ياقدسُ يا مهوى العاشقين ، يا أول القمرين ، يا قدسُ ،..
فيك تداس سجائر المستعمرين بأحذية المرابطين فيكِ يمطر الشتاء يبلل الجلنار والزيتون ، يا عرس العالم ، أيتها الجميلة ، في رباك الدم فداء وبين حناياك الروح هواء ، وأمام عظمتك يسجد التاريخ ، يسطر حكايةً تكون عنوان كتابه ، الليل في القدس يحضره القمر وتشرف عليه أغصان المروج وحوله تلتف أعلام الرباط .
ووسط الجمال المنسكب بين سكك القدس ، بين العراقة المستديرة حول أضواء الأقصى تنتشر الدماء ، تسقي رايات القدس الظامئة وأنا هناك ، تتعالى زفراتي يرتفع صدري عالياً ثم ينزل ، وتنحدر دمعةً من المقلتين تغطي خداي ، حتى يحترق وجهي الملتهب ثم تتابع الدموع بلا توقف كسباقٍ أبدي ، والأنين يرجف ضلعيّ يهز عروقي ، ويتفجر في أوردتي ويبدأ النزف الحرفي يتبعه انسياب المشاعر التلقائية التي لا تحتاج لزرٍ كي تبدأ .
يمر الليل عليك يا قدس ، تمر العصور بجانبك وتسجد ، يمر الناس حولك يكفكفون دموع الحنين واليتم ، و تزهر حقول الياسمين بينك ، والكل يمضي ، سواك ، أنتٍ باقٍ ، و جمالك في الكون باقي ، ستبقى القدس جميلة يغض الرجال أبصارهم أمام هيبتها وفتنتها ، في القدس كل شيء سيبقى يا عدو الله ، كل شيء . .
اليوم يحرق الأقصى وتنسف جراحه وتسكب دماءه ، ونحن أين !؟ هل غرقنا في فرحة تقبيل عائد بين الحجيج ، أم أننا لا زلنا في زحمة العيد !؟ أم أن جندنا كلهم موتى !؟ لا أظن هناك يا عرب فقط في قلوبنا شيءٌ أهم أنا لا أقول كل العرب فقط أقول ياعرب كي تنتهي غفلة البقية الباقية ، سلامٌ على العروبة إن بقيت الأقصى وحيدة ، و لكنها في الواقع ليست وحيدة لأن الله يعلم ويرى !. .
نحن في صدد معامع حمراء ، تنزف في كل شبر من بلادنا ، تحرق كل خضر في أرضنا ونحن نرى ونقول : الله سيحررها ، الحاكم سيفتحها ، الجندي سينصرها ، الدعاء سينورها .
صحيح كل ذلك مهم ولكن من أقنعنا بضرورة الصمت بضرورة البقاء مكتوفي الأيدي كالبهائم أو يزيد !! لا أفهم بعد كيف يفتخر الواحد منا بنسبه وبعروبته وهو أصلا عربي المسمى فقط غربي الهوى ، غافل طال نيامه !!