لا يكتمل بناؤه إلا بمثل هذه المبادرات .
وفي هذا السياق فقد تعرض إخواننا الروهنجيون في ميانمار لأبشع أنواع الظلم والاضطهاد والتطهير العرقي وإلغاء هويتهم الوطنية ما أدى إلى تشريدهم وفرارهم بشكل جماعي إلى الدول المجاورة والبلدان الإسلامية ومنها بلاد الحرمين الشريفين حفاظاً على دينهم وأنفسهم وأعراضهم , فبادرت المملكة بنصرة قضيتهم في جميع المحافل الدولية ومع كافة المنظمات والهيئات العالمية ذات الصلة واستقبلتهم واستضافتهم فوفرت لهم سبل الحياة الكريمة كغيرهم من المقيمين على ثراها الطاهر .
وقد حظيت الجالية المينمارية المقيمة في المملكة بتصحيح أوضاعها مُذ أن هاجرت إلى المملكة قبل أكثر من ستين عاماً , ففي عام 1373هـ من عهد جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود ـ طيب الله ثراه ـ تم منحهم إقامات بمهنة (مجاور للعبادة) , وفي عام1380هـ من عهد جلالة الملك سعود بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ صدر الأمر السامي الكريم بمنحهم إقامات بدون جواز سفر , وفي عام 1388هـ من عهد جلالة الملك فيصل بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ صدر الأمر السامي الكريم بتنظيم أوضاعهم واستقبال مجموعة كبيرة منهم لحمايتهم من تلك الأوضاع غير الإنسانية التي يعيشونها , وفي عام 1398هـ من عهد جلالة الملك خالد بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ تم الاستمرار في منحهم إقامات مع بقية المقيمين, وفي عام 1404هـ من عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ تم الاستمرار في منحهم إقامات نظامية , وفي عام 1421هـ من عهده ـ رحمه الله ـ تم منحهم إقامات بسمات أكثر توثيقاً مما سبق , وفي عام 1434هـ من عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ انطلقت عملية التصحيح الشاملة , ولا تزال قائمة حتى العهد الميمون الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ـ يحفظه الله ـ وهي تسير بآليات متحضرة ليس لها مثيل على مستوى كثير من دول العالم .
أيها الحفل الكريم :
تعيش بلادنا الطاهرة في هذا العهد الزاهر نهضةً تنمويةً غير مسبوقة بفضل الله تعالى ثم بفضل اهتمام قائدها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع ـ يحفظهم الله جميعاً ـ وشملت هذه النهضة مختلف مناحي الحياة في جميع مناطق المملكة المترامية الأطراف .
وفي هذا الإطار أطلق صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة رؤيته التنموية تحت عنوان : (مكة المكرمة .. نحو العالم الأول) , وترتكز هذه الرؤية على محورين أساسين هما : بناء الإنسان وتنمية المكان , وتجسيداً لهذه الرؤية الطموحة انطلق مشروع تطوير الأحياء العشوائية بمنطقة مكة المكرمة , وهو مشروع حيوي متكامل من جميع جوانبه عمرانياً وفكرياً وصحياً وتعليمياً واجتماعياً , وكان من نتاج هذا المشروع المتحضر عملية تصحيح وضع الجالية المينمارية المقيمة في المملكة وتتناول عملية التصحيح الوضع النظامي والعمالي والصحي والتعليمي والاجتماعي والأمني والخارجي , وقد تكفلت حكومتنا الرشيدة ـ أيدها الله ـ بمنحهم إقامات نظامية مجانية الرسوم لمدة أربع سنوات وإعفائهم من الغرامات المترتبة على عدم تجديد إقاماتهم لسنوات مضت كما تكفلت بتوفير فرص العمل المجانية والمتحضرة لأبنائهم وبناتهم وتقديم الرعاية الصحية المجانية والرعاية التعليمية المجانية والرعاية الاجتماعية المجانية والتي لا يتمتع بأثرها إلا المواطن السعودي , وهي تقدم كل ذلك لا تبتغي به إلا وجه الله تعالى ثم القيام بدورها الريادي والمحوري في محيط الأمة الإسلامية .
وتفعيلاً لهذا البعد الإنساني والتاريخي لهذه الجالية الكريمة صدر الأمر السامي الكريم بتشكيل لجنة دائمة تختص بدراسة جميع ما يتصل بالجالية المينمارية المقيمة في المملكة وتضم في عضويتها كافة الجهات الحكومية ذات العلاقة .
