يدي مليئة بدمائها و هي ملقاة على الأرض وقتها حنجرتي لم تستطع الصراخ واختنق صوتي بها بغتة لم يكن بوسعي سوى النظر إليها وهي جثة هامدة حينها دخل والدي حجرتنا قائلاً: عزيزاتي... لكنه لم يكمل الحديث بعد مشاهدته لبشاعة هذا المنظر، تلعثمت كلماته وجلس على أريكتنا الحمراء المقابلة لباب الحجرة
مذهولاً وتمتم ثم قال: ما الذي حدث يا سلمى؟ -
لينا قتلت روحها البريئة يا والدي لقد فقدناها ثم سقطت بجانبها و انهمرت دموعي. بعد ذلك ذهبنا للمستشفى وأثبت الأطباء بأنها حالة " انتحار " واستدعوا الشرطة للتحقيق في هذه الحادثة . سألوا بعض الأسئلة وكنت أجيب نظراً للصدمة التي تعرض لها والدي إثر انتحار لينا،
مرت الأيام والشهور ولا زال الكَمَد يتوسط منزلنا ، أما أنا تحديداً فحالتي تدهورت ولم أكن على ما يرام فلم أذق حلاوة النوم البتة وباتت تراودني الكوابيس المزعجة ليلاً و نهاراً ، اشتهيت الموت مراراً وتلاشت روحي ولم أستطع ترميمها، و بعد فترة وجيزة كنت نائمة كعادتي في وقت الظهيرة دفع والدي باب حجرتي بقوة مبالغٌ فيها ففزعت من سريري لأرى ما الأمر، فإذ بي أشاهد ملامح والدي الغاضبة حاملاً بيده مذكرة وردية صغيرة و نظراته موحية للأشمئزاز والتقزز،
صفعني وصرخ بي قائلاً: لما أوصلتيها لتلك الحالة !! لما جعلتها تفارق الحياة بسببك!!
ثار جنوني وغضبت فصرخت وقلت: تستحق إنها تستحق أكان يجدر أن تبقى على قيد الحياة وتبقى حياتي هذه مهشمة ومحطمة و هي تلفظ أنفاسها؟!،
أيعجبك بأن ترمي بطموح أختها الكبرى لتحقق غاياتها اللعينة وتجعلني بلا معنى وبلا هدف!! ابتسمت ساخرة ثم أكملت: ما كان عليها أن تسرق حق غيرها-
لمِ كل هذا الحقد يا قاتلة ما السبب وراء ذلك؟! أخبرت والدي بقصتي وكيف أني تعرفت على شاب أثناء دراستي في المرحلة الجامعية وعن نيته الجادة بالزواج مني إلا أن كل شيء ذهب أدراج الرياح بسبب محاولات لينا في التودد إليه وكسب حبه حتى يغض البصر عن أمر الزيجة،
أخبرته كيف أني دفعتها للانتحار وذلك بتهديدي المتكرر لها ولمعرفتي بأنها قد قضت ليلة برفقة ذلك الشاب فلم تحتمل وغادرت الحياة.
اتصل والدي بالشرطة وأخبرهم بتفاصيل كل الحكاية و أنا الآن أكتب قصتي هذه خلف القضبان الحديدية و نادمة جداً عما اقترفته في حق عائلتي وحق والدي الذي هجرني، حتى بقيت هنا بمفردي وحيدة.
.................................
حينما تطلق سراح عواطفك المتأججة وتلقي بعقلك خلف أوصاد تتحكم فيك لاشك بأن الوحدة والندم سوف يكونا رفيقان دربك فبنزواتك الضئيلة والإهراع نحوها دون تفكير وحلم ستوهيك تلك الغرائز حتى تتلاشى قيمك ومبادئك وفطرتك السليمة ، ويبقى صوت الضحكات العائلية يتناسل لمسامعك ولكن بعد فوات الأوان فحب الأسرة وترابطها أعظم من
تلك النزوات المؤقتة التي تهواها وتميل لها النفس.و أخيراً ،
متى ما كانت أواصرك مع الله قوية و وثيقة فلن يخدشها الفتور ولن تصبح عاطفتك أقوى مهما حدث.
......... ........
الباخعه : القاتلة . المهلكة