لا يأخذنا في جنودنا ووطننا وكل من يساهم في نهضة هذا الوطن ؛
لومة لائم ،
لـكَم أغدقنا جنودنا بالكلمات والهتافات والمشاعر
ولكم هللنا للوطن حب وكتابات وغناء كلما آنسنا منه خيراً وَ كرم ،
ولو لم نكن نشعر حقاً بالعرفان والحب ما صدرت منا كل هذه المشاعر
في هيئة شكر و أغاني و أوسمة و هدايا ،
في حين أنه يسكن الجهة الغير مرئية في الوطن
آخرون ، بعيدين كل البعد عن كاميرات المراقبة و الإعلام ،
بعيدين عن كلماتنا و أوسمتنا و اغنياتنا ،
لأنهم منهمكين تحت وطأة الشمس و حرارة الطقس في تأمين النظافة لكل الأمكنة وَ السلامة في منعطفات الطرق ،
عُمال النظافة ، عمال الطرق ، عمال الأراضي ؛
كنتُ لأنتظر حتى اليوم الذي خصص لهم لشكرهم ولكن في الحقيقة
لا يسعني الإنتظار لأنني أجدهم كل يوم
أستشعر جهودهم كل يوم
يكدحون كل يوم ، يناضلون كل يوم ، فلا أوافق أبداً أن نخصص لهم على سبيل المجاملة لشكرهم مجرد يوم !
استوقفني موقف مع أحد هؤلاء حيث كنتُ أقف بإنتظار سائقي
و إذ بأحد عمال النظافة يستلقي على مكب نفايات مـنهكاً عَطِشاً
تضرب في رأسه الشمس ، وليست بأول مرة يحزنني موقف كهذا ،
لكن قسوة البعض على هؤلاء و عدم استشعار الجهد والتعب الذي يبذلونه ، هو المُحزن و المـنهِك أكثر من حرارة الطقس والشمس ،
إذ بلا أية إحساس يُلقي بنفاياته على الأرض ليأت هذا المسكين و يلملمها من الطريق و يأت آخر ليُلقي بزجاجة عصير شبه ممتلئة ليعود مرة أخرى عامل النظافة ويُميطها عن المكان ،
صحيح أنها مهنته ، وصحيح أنه واجبه لكننا كاخوة مسلمين رحماء ببعضهم يتوجب علينا في غمرة هذا الموقف إعانته و سد ضمؤه لو بقارورة ماء لا تكلف الكثير ،
لا يختلف عنهم عمال الطرق ، و الأشد إنهاكاً و جهد من أولئك ،
الشمس تصب فوق رؤوسهم و هم يناضلون لتصليح الطرق و الشوارع ، مالضرر لو أن أحد المارّة تصدق على هؤلاء بالماء والعصير ، هل سيكلف هذا الكثير ؟
أقلّها فلنقف أمامهم لنبتسم في وجوههم ونشكرهم و نمضي ،
قد يترك هذا الأمر في نفوسهم الكثير ،
ويزرع في قلوبهم حب هذا العمل واتقانه ،
هم جنودنا المجهولين ، هؤلاء العمال الذين نجهل أسماءهم و أشكالهم
لا نعرف عنهم سوى أن جهودهم تكاد تُغاير جهود المحاربين هناك ،
بل و تتعدى جهود بعض الرؤوساء الذين يسكنون المكاتب الكبيرة
و أجسادهم تتنعّم في الهواء البارد يلقون الأوامر فحسب ،
هؤلاء هم الجنود الحقيقين الذين أمنوا لنا الراحة و نظافة المكان ، و تكفلوا بتنظيم طرقاتنا لنسير فيها بكل أمان ..
شكراً أيها الجندي ..
شكراً لكل جندي ،
كل الإمتنان لهؤلاء و للذي استوقفني تحديداً و استشعرت برؤيته
مدى تعب هؤلاء و جهودهم ، وكيف أننا مهما كنا نظل
في نعمة عظيمة و خير كثير .