• ×

قائمة

Rss قاريء

أَزِيزُ قدسك!

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
مكة المكرمة . مودة المحمدي . نبراس 

أَزِيزُ قدسك!

لامس جدران المسجد الأقصى وانحنى به ساجداً آمنا، سجد ليقبّل أرضه بكلّ آمان دون خطر جنود اليهود!
استيقظ "فِهْرٌ" من نومه يحدّق بمن حوله لقد كان مناماً يعبّر عن اعتزاز أرضٍ قبّحها اليهود من دنسهم لقرن!
ونداءُ شقيقته يتعالى لقد أُعدّ الفطور، وحين لم تجد استجابته لندائها ذهبت إليه ورأته ضائعاً في خزانة أحذيته مرتدياً البدلة الحربيّة!
- أخي لم تَرتدِ زيّتك الحربيّة أأنت في طريقك إلى أمرٍهام؟! اجتمع جميع أطفال المنزل ملتفين حول أخيهم وبدا الحزن على ملامحهم الطفولية هل ستبتعد عنّا يافهر؟
احتضنهم وقال: لا بأس ياأبطالي الصِغار نائمُ اليوم مستيقظٌ غدا !
تلك الوجوه البريئة لم تفهم المقصد بسبب جعجعةٍ أثارت الفوضى قرب المنزل، عَنِيَتْ أخته ما قال
وبدأ دمع مآقها بالتساقط فوضع أصابعه على خدّها وشحّ شفاتها أي ابتسمي ولا تقلقي!
احتضنها احتضان المودّع الغائب وهمس في أذنها بوصيّته : اجعلي من هؤلاء الصّغار أبطالاً لا يُعْجزون ، ابتسمت وفي قلبها ألمٌ على ذهابه ولكنها كلما ضاقت عليها الأرض تذكرت لهفته وهو يرتدي حذائه الحربيّ ويقول: نائم اليوم مستيقظٌ غدا!
أخذت الشهور تتوارى والأيّام تنقضي ومنزل فهرٍ خالي ممن كان يُؤَمنه! ولا زالت أسئلة الصغار متكررَةً على شقيقتهم : أين فهر؟ لقد وعدني يومُ العيدِ بأن يجلب لي الحلوى؟
أختي أين فهر لقد تأخر كثيراً وأنا لا أجدُ من يقصّ عليّ قصةَ بطلِ الغدِ قبل النوم؟
تعددّتِ الأسئلة وصمت شقيقتهم موضعَ رهبةٍ لأفئدةِ الأطفال! تركتهم قليلاً وخرجت خارج المنزلِ ودمعها يذرف بقسوة! ذهبت واستظلت تحت شجرَةِ الزّيتون
اتكأت برأسها على جذع الشجرة وفي حناياها ألف كلمةٍ للّذي ضجّ الحنين له!
أفسدتُ رقة ما حاكتْ لي أمّي بسبب دمعي الذي لم يتوقف! خيوط الحرير تلك لم تعد كجمالها سابقاً فقد ذبلت من الشوقِ إليك، أصحو بين أهل قريتي ولا أرى أثرك بينهم وهم يسيرون للمعركةِ يرتفع بهم الوغى حاملين معهم أسلحتهم! أسمع أصوات أزِيزَهم فرحين بالنصر ولكني لا أسمع أزيز سلاحك أخِي بينهم! هل استقبلتك ملائكة الرحمة بينما كنت أحمل الطحين إلى إخوتي لأطعمهم؟
لا أدري ولكنّي بدأت أشعر بمراسم العزاء قبل أن يُعلن غيابك! فالجيشُ عرمرمٌ سار أمامي لنهضةٍ أخرى ولم أرك بينهم! أبكي دائماً على جسدك وروحك التي فارقتنا ولكنّي حين أتذّكرُ تتايعك لريحان الجنّة يهدأ رَوِعي وأتبسّم دون شعورٍ منّي!
أخي هددّ أمنهم واهلكهم ذعراً برصاصك، دعهم في غمرات الموتِ متلحلحين على رجوع هُنَيهةٍ ليقدمّوا لحياتهم! احمل سلاحك واسندع إلى كتفك ودع قلبك يردد ((رَبِّ إِنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ)) سر باتجاه قبلتي وفكّ أسرها من أيدٍ مغلولة، أسمعني ترنّم أزِيزك فحين سماعه سَأُسَرُ بأن أركض نحو أَزِيزك وأطهر القدس من نجس دماءِ قومٍ أركسهم الله في قبح أعمالهم!
فهر! تلك القبّةُ الحزينة بانتظار ملامسة جبينك كم رأيت في منامك، غرست فيّ بدن الشهادةِ لأجل فلسطين وها أنا أرددُ نائم اليوم مستيقظٌ غدا !
تلك العبارة التي لم تطرأ على أذهان الصّغار فقد استبدل كلماتها فهر حتى لا يشهد دمعهم في آخر نهارٍ معهم ! ولولا أدمعهم لكانت " مستشهدُ اليوم حيٌّ غدا" فمن ارتقت روحه اليوم حيا غداً على ضفاف الكوثر يرتوي منه!
أخي اشتقتُ إليك ولكن لن يطول اشتياقي فمنكبي حاملُ المشرفيّ قد سرى على قِبلتي لإحياء عزّتي..
للتقييم، فضلا تسجيل   دخول
بواسطة : سمر ركن
 0  0  395

التعليقات ( 0 )