وقد تجسد هذا التوجيه الكريم في تطبيقه على أرض الواقع بمفهوم الجودة الشاملة في عملية التصحيح والذي يظهر جلياً في مخرجات التصحيح اليومية , ومن أبرزها : رفع تقارير أسبوعية إلى صاحب السمو الملكي مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة عن سير العمل في اللجنة , وعقد اجتماعات دورية للجنة الدائمة لدراسة جميع ما يختص بعملية التصحيح والرفع بالتوصيات إلى جهة الاختصاص لأخذ التوجيه حيالها , وتفريغ موظفين من إمارة المنطقة للعمل في لجنة التصحيح وتكليف مشرف عام على عملية التصحيح لتنسيق أداء الجهات المشاركة في عملية التصحيح وتذليل الصعوبات التي تعتري مجريات العمل اليومية , وتكليف ممثلين للعديد من الجهات الحكومية ذات الصلة بعملية التصحيح للعمل في مقر واحد للجنة التصحيح اختصاراً للجهد والوقت في إنهاء الإجراءات المرتبطة بإصدار الإقامات النظامية , وتجهيز مقر دائم للتصحيح بكافة المتطلبات الفنية والإنشائية والمرافق الخدمية , ودعم لجنة التصحيح بالقوى البشرية اللازمة والأجهزة الكافية , ووضع سمات أمنية ومعايير دقيقة لكبائن التعريف على الجالية المينمارية لتحقيق النزاهة والشفافية وتخصيص مركز معلومات لجميع أفراد الجالية المينمارية يحتوي على نوعين من البيانات الشاملة أحدهما ورقي والآخر الكتروني , وتصميم نظام المشعل الآلي في خطوة نوعية تهدف إلى حوسبة وأتممة إجراءات العمل في لجنة التصحيح ومنها إجراءات إصدار الإقامات وتفويج جميع المستفيدين من كافة مناطق المملكة إلى مقر التصحيح , وتفعيل نظام الأرشفة الورقية والالكترونية , وتكوين (17) وحدة عمل إجرائية داخلية لتيسير وتسهيل الإجراءات على المستفيدين , ووضع قواعد تنظيمية للإجراءات وبناء أدلة إجرائية للعمل , وتحديث آليات العمل بشكل دوري , وتعمل جميع الجهات المشاركة سوياً بروح الفريق الواحد وفق منظومة متكاملة بإشراف إمارة منطقة مكة المكرمة , ومن أبرز الجهات المشاركة : وزارة الداخلية ـ وزارة العدل ـ المديرية العامة للجوازات ـ مركز المعلومات الوطني ـ وزارة الخارجية ـ وزارة العمل ـ وزارة الصحة ـ وزارة التعليم ـ وزارة الشئون الاجتماعية ـ وزارة الشئون البلدية والقروية وغيرها من الجهات ذات العلاقة .
أيها الحفل الكريم :
يحتفي العالم بأسره في هذا العام 2015م بمناسبة ذكرى مرور سبعين عاماً على تأسيس الجمعية العامة للأمم المتحدة , وإن المملكة العربية السعودية وهي عضو مؤسس لهذه المنظمة الأممية ستمضي قدماً نحو آفاق رحبة من الشراكة البناءة لما فيه تحقيق الأمن والسلم الدوليين لجميع الدول , كما أنها ماضية في تفاعلها مع جميع الهيئات وكافة المؤسسات المتفرعة من هذه المنظمة الدولية لما فيه توفير الاستقرار والرخاء لكافة الشعوب وتعزيز قيم العدل والسلام ونبذ العنف والتطرف , ويأتي استقبال وفد من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين لدى دول مجلس التعاون الخليجي في هذا اليوم ترجمة واقعية لذلك التفاعل.
ولا يفوت اللجنة الدائمة لدراسة وضع الجالية المينمارية المقيمة في المملكة أن تتقدم بالشكر لكافة القطاعات التي ساهمت في هذا الإنجاز بشكل مباشر أو غير مباشر على ما بُذل من جهود متميزة هي محل التقدير والتثمين .
وفي الختام نبتهل إلى العلي القدير أن يحفظ ولاة أمورنا وأن يديم الأمن والاستقرار في بلادنا وأن يعم بالخير والبركة جميع أوطان المسلمين , والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .