بدأَ موسمُ قريتي في طقوسه وهو موسم
" نهرُ الحظّ الصّخريّ" في هذا الوقت من العام تتجمع الفتياتُ التي يردن أن يحالفهن الحظّ في حياتهنّ أياً كان ! فكلٌ منهنّ ترتدي فستانها الذي حاكته لها والدتها فتسير على الصّخورِ عابرةً النهر دون أن تهوى وتتهاوى زهورها! دائماً ما كنتُ أقذفُ الحظّ بأنّه شائعةٌ ليس إلاّ، و لأنّي فتاةٌ ترعرعت في أجمل قصرٍ في تلك القرية أبى كبريائي أن يؤمنَ لوجودِ الحظّ السيئ في هذه الحياة!
طالَ الزمن ولمْ أرى فتياتٍ أتغرّ من بينهن في فخامةِ ملبسي ومشيتي، فقررتُ أن أشارك في عبورِ النهر هذا العام لأنّي لا أشكّ بأن لا تكون من صالحي الصوْلة!
حتّى ما جاءَ دوري نهضت قدمايَ على حذائها البلوريّ و صعّرتُ خدّي عن جميع تلك الفتيات ساريةً بباقتي الزرقاء!
سألوني عمّ يدورُ محورُ حظّك؟
أجبتُ بأعينٍ متقلقلة: لمْ يُنقص الحظّ شيئاً ممّا أُريد ولكنّي أتيتُ لأعلن لكم أنّ الحظّ فقط وإن يكن فهو للأمراء!
عبرتُ النهر مرتديةً فستاناً من إحدى فساتين الزفاف البيضاء الخاصّة للأميرات، ويمناي حاملةٌ باقةً زرقاء، في دائرة الكون كنتُ أميرةً لمْ يُخلق أميرها بعد!
تشابهت زهورُ باقتي بزهورِ إكليلِ شعري الأسود، بالورد الأزرق سُرّجت خصلات شعري وذيلُ فستاني، حتّى إن تخالطت مياه النهر السمائية ببياض فستاني أصابَ بريقها الأسماك فتنةً لذاك الجمال! ولكن سريعاً ما ارتفع منسوبُ النهرِ فرضخ رقّتي الأنثوية! سريعاً أدركتْ أنّه لكمْ من المؤلم أن أعبرَ ذاك النهر وحدي، وأنا ذاتُ الفستان الأبيض دون مساعدةٍ من أحد حتّى يرفع لي فستاني فأميّز الصخور فلا تكبوا قدماي فأعلق وحيدة، عبوري هذا النهر علمني الكثير قدْ كنتُ أميرةً جذابة واكتملتْ زينتي ولكن لم يأبه لي أحد!
لم أستطع أن أصرخ فأطلب النجدةَ من أحدهم ففي مولدِ الأمراءِ يُرضعون الإناث مُذْ صغرهم شراباً لا يسمحُ لهم بأن يرفعوا من أصواتهم عالياً طلبا للنجدة، اعتقاداً بأنّ الأميراتِ قد أعفتهم الدنيا من نوائبها الشّاقة!
هنا على صخورِ نهر الحظّ أدركتُ بأنّه وإن ولدَ الحظّ معي وبات في سريرِ طفولتي سيأتي اليوم الذي أكبوا فيه أمام مرأى البشر! أفسدَ النهرُ خصلات شعري حين تعالى فجآةً دونَ إذنٍ منّي! نعمْ كأميرةٍ لمْ يُفعل أيِ شيء لي دون سابقِ إذنٍ منّي! بعد تلك الكبواتِ التي لم أتهاوى بها داخل قصري أعلمُ بأنّ حياةَ الأميراتِ مثلي في خطر!
ظننّا بأنّه لا وجودَ للحظّ السّيء حين تحدّث عنه أقلّية الناس ممن قُدّر عليهم مُسكةُ الرزق، وأنه عقدٌ في أعناقنا مالكاتِ له فلن يسلبه منّا أحد!
لكنّ طقوس هذا العام أفاقتْ من تكبرّي الكبير، كنتُ الأجمل من بينهنّ ولكن سريعاً ما أفسدتُ المياه ذوائبي!
تراقصت خطوتي تبختراً بجرمي النحيل ولكن تلك الرقصة لم تَدُم فقد كبوتُ على صخرِ نهر الحظّ السنويّ!
دائماً ماكنتُ أودّ عبور النهر في كاملِ زينتي على مرأى الكثيرين، وها هي اليوم كبوتي أُعلنت أمامهم أجمعين!
كنت أرى بأنِ الحظّ لم يخلقْ إلا لذوي الملوك! كبوتُ وأيقنتُ أن الحظّ ما خُلق إلاّ لينبأنا أنّه ليس ملكٌ لأحد!
إذا ظننتَ بأنّ أذيال الحظّ معلّقةٌ في ثوبك إيّاك وأن تتلّفت إلى ظهرك فتكفر بهذه الأذيال ربّما سيوقعك الحظّ سبباً لكفرك ولكنّه ينتظرك حين تكونُ على مرأى الكثيرين!
في موسمِ نهر الحظّ الصخريّ أعلن الجميع عبوره تقديساً للحظّ، وعبرتُ دون أن تزيغ عيني لحديثِهم فأعلن الحظّ سخطه عليّ بأن أفسد من مظهري ثمّ قال: ربّما كلّ شيءٍ كان له مالك، لقدْ بتِّ في قصرٍ تراقصت شموعه حول سريرك معلنةً لك الحظ الباسم، هنا وهناك خولٌ ما إن هُزّ رمشُك أتو خاضعين مُلبيّن لك! لقد مكثتِ في قصرٍ يحفّه السّعادة و مكثتُ معك لكنّي جعلتُ التخلّي عنك في هذا اليوم أمام مرأى الجميع حتى أعلنُ لك سيدتي بأنّه لا يُمكنْ وأن يتملكني أحد!!